العدد 1069 - الثلثاء 09 أغسطس 2005م الموافق 04 رجب 1426هـ

قراءة في قانون الجمعيات السياسية

ناجي جمعة comments [at] alwasatnews.com

-

بينما تدعو المعارضة إلى مشروع تداول السلطة وتعقد الفعاليات المرسخة لهذا الطموح يصدر قانون الجمعيات السياسية المحبط الذي قابلته المعارضة بالرفض واعتبرته أقل مما هو معمول به في الوقت الحاضر، وعقدت الجمعيات السياسية اجتماعا طارئا أوضحت فيه أسباب ودوافع رفضها لهذا القانون، وأعلنت أنها ستقوم بزيارة ميدانية لجلالة الملك ورئيس مجلس الشورى باعتبارهما مسئولين عن تشريع القوانين بالمشاركة مع مجلس النواب توضح فيه استياءها من إقرار هذا القانون، لكنها تفاجأت بإقراره من دون تعديل من قبل مجلس الشورى وتصديق جلالة الملك عليه في 23 من يوليو / تموز الماضي وعلى أثر ذلك أصدرت بيانا عاجلا معتبرة الحريات على المحك وأعلنت ست جمعيات معارضة إغلاق أبوابها 3 أيام في خطوة رمزية احتجاجية، وأعلنت الوفاق أنها تفكر جديا في الإغلاق الدائم وحل اللجان إذا لم تتراجع الحكومة عن هذا القانون المكبل للحريات وخرجت مسيرة صامتة في الأسبوع الماضي وسط العاصمة المنامة تطالب بإلغاء أو تعديل قانون الجمعيات السياسية شارك فيها الآلاف من المواطنين. .. وقراءة سياسية لهذا القانون تضع يدك على مواطن الخلل، فالمادة الثامنة تعطي الحق لوزير العدل التأخير 45 يوما من تاريخ الإخطار بتأسيس جمعية، و60 يوما لإعلان الموافقة عليها كما في المادة التاسعة، وهي مدة طويلة إذا ما قورنت بـ 15 يوما اقترحتها الجمعيات التسع في اجتماعها الذي صاغت فيه المقترح البديل للتنظيمات السياسية ويتعارض أيضا مع مقترح اللجنة التشريعية بمجلس النواب، والمادة 16 "في دعم الحكومة للجمعيات وفق معايير محددة ووفق الموازنة المتاحة"، فهذه المادة فضفاضة وغير محددة للمعايير وربما تتذرع الحكومة بعجز الموازنة ولا تدعم الجمعيات وفق المادة نفسها، والمادة 28 التي تدعو لمعاقبة كل من تسلم أموالا من جهات غير بحرينية ومصادرة تلك الأموال والسجن لمدة العام أو دفع مبلغ 3 آلاف دينار وهي عقوبة مجحفة لا تتناسب مع فترة الانفراج التي نعيشها، كذلك رفع سن الانضمام إلى الجمعيات السياسية من 18 عاما إلى 21 عاما كاملة، تعتبر خطوة إلى الخلف، وسيحرم المجتمع من فئة الشباب الذين يشكلون غالبية كوادر الجمعيات، وتطبيق قانون العقوبات لعام 76 على الاتصال بالخارج والتمويل من جهات أجنبية ومعلوم ما بهذا القانون من تشدد وإجحاف فهو لا يستثني الحصول على مبالغ للتدريب كما كان متفقا عليه بين الجمعيات التسع، كذلك عدم استثناء صحافة الجمعيات من قانون المطبوعات سيكون حجرة عثرة في طريقها للاتصال بجماهيرها، ولأجل كل ذلك وغيره نقترح على الحكومة عدم إقرار هذا القانون بهذا الشكل وتعديله في أسرع وقت ممكن لأنه سيساهم في قمع الحريات السياسية المنصوص عليها في الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسيزيد من الاحتقان السياسي والعمل خارج إطار التنظيمات وسيؤسس للعمل السري ما سيكون له الأثر البالغ على إرباك الساحة المحلية، ومن منطلق حب الوطن ندعو لأجراء تعديلات متفق عليها بين الجمعيات السياسية والحكم في صيغة توافقية غير تصادمية حتى لا تعطل المصالح الوطنية ما يسهم في استقرار وأمن الوطن، والتشدد في اجتماعات التنظيمات وطلب اخذ الرخصة على ندواتها وفقا لقانون التجمعات لا يتناسب مع حرية العمل السياسي، لماذا يتجاهل مجلس النواب أن الجمعيات أصبحت واقعا معاشا بعد أن كانت مغيبة و يصدر قوانين منصفة ومشجعة على الحراك الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ويستفيد من تجارب وقوانين الأحزاب في الدول العربية والأوربية ولماذا يكرر مجلس الشورى الخطأ نفسه، فمصر مثلا تسمح للحزب بصحيفتين من دون ترخيص وبأكثر من اثنتين في حال الحصول على الترخيص، بينما مجلس النواب البحريني يرفض الطلب الذي تقدم به النائب عبدالنبي سلمان في حق التنظيم بإصدار الصحف والمجلات المطبوعة والإلكترونية والاكتفاء بقانون الطباعة الذي هضم حق الصحافيين ويعرض الصحافي للسجن والمساءلة القانونية فكيف بكوادر التنظيم؟!، والتفاخر بإلغاء عقوبة السجن المؤبد من قانون الجمعيات لا يعني شيء لأن هناك قانون بديل في قانون العقوبات لعام 76 يتشابه مع هذا القانون، فهل ستشهد الأيام المقبلة حلولا عملية بحكمة القيادة السياسية في التعامل مع قضايا الوطن أم سيكون هناك جمود من جانب الحكومة كما هو الحال في التعامل مع المسألة الدستورية؟

* كاتب بحريني

العدد 1069 - الثلثاء 09 أغسطس 2005م الموافق 04 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً