العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ

الهاتف الذكي للمستخدم الذكي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في ردة فعل كانت شبه متوقعة، لزيادة حصتها في سوق الهواتف المحمولة، التي تتأرجح بين 38 في المئة و40 في المئة، بعد المنافسة الشديدة التي فرضتها عليها شركتا ريم (RIM)، بباقة من هواتف البلاكبيري المتطورة، وأبل، بإطلاقها «آيفون 4»، أعلنت، شركة نوكيا عن عزمها على إطلاق « ثلاثة هواتف محمولة ذكية جديدة». ولم تكتفِ نوكيا بهذه الخطوة الإنتاجية فحسب، بل رافقتها أيضاً إعادة هيكلة إدارية، حيث قبلت استقالة «مديرها التنفيذي ورئيسها، واستقالة أقوى مرشح من داخل الشركة لتولي منصب الرئيس التنفيذي، بعد اختيار شخص من الخارج لتولي المنصب».

وبهذه المناسبة، صرح رئيس وحدة الأسواق في «نوكيا» نيكلاس سافاندر قائلا: «نتقدم اليوم مرة أخرى لقيادة تحولات إلى درجة أعلى». والهواتف الذكية التي تتحدث عنها نوكيا هي من طراز، اي7 وسي7 ونسخة جديدة من سي6، وسوف «تصدر جميعها بشاشة كبيرة تعمل باللمس وتستخدم أحدث برمجيات سيمبيان».

ما يجري من تحولات في مواصفات وأداء الأجهزة في سوق الهواتف المحمولة اليوم، بانتقالها من الأجهزة العادية البسيطة، التي لاتتجاوز خدماتها الاتصال، وإرسال الرسائل النصية القصيرة، والاحتفاظ بقائمة الاتصالات، وحفظ المكالمات التي لم يجرَ الرد عليها، إلى تلك التي تؤدي وظائف «روبوتية»، شبيهة، إلى حد بعيد، بتلك الطفرة في الأداء التي شهدتها صناعة السيارات في الربع الأخير من القرن الماضي، والتي هي الأخرى، انتقلت من السيارة العادية البسيطة، بالمواصفات الأساسية، إلى تلك المعقدة الذكية، حيث لم يعد الأمر محصورا في مركبة آلية بعجلات أربع تسير فوق الطريق، بل أصبح تطوير المواصفات والأداء صناعة في حد ذاتها، حتى بتنا نرى نوعين من السيارات، العادية والذكية. استتبع ذلك بطبيعة الحال تحولات نوعية في صناعات أخرى لها علاقة بصناعة السيارات، فشهدنا تعدد أنواع الوقود، الذي أصبح منها الجيد والممتاز، بل والخالي من الرصاص (Lead Free)، كما تطورت، تلبية لنوع السيارة، الطرق التي تستخدمها السيارات، فهناك الطرق السريعة التي تتطلب من راكبها سرعة معينة ليس في وسع محركات السيارات العادية الوصول لها، كما تطور الأمر ليصل إلى حظر سير سيارات معينة على بعض الطرق في أوقات معينة. هكذا لم يعد من يريد أن يقتني سيارة ذكية أن يختار مركبة بأربع عجلات فحسب، بل عليه، وكي تكون عملية الشراء مجدية، أن يحدد بدقة الوظائف التي عليها تأديتها، فقد بات لكل وظيفة ثمنها الذي قد يكون باهظاً.

كذلك الأمر بالنسبة للهواتف المحمولة، التي عرفت صناعتها تطورات نوعية كبيرة، وبوتائر سريعة، مكنتها من مد من يحملها بالكثير من الوظائف التي، قد لاتكون متوافرة حتى في الحواسيب المحمولة. على سبيل المثال ما أعلنت عنه مؤخراً شركة مايكرون (Micron) عن عزمها على إنتاج رقاقات مصغرة تمد الهاتف الذي يحملها على إسقاط (Project) الصور أو حتى الأفلام على أي سطح متوافر، بما في ذلك جدران خيمة منصوبة في الصحراء. هذا يعطي مستخدم الهاتف المحمول الذكي أن يتخلص من حاجز المكان، فلم يعد مضطراً لأن يبقى قريباً من دار الخيالة التي تعرض الفيلم الذي يرغب هو او احد افراد عائلته مشاهدته، او حتى الزمان، لكون إحدى محطات التلفزة ستعرضه في وقت محدد.

تماماً كما فرضت مواصفات السيارة الذكية نفسها على صناعات أخرى، كذلك أجبرت الوظائف التي توفرها الهواتف الذكية الصناعات الأخرى على الارتقاء بالخدمات التي توفرها، فوجدنا شركات خدمات الإنترنت تنصاع لتقديم خدمات الاتصال ذات النطاق الواسع السريع، بأسعار معقولة، وبتغطية جغرافية شاسعة كي تلبي تنقلات حملة الهواتف الذكية، كذلك الأمر بالنسبة لصناعة الأجزاء (Accessories)، فوجدنا صناعة الشاشات الكبيرة والعاملة باللمس. ولم يكن في وسع شركات صناعة البرمجيات أن تكون بعيدة عن ميدان المنافسة، فبعد أن كانت برامج التشغيل محتكرة على شركات صناعة المحمول مثل نوكيا، وأريكسون، ومترولا، وجدنا عملاقة البرمجيات مايكروسوفت تدخل السوق بقوة ببرنامج «وندوز» خاص بالأجهزة المحمولة، بل وتضطر إلى إصدار نسخ جديدة منه، كي تستطيع اللحاق بمتطلبات مستخدمي الهواتف النقالة الذكية. واستطاعت أبل أن تستعيد موقع الريادة حتى في أسواق أسهم شركات تقنيات المعلومات، بعد إطلاقها الجيل الرابع من أنظمة التشغيل (Iphone 4).

ولم تكن شركات صناعة الهاتف المحمول بعيدة عن تلك التطويرات، فوجدنا شركة إل جي (LG) تطلق هاتفها الجديد من طراز «GD510» الذي يعمل بالطاقة الشمسية، حيث يساهم غطاء هذا الهاتف، كما تقول المراجعات لمواصفاته «في توفير الطاقة خلال الاستخدام اليومي كما يساعد أيضاً المستخدم في الحالات الحرجة التي يحتاج فيها إلى شحن البطارية خارج المنزل أو أماكن العمل».

كما تناقلت وسائل الإعلام خبر قدرة الهواتف الذكية المستقبلية على قراءة حركة الشفاه، وتحويلها إلى أصوات مسموعة يتلقاها الطرف الآخر، حيث يسمح الهاتف الذكي المحمول القادم للأشخاص بإجراء محادثات هاتفية صامتة، ويمكن للجهاز تسجيل هذه النبضات حتى إذا لم ينطق الشخص كلماته بصوت مسموع ويحولها إلى جهاز آخر يقوم بصياغة الحديث». يجري ذلك «بتمرير النبضات الكهربائية بعد ذلك إلى جهاز يسجلها ويضخمها قبل تحويلها عن طريق بلوتوث إلى جهاز كمبيوتر محمول حيث يتم ترجمة هذه الاشارات إلى نص يمكن قراءته».

وأخيراً، وللمديرين الذين يرغبون في مراقبة أداء موظفيهم، دون أن يشعر هؤلاء الآخرون بهم، نجحت شركة «كي دي دي آي» (KDDI) اليابانية في «تطوير تقنية جديدة لهاتف محمول تمكِّن المهتم من تتبع حتى أدق التحركات التي يقوم بها مستخدمه، ومن ثم يقوم بإرسال المعلومات التي يتم الحصول عليها إلى مقر الشركة أو الجهة المهتمة بمعرفة مثل هكذا تفاصيل. وتعمل التقنية الجديدة من خلال تحليل حركة جهاز التسارع الموجود في العديد من أجهزة الهاتف الخليوي في العالم».

وكما كان على مالك السيارة الذكية ان يحدد مواصفاتها بدقة تحاشياً لتبذير أمواله، كذلك الأمر بالنسبة لمشتري الهواتف المحمولة الذكية، الذين عليهم أن ينفقوا أموالهم بذكاء بدلاً من تبذيرها لهثا وراء «الموضة». لكننا أيضا، وكما لانزال نشاهد اليوم الكثيرين ممن يستمتعون ويستفيدون من سياقة السيارات العادية «غير الذكية»، كذلك الأمر بالنسبة للهواتف، فرغم كل ما أشرنا إليه من خدمات متطورة، لا نزال نشاهد من يستمتع ويصر أيضا على الاكتفاء بهاتفه البسيط «غير الذكي»، القادر على تلبية احتياجات حامله، وبكفاءة عالية، بالنسبة للوظائف التي يتطلبها ذلك المستخدم «الذكي».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:13 ص

      هواتف ذكية لمن

      أكثر الناس هنا حسب خبرتي في هذا المجال لا تستخدم كل الميزات المتوافرة في الهاتف العادي فما بالك بالذكي , فنرى الاطفال بيدهم تلك الهواتف ولا يمارسون منه الا الالعاب والنغمات .
      فلو تصدر نشرات أو مجلات خاصة بالهواتف ومميزاتها لكائن خدمة للناس .

    • زائر 1 | 11:23 م

      لكل تقدم وتقنية منهجيه وإسلوب

      إن ما يتم من طرح في سوق المنتجات التقنية واجهزة اتصال يتم له منهجية وفوائد لكن هنا يجب توضيح مساوىء إستخدام الجهاز .... مع تحيات Nadaly Ahmed

اقرأ ايضاً