العدد 1078 - الخميس 18 أغسطس 2005م الموافق 13 رجب 1426هـ

إخلاء غزة لا يشجع السلام

عزوز مقدم Azzooz.Muqaddam [at] alwasatnews.com

توقع البعض أن تدب الحياة حالا في عملية السلام الميتة في الشرق الأوسط بعد أن استكمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، لكن هذا التفاؤل ربما يتحول في أية لحظة إلى خيبة أمل.

صحيح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون أقدم على خطوة هي الأولى من نوعها في فلسطين حينما أخلى مستوطنات في أراض يرغب أهلها في إقامة دولتهم عليها بينما يعتبرها اليهود حقا توراتيا. كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيصبح لديه الآن مجال إقليمي يوفر له اتصالا أكبر مع العالم الخارجي في ظل الدعم الأميركي للانسحاب كوسيلة لحفز انطلاق محادثات جديدة. لكن يبدو أن الطرفين تفصلهما هوة كبيرة حينما يتحول الاهتمام إلى الضفة الغربية فلكل منهما أفكار مختلفة عن الآخر فيما يتعلق بسرعة التحرك وما يجب أن يكون في المحادثات النهائية.

ولذلك من المتوقع أن تعود العوائق القديمة التي أوقفت التقدم من قبل في "خريطة الطريق" حينما يقدم الإسرائيليون على احتلال بؤر أخرى في الضفة لتعويض الخسائر في القطاع وبالتالي يفقد كل من الجانبين القدرة على التعامل مع المستجدات في ظل تشدد المواقف الداخلية. إذ سيتوجه المستوطنون نحو الانتقام من الذي أخرجهم من بيوتهم ومزارعهم وكانت بداية هذا الانتقام المجزرة التي ارتكبها صهيوني مستوطن بقتل ثلاثة عمال فلسطينيين أمس الأول. وترى المقاومة الفلسطينية من جانبها أن عملية الجلاء من القطاع هي مجرد بداية نحو تحرير القدس المحتلة والمسجد الأقصى.

إن خطة الانسحاب بدأت أحادية الجانب ولم تتبلور فكرة أن تكون خطوة للسلام إلا بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات حينما تم الاتفاق على هدنة في فبراير/ شباط الماضي. وأخذ شارون بعد ذلك يطلق التصريحات الهدامة بأنه لن يتخلى عن الكتل الاستيطانية الكبيرة بالضفة وانه لن تكون هناك محادثات بشأن الدولة الفلسطينية قبل نزع سلاح المتشددين الفلسطينيين.

في الوقت نفسه زادت سرعة العمل في الجدار الفاصل، الذي تصفه "إسرائيل" بأنه إجراء مؤقت إلا أنه يعتبر اغتصابا للأرض يمنع من إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. ولذلك فإن أفضل ما قد يحدث هو نوع من المحاولات المترددة لاحتواء الضرر الذي يشعر به الجانبان والحد من زعزعة الاستقرار إلى أدنى قدر ممكن وبناء الثقة، لكن سيستغرق ذلك وقتا إذا علمنا أن الخطوات التي اتفق عليها في محادثات هدنة فبراير مازالت ناقصة. وهكذا سيصنع الانسحاب من غزة إنجازا تاريخيا وليس سلاما حقيقيا

إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"

العدد 1078 - الخميس 18 أغسطس 2005م الموافق 13 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً