العدد 1042 - الأربعاء 13 يوليو 2005م الموافق 06 جمادى الآخرة 1426هـ

الرقص على "فخ ونص"

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لن تعدم بشرا هم في حقيقتهم "أشياء"، يسعون إلى رجمك حين لا تختبر جسدك في فخاخ نصبوها لك، كي لا تخدش غباءهم! وحين تعرض عن ذلك، وتنجو، لن يترددوا في رجمك، ولن يتورعوا في "لم العالم عليك"، بالصورة نفسها التي تحدث في الأفلام المصرية في حال التحرش بامرأة في الهزيع الأخير من الملامح! لم يحدث ذلك في فيلم لداوود عبدالسيد، أو عاطف الطيب، فهو يحدث هنا، في بلد لا يعاني من "الزحمة"، أو ندرة "اللحمة"، في بلد فيه "الحرامي" صاحب كرامات، والداعر "رادع" عن المعصية، والمشبوه رمز وطني، والجنس الثالث المستتر في أزياء الرجال بشواربهم، وغلظة أصواتهم، عنترة العبسي، ودارا سينغ الهندي، ورامبو الأميركي، وشمشون اليهودي في الأسطورة المعروفة! يذكرك ذلك بالرجل الذي يحترف إشعال الحرائق، وحين تطلب منه إشعال سيجارة لن يتردد في إعلان جهله بإشعال ثقاب! في فخاخ الكتابة، بدأنا. .. أول ما بدأنا النشر في الصحف ذات الوزن والهيبة، تحت أسماء مستعارة... فقط لاختبار إمكانات تقبلنا من عدد من المحررين والكتاب العرب المرموقين، الذين كانوا يبثون الرهبة فينا، فقط لمجرد التفكير في الكتابة إليهم. بعضنا نجح في أول اختبار، والبعض الآخر لم يفلح معه حتى اللجوء إلى الأسماء النسائية!

ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية يكشف عن رداءة الموهبة والإمكانات لدى البعض، أولا في حرف مسار الفخ والورطة التي وقع فيها، بفتح جبهات لم تكن مفتوحة، في حال من التحشيد الدعائي الرخيص، وثانيا بفشل تلك المحاولات في فتح جبهات داخلية، واستنفار يائس، تماما كيأس الذي أدمن الكذب بأن الذئب هجم على قطيعه، ما دفع كثيرين إلى تكذيبه حتى مع صدق وحقيقة أن الذئب أتى على القطيع! وتماما مثل ذلك الذي يشعل في نفسه النار، ويصب لعناته عليك لأنك لم تطفئها، وحين تفعل ذلك، يصب لعناته عليك للمرة الثانية لأنك أوجعته ضربا، في محاولة لتخليصه من معاناته التي ارتضى!

* * *

وظيفتهم نصب الفخاخ لك... ومن حقك ألا تكون ملزما بالمرور على الشارع المؤدي إليها، ولكنهم يصادرون حقك في ذلك... لتبلغ الوقاحة ذروتها حين لا يقنعون بمرورك فقط على الشارع المؤدي إليها، بل يريدون منك التأكد من وجودها وفاعليتها بوضع قدمك فيها! أنتم من زرع الفخاخ وتناسيتم ذلك، فخلصوا أنفسكم منها حين تقعون فيها.

يقودنا ذلك إلى مقال لاسم "شبح" في صحيفة سيصحو الناس يوما وقد تحولت هي الأخرى إلى شبح في ضمائرهم، بفعل خلاعات لا حصر لها تكشف عن أصل المعدن والمنبت، إن كان ثمة أصل ومنبت أساسا!

* * *

لأنهم يجيدون الرقص على "الفخ ونص"، يستدرجونك للرقص على "الفخ" وحده، ولأنهم يجيدون الرقص على مفردات بيانات لن تشك لحظة في أنها صادرة عن مؤسسة أمنية ضالعة في مهماتها، فيما هي صادرة عن مؤسسة أدمنت غيبوبات لم تعرفها حتى الأشياء!

غفلة البعض ممن يخدمون هكذا مسارات سكرى بما تبقى من حضور لها، هي التي تخلق من الفئران أندادا لمقاتلي الساموراي! وحماقة البعض والسهو لدرجة نسيان التنفس، هما اللذان جعلا كثيرين في حال من التعاطف ضد بلطجة أمام جنس ثالث!

* * *

عليك أن تختار: إما أن تكون "حمارا أو اينشتاين"، ولا تحتاج إلى أن تكون الأخير كي تتجنب فخا نصب لك وبشكل ساذج ومتخلف!

* * *

الحمار وحده الذي لا يتذكر الطريق التي يسلكها للمرة الألف، وبطبيعة الحال، لن يتذكر الفخ الألف!

* * *

الفخ: تحايل على طبيعة المكان، ولكن ليس بالضرورة أن ينطلي على طبيعة نفس جبلت على الانتباه!

* * *

العلماء المصممون للألغام يبدأون أولا باختبار حجم الدمار الذي يخلفه اللغم ضمن أضعاف مضاعفة في الآليات وإدخالها مرحلة العطب الكلي، وبالنسبة إلى البشر، على أقل تقدير إعطاب جزء من أطرافهم في حال أنقذتهم العناية الإلهية، ولكننا لم نسمع عن ألغام ترتد على صاحبها وقد اطمأن إلى موضع زرعها! راجعوا حجم الخسائر في "الأطراف والمركز" نتيجة عربدة بعضهم في الأيام القليلة الماضية!

* * *

الفخ ليل يدبر في نية خسف... خسف يراد له أن يكون منظورا. المفاجأة أن تتحول النية نفسها إلى فخ يظل منجذبا إلى صاحبه.

* * *

الغيظ: فخ قاتل يكشف عن نوايا غير سوية، ويتجلى ذلك في قوله عز من قائل: "قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور". "آل عمران: 119"

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1042 - الأربعاء 13 يوليو 2005م الموافق 06 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً