العدد 1034 - الثلثاء 05 يوليو 2005م الموافق 28 جمادى الأولى 1426هـ

تنمية وعمالة ورواتب

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

لا شك في أن التنمية البشرية تمثل التحدي الأبرز الذي نواجهه في السنوات المقبلة. فإزاء التطورات المستجدة الاقليمية والعالمية لم يعد بالامكان الحديث عن اعداد الكوادر البشرية التي تلبي احتياجات التنمية وأسواق العمل بالطرق التقليدية التي كنا نتحدث عنها قبل 10 سنوات. وللأسف فاننا لم نواكب هذا الجانب بعد، اي جانب توفير الكوادر البشرية التي يحتاجها اقتصاد ما قبل عصر الانفتاح والعولمة، فكيف لنا الحديث عن توفير متطلبات التنمية البشرية مع بداية هذا العصر وما بعده؟

فمن الواضح إذن ان التحديات التي نواجهها بهذا الصدد هي تحديات مضاعفة ومعقدة وبحاجة الى جهود غير اعتيادية وأساليب غير تقليدية. اذا هل نحن تمكنا من تحديد هوية اقتصاداتنا لعصر العولمة واي القطاعات التي سنعتمد عليها بشكل اكبر وكيف سيكون تأثيرات الانفتاح الاقتصادي على إعادة تكييف دور وحجم كل قطاع من القطاعات، وهل هناك استراتيجيات تنموية بديلة، وهل وضعت الخطط والبرامج، وهل تم التخطيط لهوية التنمية البشرية وبرامجها واستراتيجياتها؟ وما الدور المتوقع الذي ستظل تلعبه العمالة الاجنبية في استراتيجيات التنمية الجديدة؟ إنها جميعها أسئلة افتراضية تتطلب الإجابة عليها بصورة او بأخرى حتى نتمكن من الارتقاء إلى مستوى التحدي الذي يواجه التنمية البشرية في بلادنا.

ان العمالة الأجنبية في دول الخليج تستنزف في الوقت الحاضر ما يقارب 40 مليار دولار سنويا من أموال المنطقة سنويا على هيئة رواتب فقط. وسيرتفع هذ الرقم الى نحو 70 مليار دولار اذا ما تم الاخد في الاعتبار مصاريف وخدمات الإعاشة من مدارس ومستشفيات ومسكن. الا اننا نعتقد ان هذا الرقم على رغم أهميته فانه يعتبر رقما متواضعا جدا ولا يمثل حقيقة الأرقام المستنزفة من أموال دول المنطقة. فنحن نعرف اليوم تماما ان عشرات بل مئات الآلاف من العمالة الاجنبية تشتغل في المهن الحرة والتجارة والاعمال اليدوية الاخرى سواء تحت غطاء "الفري فيزا" او بمشاركة ومعاونة الوكيل نفسه.

وقبل أيام قرأنا مقالا يلقي بعض الضوء على كيفية ادارة الاعمال الحرة التي تتولاها العمالة الاجنبية على طريقة عصابات المافيا العالمية إذ يتم ايصال تمويلات من الخارج لمساعدتها على التوسع والانتشار السريع ثم يتم تهريب الاموال بالسرعة الممكنة وتبقى هذه الاعمال معتمدة على التسهيلات الائتمانية والشراء بالأجل من دون الالتزام بأي شي ازاء السوق المحلية. واذا ما اخدنا هذا الجانب في الاعتبار علاوة على المصاريف الكثيرة الاخرى غير المباشرة مثل النفقات الخاصة بتدريب وتأهيل العمالة الاجنبية وخصوصا وزير العمل البحريني يقول في هذا الموضوع: ان دول المنطقة باتت من اكبر المناطق العالمية تأهيلا وتدريبا للعمالة الوافدة، فلنا ان نتخيل كم سيتضاعف حجم تلك الاموال المستنزفة بحيث لن تقل بأي حال من الاحوال عن 100 مليار دولار سنويا.

وفيما يتعلق بالتنمية البشرية أيضا، فقد بات من المطلوب بشكل ملح إعادة النظر في مستوى الرواتب والأجور للشرائح الاوسع في الكثير من المجتمعات الخليجية التي ظلت تمتهن الوظائف الحكومية أو الانشطة التجارية والصناعية والتقاولية وربما نستثني الكثير من الوظائف المصرفية وخصوصا الاوفشورية. أننا واثقون بأن أي رصد تاريخي مقارن لمعدلات نمو الدخل الحقيقي لهذه الشرائح مع معدلات نمو النفقات مع الاخد في الاعتبار تطور مظاهر الحياة الاجتماعية ستكون نتيجته واضحة. وكمثل بسيط هو ما اعلنه الجهاز المركزي للاحصاء في البحرين عن تفوق مصاريف المواطن البحريني على دخله السنوي.

وأخيرا لعله من المفيد ان نكرر هنا أن تشغيل المزيد من العمالة الوطنية ضمن عجلة الاقتصاد الوطني يعني تعظيم القيمة المضافة للاقتصاد الوطني بشكل أكبر لان الرواتب والأجور والنفقات الاخرى سيعاد إنفاقها أو استثمارها محليا. كذلك فان تشغيل الميز من العمالة الخليجية والعربية ضمن عجلة الاقتصادات الخليجية يعني تعظيم القيمة المضافة للاقتصادات الخليجية والعربية وتعزيز آفاق التكامل الاقتصادي الخليجي- العربي وهذه أهداف استراتيجية يجب اخدها في الاعتبار لدى التخطيط للتنمية البشرية في البحرين وبقية دول المجلس

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1034 - الثلثاء 05 يوليو 2005م الموافق 28 جمادى الأولى 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً