كلنا يبحث عن وطن آمن، وكلنا يبحث عن وطن يعطيه متطلباته الاساسية في الحياة، وكلنا يريد أن تحفظ كرامته الانسانية عبر إرساء وتطبيق العدالة والديمقراطية. .. لكن ما من أحد يريد العودة إلى الوراء.
فجأة وبتدرج سريع الوتيرة انطلقت "حزمة القوانين" وكأننا كنا نعيش طوال السنوات الأربع في دولة بلا مؤسسات وبلا قوانين! رغم ان الحرية التي تنفسها البحرينيون أخيرا أصبحت بين مد وجزر في ظل ترامي هذه "الحزمة" كالمطر على مجتمعنا الذي يبدو انه لن يهنأ بأكسجين الحرية طويلا! لهذه الدرجة تتغلب النزعة الدكتاتورية في مجتمعنا على منابع الحرية التي تنفسها البحريني بعد أن بقي محروما منها لسنوات طويلة بسبب سياسات غير منصفة بحقه كإنسان أولا وكمواطن ثانيا.
تلك السياسات التي جعلتنا اليوم في مؤخرة شعوب المنطقة في شتى الجوانب، لاسيما اننا حتى هذه اللحظة محرومون من حقنا الانساني في التمتع بالسواحل وبالمساحات الخضراء التي يتمتع بها نفر قليل جدا من المجتمع.
اننا اليوم نعيش في عالم متغير، ينبذ التطرف الذي هو وليد السياسات الخاطئة... ووليد قهر سياسي واقتصادي قبل ان يكون اجتماعيا. ما يدور على الساحة الدولية ليس ناتجا عن فراغ، ولن نعطي الأعذار لداعمي التطرف ومنفذي الارهاب... لكن لو استطاعت الانظمة العربية نزع احتقان شعوبها عبر توفير الحلول والبدائل الطويلة المدى، فان حال احتقان وغضب الشارع بمن فيهم الشباب ستنطفىء، خصوصا وانها الشريحة الكبيرة المفعمة بالطاقة والحيوية.
ليس هذا فحسب، بل ان الاصلاح الحقيقي هو الذي يوفر البديل ويمتص حالات الاحتقان من خلال تطبيق قانون عادل يأخذ بوجهات النظر من مختلف الأطراف في المجتمع، الى فتح قنوات الحوار معها لا أن يصدها عبر تمرير قوانين تفاقم المشكلة، بجلب مشكلات جديدة أخرى لم تكن في الحسبان.
وينطبق ذلك على حال البحرين، فبناء هياكل شكلية للديمقراطية مفرغة من محتواها، إلى تمرير قوانين مثل قانون الجمعيات الجديد، معناه اننا لم نحقق اصلاحا بل تراجعا وانتكاسة على مستوى الحريات العامة على غرار قانون الصحافة.
لذا لابد من ان تكون هناك رؤى مشتركة بين الحكومة والأطياف السياسية المختلفة عبر الحوار، لأن ذلك جزء من تطور العملية الديمقراطية، وماعدا ذلك فان تجربتنا ستكون ناقصة
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ