العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ

رئاسة الوزراء مقابل الوطن ومَنْ عليه

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أن يَبقَى رئيساً للوزراء بات هو الحدّ والفصل. السيد نوري المالكي وزَّع إدَامَ السلطة في العراق على ضيوفها بكرمٍ فائض. ففي سبيل أن يبقى رئيساً للوزراء (حتى ولو على مقبرة) فإنه مستعد إلى أن يقوم بتقطيع أوصال السلطة والدولة والثروة والجغرافيا على الجميع (وبدون استثناء). إنها حقاً مشكلة.

سيمنح المالكي الصّدريين منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ورئاسة الأمانة العامة لمجلس الوزراء ووزارة سيادية أمنية إضافة إلى عدّة وزارات خدمية. وسيُفرج عن معتقليهم وسيُجمّد كل القرارات القضائية الصادرة بحقهم وعدم ملاحقة المطلوبين منهم. هذا أولاً.

ثانياً، وافق المالكي على ثمانية عشر بنداً من أصل تسعة عشر بنداً قدّمها الأكراد كشرط للموافقة على ترشيحه. هذه الموافقات تعني اعتراف المالكي بالاستثمارات النفطية التي جرت في إقليم كردستان وإعطاء الإقليم المذكور حق الاستكشافات النفطية وتصديرها.

كذلك سيمنح الأكراد حصة ثابتة ومُدوّنة من الموازنة الاتحادية مع ضمانات مُؤكّدة لتنفيذ المادة 140 والتي تعني الانتصار لشعار «تكريد» المناطق المتنازع عليها في كركوك وتلك الموجودة في محافظات مجاورة كنينوى وصلاح الدين وديالى، وإضعاف المكوّن العربي فيها.

ثالثاً، وفي ظلّ معارضة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، ومنظمة بدر الحليفة له فإن المالكي دَخَلَ في مساومات معهما بعد رفعها لسقف المعارضة له بعد شقّها التحالف الوطني الذي تمتلك فيه دولة القانون 56 في المائة من مقاعده، الأمر الذي يعني أنها ليست غالبية مريحة.

فإذا كان المجلس الأعلى، قد حصل في مراحل سابقة على نيابة رئاسة الجمهورية وعدد من الوزارات المتعلقة بالمال والأمن، وتعيين مئات الضباط المحسوبين على المجلس الأعلى ومنظمة بدر في مواقع استخباراتية وأمنية حسّاسة، فإن التسوية الحالية ستكون أزيد كلفة بكثير.

رابعاً، فإنه وحين يتمّ الحديث عن تأسيس المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية ومنح رئاسته للقائمة العراقية، بعد ضخّ الصلاحيات فيه والمتدفقة من رئاسة مجلس الوزراء، فإن حجم التحنيط الذي ستواجهه المناصب الأساسية الأخرى في جسم الدولة سيكون مريعاً.

فدولة القانون سابقاً كانت تشير وفي أكثر من مناسبة سياسية إلى أن ذلك سيجعل الدولة العراقية تسير بـ «أربع مراكز قوة متساوية، الأمر الذي سيؤدي إلى تشرذم الحالة العراقية على أربعة أقطاب، مما سيتسبب بانتكاس حالة الوحدة الوطنية العراقية».

وإنه «وعندما تُنزع صلاحيات رئيس الوزراء تفقد مركزية مجلس الوزراء، وتكون صلاحياته مقاربة لصلاحيات رئيس الجمهورية ولرئيس البرلمان وللمنصب الذي سينشأ وفقاً لهذا الاجتهاد، وهذا مضر بكل الأحوال» (راجع تصريح على الشّلاه للسّومريّة نيوز - 18 يوليو/ تموز) فماذا حدا مما بدا.

خامساً، فإن المالكي وفي سبيل أن يبقى رئيساً للوزراء، أعطى السوريين ضمانات تتعلّق بتفعيل خط أنابيب بانياس - كركوك النفطية، وعقود تجارية ونفطية، وحديث عن نفوذ سوري في المناطق الغربية، ومحاولة ترتيب الحاضرة السُّنّيّة في غرب العراق وفق الرؤية السورية.

وأعطى الأميركيين ضمانات تتعلّق بتسوية قضايا النفط مع الأكراد وإطلاق يد الشركات الأميركية هناك، بالإضافة إلى إيكال مهمّة إدارة ثلاثة ملايين موظف في الدولة العراقية إلى شركات أميركية معنية بالتنمية الإدارية بعقود تتجاوز الـ 180 مليون دولار لمدة أربعة أعوام.

كما مَنَحَهم ضمانات تتعلّق بلجم الجماعات المسلّحة الشيعية كلواء اليوم الموعود وعصائب الحق عبر تسوية شاملة مع الإيرانيين الذين يحتضنون مثل هذه الجماعات، وخصوصاً أن إحدى أسباب الرضا الأميركي على المالكي هو علاقته الوثيقة بطهران، والتي عادة ما تحتاج العلاقة معها إلى وسائل وآليات كتلك الموجودة لدى الأحزاب الشيعية.

حسناً، هنا لا أحد يختلف على أن الدكتاتورية في السلطة مرفوضة مُطلقاً. بل هي أهم أوجه الخلاف بين المالكي وبقيّة رفاقه في التحالف الوطني، فضلاً عن القوائم الأخرى. إلاّ أن الإشكال، هو أن القِسمة الحالية جاءت في ظل مساومات وعطاءات لا تتناسب في الأثمان.

فحين يتم توزيع مثل هذه الصلاحيات والمناصب والوزارات والهيئات بالطريقة التي اتبعها المالكي، فإنها لا تأتي في ظل مسعاه إلى إقامة حكومة ميثاقية على سبيل المثال، بل في سبيل إمساك حزبه ثم شخصه بالسلطة. بمعنى أن الوطن ودولته وثروته وأرضه مقابل الحزب والفرد، وهنا الإشكال.

فإذا كان المالكي قد منح الصدريين الذين دخل معهم في معارك في البصرة وبغداد في العام 2008 وشرّدهم في الفيافي ثم يعود ويمنحهم كل هذه التنازلات (فقط لامتلاكهم 40 مقعداً وقدرتهم على تعديل ميزان القوى)، رغم معرفته أن ذلك قد يُضِر بموقف العرب السّنّة منه وهم الموتورون منهم في مجال الأمن فبأي شكل يُقرأ هذا التصرف.

وإذا كان قد منح الأكراد كل هذه الضمانات، من نفط وأرض وصلاحيات وأغضب الأتراك بسبب الموقف من الأكراد والتركمان، في سبيل أن يبقى في الحُكم، فبأيّ طريقة يمكننا قراءة هذا الأمر وهذه الصفقة السخيّة. وكذلك الحال مسحوب على المجلسِيين ودول الجوار وكذلك الولايات المتحدة الأميركية.

في كل الأحوال، لا تبدو هذه التنازلات مقبولة باعتبار أن تماثلها هو بين جزئين لا يستقيمان لا في الحجم ولا الثمن. ولو أنها جرت في سياق التسويات السياسية المعهودة والتي تجري عادة في الدول لأمكَن قبولها إلاّ أن ما جرى ليس كذلك.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 5:47 ص

      الأمن و الطائفية

      الوزارات الأمنية و أخص بالذات وزارة الداخلية هي عصب الأمن . فإذا كان الأمن مرتبط بفئة و محسوبيات فيا بوزيد كأنك ما غزيت . العراق يحتاج وزارة داخلية مقسمة على جميع الأطياف و يا حبذا لو كان وزير الداخلية كردي للأبتعاد عن الطائفية . فلا السنة و لا الشيعة يصلحون لهذا المنصب بحكم طائفيتهم اللأ شعورية . فلا يجوز ان يكون القاضي هو الشرطي . نتمنى الأمن للعراق و تلتئم اللحمة . و إلا الصراعات الطائفية الخطيرة لن تنتهي مخلفة خلفها الدمار والثارات .

    • زائر 8 | 3:52 ص

      ضرغام

      بلوة العرب بلوه مع المناصب والكراسى , العراق هذا الشعب العريق الزاخر بالعلماء والمثقفين يحجم ويصغر بأشخاص وقيادات لا ترضى بالمصلحه الوطنيه ولا باحترام ماضى وحاضر هذا الشعب المظلوم

    • زائر 6 | 2:11 ص

      عن العراق ,, العراق اممم بلد عربي هو؟

    • زائر 5 | 1:40 ص

      ابو امجد

      محمد رسول الله والذين امنوا معه اشداء على الكفار رحماء بينهم اللهم عجل لوليك

    • زائر 4 | 1:13 ص

      هذا هو مناخ الديمقراطية في العراق

      ما ذكرته يا اخ محمد في مجمله صحيح ولكن ماذا تتوقع ان يكون غير هذا ... فهذا هو مناخ الديمقراطية في العراق وهذه آلياتها أي شخص اخر غير السيد المالكي لن يفعل غير هذا ليكون توليفة توافق ان تعطيه منصب رئاسة الوزراء.... فما يبدو من المشهد العراقي ان الجميع بكل مشاربهم متفقين بشكل او بآخر على هكذا آليات وان بدأ اعلامهم عكس ذلك فلا تقسو على السيد المالكي اخ محمد, فلن يكون غيره افضل منه في هذا الاطار ,,, فلنتذكر علاوي وعروضه على باقي الكتل. فهي السياسة!!!

    • زائر 3 | 11:29 م

      لصاحب المداخلة كذبxكذب

      ((فإذا كان المجلس الأعلى، قد حصل في مراحل سابقة على نيابة رئاسة الجمهورية وعدد من الوزارات المتعلقة بالمال والأمن، وتعيين مئات الضباط المحسوبين على المجلس الأعلى ومنظمة بدر في مواقع استخباراتية وأمنية حسّاسة، فإن التسوية الحالية ستكون أزيد كلفة بكثير)).
      يعني الكاتب ما دافع عن المجلس الاعلى ما تشوف حاط عليه حطه؟؟؟؟

    • زائر 1 | 10:17 م

      كذبxكذب

      مقال ينم وللاسف عن حقد على سيادة رئيس الوزراء ابو اسراء المالكي وفيه من مغالطات جمه وكأن الكاتب قد حضر جميع المفاوضات مع الاكراد والعراقية والسوريين والايرانيين وكل هذا بسبب إعطاء جماعتك الذين يمتلكون 17 مقعد فقط (المجلس الاعلى) رئاسة الوزراء ؟؟؟ولعلمك فإن القيادي في عصائب اهل الحق المقاومة الشريفة للإحتلال الوزير السابق في حكومة السيد ابو احمد الجعفري سلام المالكي هو عضو برلماني في دولة القانون.وشكرا للوسط

اقرأ ايضاً