العدد 1030 - الجمعة 01 يوليو 2005م الموافق 24 جمادى الأولى 1426هـ

أم المشكلات

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

ماذا بعد الهدوء النسبي الذي طغى على السياسة الأميركية في الشهرين الأخيرين؟ هناك أكثر من احتمال. عاصفة هوجاء تقوض ما تبقى من حلقات تصنفها واشنطن في خانة "دول الشر". مواصلة الهدوء بحثا عن مخرج للانسحاب من ورطة وقعت الإدارة الأميركية فيها. إعادة النظر في الاستراتيجية الهجومية ومحاولة الاستفادة من النتائج السياسية التي تحققت انطلاقا من تكتيك جديد يجمد الوضع القائم على حاله انتظارا لما ستسفر عنه تداعيات الأزمة العراقية.

ثلاثة احتمالات متوقعة وهي تتراوح بين سياسة "الهروب إلى الأمام" واستكمال ما تبقى من حلقات في استراتيجية "الحروب الدائمة". أو "الانسحاب من الورطة" وترك الأمور تتضارب داخليا وإقليميا لتستقر على توازنات غير معروفة. أو "البقاء في المكان" وعدم التقدم أو التراجع انتظارا لصيغة تفاهمات جديدة تعيد ترتيب أوضاع المنطقة تحت سقف "لا غالب ولا مغلوب".

كل الاحتمالات واردة إلا ان الثابت هو أن إدارة جورج بوش أخذت تعيد النظر في حساباتها وبدأت تقرأ استراتيجيتها من جديد من دون أن تنتقد تلك الأخطاء التي ارتكبتها في السنوات الخمس الماضية. فالإدارة أخذت تلاحظ أن حسابات "الكمبيوتر" الدقيقة على الشاشات لا تتوافق في فرضياتها الكثيرة مع معادلات الواقع وتعقيداته. إلا أن الملاحظات لاتزال بدائية في تفكيرها ولم تتطور حتى الآن إلى مستوى القراءة النقدية.

عدم استعداد إدارة واشنطن إلى تطوير منهجية التفكير إلى مرحلة أعلى "نقد الاستراتيجية" يحمل في طياته احتمالات سلبية كثيرة لأنه يفترض ضمنا أن إمكانات النجاح لاتزال واردة إذا أعيد النظر في بعض التكتيكات الميدانية. فالرئيس الأميركي لايزال يتمسك باستراتيجيته ويدافع عن سياسته معتبرا أن العثرات التي وقعت فيها واشنطن تتحمل مسئوليتها "دول الجوار" وتحديدا إيران وسورية. وبالتالي يمكن أن نقرأ في ذاك الثبات "التجمد" الايديولوجي مجموعة عناصر سلبية لاتزال تهيمن على تفكير الإدارة وربما تقودها إلى مزيد من التورط بذريعة إنقاذ ما تبقى من "نجاحات" في العراق.

الهدوء الأميركي في الشهرين الأخيرين لا يبعث على الاطمئنان. فالهدوء لم يظهر بسبب إحساس الإدارة بوطأة ما ارتكبته من أخطاء مميتة في العراق أو أفغانستان وفلسطين بل ربما يعود إلى نوع من الانتظار المؤقت لرؤية ما ستظهر عليه صورة الواقع بعد الانتخابات اللبنانية والانتخابات الإيرانية... وربما مؤتمر حزب البعث في سورية.

فترة الانتظار التي امتدت قرابة الشهرين كشفت عن حسابات لا تتطابق تماما مع تلك التصورات التي أنتجتها شاشات "الكمبيوتر". فالواقع كما ظهر ديمقراطيا لا يتناسب مع تلك التطلعات التي توقعت تحققها ميدانيا مجموعة قراءات تبين لاحقا أنها خاطئة أو على الأقل ليست دقيقة.

ماذا ستفعل الإدارة الأميركية الآن بعد انقضاء فترة الهدوء النسبية؟ الخيارات قليلة وهي في مجموعها العام ليست بعيدة عن تلك الاحتمالات الثلاثة. فهي إما أن تستكمل المغامرة وتبدأ بالهجوم "الضرب من بعيد"، وإما أن تنسحب تاركة القوى المحلية والإقليمية تتضارب حتى تستقر المنطقة على معادلة غير واضحة في هويتها السياسية، وإما أن تكتفي بما حققته من نتائج وتبدأ بإعادة ترتيب أوراق المنطقة تحت مظلة نفوذها.

الخيارات أيضا مفتوحة على الاحتمالات الثلاثة لكن المرجح هو أن الولايات المتحدة ليست الآن في وارد الانسحاب حتى لا يعتبر الأمر بداية هزيمة لمشروعها.

يبقى على واشنطن أما الهجوم "الانتحاري" دفاعا عن مصالح يصعب على إدارتها التخلي عنها من دون مكاسب تضمن أمنها الاستراتيجي. وإما البقاء "المراوحة في المكان" ومحاولة استثمار ما حققته من كوارث "الفوضى البناءة" والبناء على تلك التداعيات "تقويض العراق وزعزعة استقرار المنطقة" لإعادة ترتيب مصالحها تحت مظلة الاستراتيجية الأميركية.

من الصعب التكهن بالاتجاه "الهجوم أو البقاء" نظرا إلى العقلية الشريرة التي تسيطر على الإدارة. فالوقائع تشير إلى مشكلة تواجه أميركا، بينما بوش ينظر إلى تلك الكوارث وكأنها إنجازات وانتصارات. وهذه أم المشكلات

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1030 - الجمعة 01 يوليو 2005م الموافق 24 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً