العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ

"الوفاق" بين العمل المؤسسي والحركة الجماهيرية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الأسابيع المقبلة، وحتى انعقاد الجمعية العمومية لجمعية الوفاق لتحديد الموقف بشأن التسجيل "او عدم التسجيل" حسب قانون الجمعيات السياسية، ستشهد سجالات وحوارات داخل صفوف الجمعية وانصارها بهدف الخروج بوجهة نظر محددة بشأن طبيعة الوفاق، وفيما إذا كانت تود أن تتحول من وضعها الحالي إلى "مؤسسة سياسية" أو أن تنقسم بين جناحين "احدهما يمؤسس نشاطه، والآخر يرفض ذلك"، أو تتفكك وتعود إلى الوضع الذي يشبه الفترة التي سبقت العام 2001 إذ كان جمهور الوفاق "حركة اجتماعية".

الشارع السياسي الذي انتفض في التسعينات كان حركة جماهيرية ذات قاعدة شعبية، تضمنت فئات منظمة، ولكنها كانت أساسا حركة عامة لها رموزها الدينية والاجتماعية والسياسية. والحركة الجماهيرية لها فوائد وعيوب. فالحركات المضادة للعولمة والتي يتظاهر أفرادها ضد منظمة التجارة الدولية وضد البنك الدولي تعتبر أكبر حركة اجتماعية "جماهيرية" على مستوى العالم. وقبل عدة سنوات ظهرت في بريطانيا حركة جماهيرية لأصحاب الناقلات، قررت عدم تزويد محطات الوقود بما تحتاجه السيارات وتعطلت المواصلات في بريطانيا لفترة وجيزة.

الحركات الجماهيرية ليست مؤسسية، وانما تعتمد على شبكات من الاتصالات المتداخلة، والصوت الغالب يكون عادة لذلك الشخص الذي يطرح خطابا حماسيا، ويستطيع ايصال رأيه إلى جميع القنوات التي تعتمد عليها تلك الحركة. كما أن الشخصيات الدينية "الكاريزمية" تكون هي المؤهلة - بالنسبة لوضعنا البحريني - للتعامل مع الحركة الجماهيرية أكثر من غيرها.

الشخصيات التي تسعى الى نفوذ داخل الحركة الجماهيرية يتوجب عليها أن تثبت "بطولاتها" و"عدم انبطاحها" او "خوفها" من المخاطر والمواجهات، وان تثبت "عصمتها" من الانسياق نحو الملذات والمغريات التي تتوافر امامها.

وبالعكس من وضع الحركة الجماهيرية، فإن العمل المؤسسي يتطلب نوعا آخر من الجهود والكفاءات والأساليب والأنشطة. والقيادات التي تنشط في العمل المؤسسي لا يتوجب عليها بالضرورة أن تستخدم الخطاب الحماسي، أو الانحياز إلى جانب التصعيد. العمل المؤسسي هو ما تدعو إليه الفعاليات الوطنية حاليا وهذا ينطبق على "الوفاق" أيضا، إذ إن الدعوة إلى مأسسة العمل كانت ومازالت ترتفع في أوساط الناشطين.

غير أن هناك اتجاها يدعو إلى تفتيت العمل المؤسسي الذي ينضوي في إطار جمعية سياسية، والعودة إلى نشاط الحركة الجماهيرية التي لا تمتلك إطارا تنظيميا محددا، وتتحرك تحت مظلة من الشعارات التي ترتفع عبر قنوات اتصال جماهيرية، سواء كان ذلك من خلال المساجد أو الانترنت أو غيرها.

مثل هذا الاتجاه لا يهمه كثيرا لو أن جمعية الوفاق تم تفتيتها ذاتيا، أو أن الحكومة تدخلت وألغت الجمعية لأنها لم تلتزم بهذا القانون أو ذاك. بل على العكس من ذلك، لأن مثل هذا الطرح كان متداولا قبل تأسيس الجمعية.

جمعية الوفاق أمامها فترة حرجة لتختار بين أحد الخيارات. فإما أن تمأسس انشطتها بحسب القانون "حتى لو اختلفت مع قانون الجمعيات السياسية"، أو أنها تفسح المجال لانقسامها، أو أنها تحل نفسها، أو تعطي الفرصة للحكومة لاتخاذ إجراءات تحد من أنشطتها لتتدرج نحو حلها لاحقا.

ان من مصلحة المشروع الإصلاحي البحريني أن تتجه الوفاق نحو مأسسة نشاطها، وأن تطور آلياتها وهيكليتها بحيث تتحرك كجمعية سياسية ضمن إطار واضح القيادة والأهداف والمنهج. أما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن العجز عن اتخاذ قرار في هذا الاتجاه أو ذاك قد يؤدي إلى انتشار الاحباط في أوساط جمهور الوفاق، وهو الجمهور الذي ضحى كثيرا قبل فترة الإصلاحات الحالية، ولكنه أصبح خارج الاستحقاقات السياسية بسبب عدم حسم الأمور وتشتت الاهداف

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً