العدد 2960 - الأربعاء 13 أكتوبر 2010م الموافق 05 ذي القعدة 1431هـ

«الجان» تخاف من «عجنجف» سوق الحدادة... وموت المؤلف «دقة قديمة»

«الثقافة الشعبية» في منافذ البيع... وفي جديدها:

السهلة - الثقافة الشعبية 

13 أكتوبر 2010

هذه كلمة مشتقة من الوزن «فعالة»، أحد الأوزان القياسية الدالة في العربية على الحرفة: حدادة. لكن، بتوسيع أفق توقعنا قليلاً، يمكن أن تحمل مشمولات هذه الكلمة أيضاً معاني غير متوقعة. هل طرأ على بالك في يوم، أن تصبح أداة لتخويف الجان وطرد الأرواح الشريرة وفك عسرة المرأة العاقر؟ حسناً، إن تلك ليست سوى عينة من أشكال المعتقد الشعبي المرتبطة بمهنة الحدادة، والتي يتصدى لرصدها الباحث عبدالله عمران في دراسة حديثة. ويجادل في دراسته التي حملت عنوان «المهن الشعبية في البحرين: سوق الحدادة نموذجاً» والتي نشرتها مجلة «الثقافة الشعبية» العلمية المتخصصة في عددها الصادر حديثاً بأن «لمهنة الحدادة العديد من المعتقدات الشعبية التي ترتبط بالعالم الخفي».

ويعدد من هذه المعتقدات ما يدعوه «العجفة»، ويُدعى أيضاً «العجنجف»، وهو عبارة عن قطعة حديد صغيرة على شكل منجل تستخدم لطرد الأرواح. وكذلك «الحجل» الذي يصنعه الحداد بشكل مبروم للمرأة التي لا تنجب. ويوضح في هذا السياق «توضع العجفة والعجنجف تحت مخدة السرير، في حين تلبس المرأة الحجل في يدها، وتلبس طفلها إن كان لها طفل صغير» على حد تعبيره. يتابع عمران «يعمل الحداد كل ذلك ويوجه إلى الأرواح الشريرة على ضوء طلب يقدم إليه من دون تحديد الثمن».

وكانت مجلة «الثقافة الشعبية» المتخصصة في مجالات التراث الشعبي والفلكلور والتي تصدر من البحرين بالتعاون مع المنظمة الدولية للفن الشعبي ويرأس تحريرها علي عبدالله خليفة، قد وضعت أحدث أعدادها رقم (11) في منافذ البيع في صدر الشهر الجاري أكتوبر/ تشرين الأول، واشتملت على العديد من الدراسات المتخصصة. فيما خصصت افتتاحيتها لمحض إشادة بقرار وزارة التربية والتعليم البحرينية إدخال منهج الثقافة الشعبية إلى المقررات الدراسية بتوجيه من عاهل البلاد جلالة الملك. في هذا السياق فقد نقلت المجلة عن المنظمة الدولية للفن الشعبي، استعدادها لتقديم «كل دعم ممكن من أجل إنجاح هذه التجربة، وتنسيق وتطوير التعاون المشترك» حسبما جاء في المفتتح.

من جهة أخرى، تتصدى الكاتبتان أميرة جعفر وتهاني حسن في دراسة مشتركة ضمن المجلة لتقصي الموروث الشعبي القديم المرتبط بإحدى اللعب الشعبية المعروفة في اللغة المحكية بـ»المرجحانة» أو الأرجوحة حسب اللفظ الصحيح لها في العربية، وتسمى أيضاً «الزحلوقة». وقد زعمتا بعد المطالعة المعجمية والغوص في عشرات من الشواهد الشعرية، وكذلك في مضامين الأغاني الشعبية ذات العلاقة، وجود صلة بين «المرجحانة» وطقس الحج. وقالتا «لا تستخدم المرجحانة كنوع من الألعاب فقط، ولكن هي طقس من طقوس الحج القديمة».

وأضافتا: «يمكننا أن نضع المرجحانة في قسمين رئيسين، فهي لعبة لكن في الوقت نفسة تعتبر طقساً تراثياً» على حد ما جاء في الدراسة.

وحوت المجلة دراسة مهمة للكاتب السوري إبراهيم محمود تحت عنوان «بين الحكاية الشعبية وموت المؤلف»، وقد أخذت موقعاً متقدما من تبويب المجلة. والدراسة عبارة عن مماحكة على حدود المفهوم الأثير المستل من سلة مفاهيم الاتجاهين البنيوي والتفكيكي، والموسوم بـ»موت المؤلف». عبر إيجاد جذر استنسابي له، وأصل أول، ليس من خلال اللحظة الخمسينية أو الستينية التي ازدهرت فيهما هاتان المدرستان، إنما من خلال الحكاية الشعبية. وذلك على أساس مجهولية مؤلف الحكاية الشعبية، بل وتعدده، فهي ابنة لأكثر من أب في آن، وفي الوقت نفسه فجميع الآباء مجهولون.

وعلى هذا فإمكانيات استثمار الحكاية الشعبية مفتوحة. فليس ثمة من معنى نهائي يقرره المؤلف الذي لا وجود له عبر سلطة حيازته على نصها، بل هي مفتوحة للتأويل وديناميات الاستثمار والقراءة.

العدد 2960 - الأربعاء 13 أكتوبر 2010م الموافق 05 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً