العدد 1073 - السبت 13 أغسطس 2005م الموافق 08 رجب 1426هـ

الوحدة الداخلية هي الرد على مخططات التقسيم

فلسطين العراق إيران ولبنان

هاني عبدالله comments [at] alwasatnews.com

ألقى السيدمحمدحسين فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين "ع" في حارة حريك، بحضور حشد من الشخصيات الدينية والسياسية والاجتماعية، وجمهور غفير من المؤمنين. ومما جاء في الخطبة السياسية:

"إسرائيل" التي تستعد للانسحاب من مستوطنات غزة تطلق كل إعلامها وحركتها السياسية في العالم، ولاسيما الغربي، للترويج لما تسميه خطة سلام تزعم التزامها في المسألة الفلسطينية لتلميع صورتها لدى الرأي العام الدولي، في الوقت الذي تهدد فيه الشعب الفلسطيني بالإمساك بشكل أقوى وأقسى بالضفة الغربية التي تعتبرها جزءا من "إسرائيل التوراتية"، التي سينتقل إليها المستوطنون من غزة في مشروع استيطاني جديد يخطط لتجمع كبير قد يمتد لاستقطاب يهود العالم. وإذا كانت اللجنة الرباعية الدولية التي أطلقت مشروع خريطة الطريق تتحدث بخجل عن تطبيق المشروع، فإنها لم تضع لـه أية آلية واقعية، بل إن الولايات المتحدة الاميركية بشخص رئيسها بوش قد وافقت على شروط شارون التي تصادر الخطة كلها، بالإضافة الى لاءاته ضد عودة اللاجئين والعودة الى قرار الانسحاب من أراضي الـ67 وضد هدم المستوطنات والجدار العنصري الفاصل، والتأكيد على ضم أي أرض في القدس وغيرها بما يرتبط بأمن "إسرائيل". فكيف نواجه المستقبل، وهل بقيت واقعية للدولة الفلسطينية؟ إننا نوجه هذا السؤال للسلطة الفلسطينية التي لا تملك من الأمر شيئا، وليس لديها إلا الحديث عن تطبيق القانون في الداخل، وإيقاف الانتفاضة وربما التخطيط لنزع سلاحها!

إننا نعتقد أن من حق الفلسطينيين في غزة وغيرها الحصول على الأمن الداخلي في حياتهم الخاصة، لأن ذلك هو شرط البقاء في موقع القوة والاستقرار والوحدة، ولكن لابد من الدراسة الدقيقة ألا يكون ذلك على حساب استكمال عملية التحرير بعد الانسحاب من غزة، والا تضيع القضية دوليا وعربيا بالاحتفال بالانسحاب من غزة التي أثقلت الكيان الصهيوني طيلة سني الاحتلال بجهادها التحريري.

إننا ندعو الشعب الفلسطيني الى أن يثبت للعالم بأنه يملك القدرة على تحرير أرضه، كما يملك الخطة لتأكيد وحدته الحضارية في كل موقع من مواقع التحرير، بما يخطط لـه من إدارة الاختلافات السياسية والحركية بالتفاهم والحوار الموضوعي الذي يلتقي عليه الجميع، لأن المرحلة من أصعب المراحل التي تمر بها القضية على صعيد الداخل والخارج من جميع الجهات. إن على جميع الفلسطينيين أن يفكروا بأن انسحاب العدو من غزة لا يبتعد عن خطته في تطويقها من أكثر من جهة، على مستوى المعابر وغيرها، لأنه يمثل الاحتلال الغادر الذي يرفض الاستقلال للشعب الفلسطيني الذي يتميز بأكثر من قاعدة حضارية منفتحة على صناعة المستقبل الكبير. ومن جانب آخر، فإن الاحتلال الاميركي للعراق لا يزال يفرض نفسه على الشعب العراقي في جميع قضاياه، ويتدخل في كل مفاصله حتى على مستوى الدستور الذي يعلن السفير الاميركي ضغوطه في قانون هنا أو هناك ما لا يملك القائمون على الأمور هناك مخالفته، هذا بالإضافة الى اللعبة الخفية التي يديرها في إثارة الخلافات المذهبية والطائفية.

ولاتزال المجازر الوحشية التي تطال الأبرياء من مدنيين ورجال شرطة وأطفال، تحت عناوين المقاومة أو التعصب المذهبي، بالإضافة الى الجدل بشأن دور الإسلام في الدستور وقضية الفيدرالية الغامضة التي قد تتحوال الى انفصال كردي، وتقسيم داخلي على أساس طائفي مذهبي قد يفقد فيه العراق وحدته. وإننا إذ نسجل الحذر من ذلك كله، نؤكد أن الحل لانسحاب المحتل يتمثل في إعطاء الدور الأساسي للأمم المتحدة في إدارة الوضع العراقي الى جانب السلطة العراقية، وبعيدا عن ضغوط الاحتلال، باعتبار أن الأمم المتحدة لا تمثل قاعدة احتلال مثيرة للتعقيدات السلبية.

إننا ندعو الشعب العراقي الى دراسة المرحلة بوعي ودقة، وندعو القائمين على الأمر إلى أن يواكبوا حاجات الشعب والحفاظ على ثروته التي تحدث الإعلام - بما فيه الإعلام الاميركي - عن أن الشركات الاميركية أخذت المليارات من الدولارات لحساب مشروعات وهمية لا واقع لها، في الوقت الذي نعرف فيه أن الناس لاتزال تعاني من نقصان الخدمات الضرورية ولاسيما الماء والكهرباء، في أشد الأوقات صعوبة وهو وقت الصيف الحار المحرق. وعلى صعيد آخر، فإن المشروع الإيراني النووي السلمي لا يزال مثيرا للجدل من قبل الدول الأوروبية التي تقود الموضوع بإشراف اميركي، من خلال إثارة عدم الثقة بإيران في تأكيدها رفض أي مشروع نووي عسكري، ولاسيما أنها من الدول الموقعة على حظر إنتاج الأسلحة الذرية، ولكن المسألة هي أن اميركا وحلفاءها لا يريدون لإيران أن تملك القوة التي تستطيع من خلالها حل مشكلاتها الاقتصادية المستقبلة، أو الدفاع عن نفسها أمام الأسلحة الذرية في "إسرائيل"، وأمام امتلاك الهند والباكستان لهذه الأسلحة التي منحتها اميركا الشرعية تحت حجج لا تقنع أحدا، بل إننا نؤكد - من خلال خوف الشعوب - تحريم إنتاج الأسلحة الذرية في العالم كله بما في ذلك الدول الكبرى التي تمثل تهديدا سياسيا واقتصاديا وأمنيا لدول العالم الثالث، من خلال ما تملكه من القوة بما في ذلك أسلحة الدمار الشامل.

أما لبنان، فإنه في مرحلة انتظار لما يمكن أن تقوم به الحكومة المتعددة الأبعاد، والمتنوعة الاتجاهات السياسية، والمختلفة الخلفيات السياسية التاريخية في المشكلات الأمنية والاقتصادية والإدارية التي عاشها البلد، مما ألقيت فيه كل السلبيات على موقع معين، كما لو كان كل الذين أخطأوا أو أساءوا ملائكة أطهارا، من دون أية دراسة دقيقة للتفاصيل القضائية والإدارية. إن المرحلة بحاجة الى فتح كل الملفات في تقويم الأوضاع المعقدة التي امتدت الى الحاضر من الناحية الاقتصادية ولاسيما المديونية، أو من الناحية السياسية ولاسيما العلاقات بالعدو الإسرائيلي أو التدخلات الدولية، لأن مسألة الحرية والسيادة والاستقلال تخضع لقرار سيادي وطني لا يقع تحت الضغوط الخارجية التي تتحرك بطرق خفية لفرض خططها، ولكن بعنوان النصائح والوصايا وعنوان الصداقة من دون تدخل؟

أما المسألة الأمنية، فلابد أن تخضع لخطة واسعة شاملة دقيقة على مستوى حال الطوارئ، لأن الأمن هو روح لبنان في كل قضاياه، حتى يشعر اللبناني بحريته في انتمائه وفي تقرير مصيره. وتبقى المصالحة الوطنية في نطاق مصالحة الأهداف والمصالح العامة ومواجهة العدو الإسرائيلي الذي عانى منه لبنان الأمرين، وخصوصا احتلال أراضيه، وعلى الجميع أن يفكروا أن المشكلة هي في العدو الصهيوني لا في سلاح المقاومة، لأن ذلك هو الذي يمثل منطق الواقع وحماية المستقبل

العدد 1073 - السبت 13 أغسطس 2005م الموافق 08 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً