العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ

نجاح أعرج... وكل يبحث عن مخرج من وصمة العار!

حكاية التقويم التربوي في التعليم الأساسي

يحكى أن طالبا في الصف السادس الابتدائي "الحلقة الثانية من التعليم الأساسي" تسلم استمارة تقويم الطالب "الشهادة" متأملا النجاح. .. تفحص استمارته وضربات قلبه تتصاعد فصدم عندما رأى أن درجته في مادة العلوم 43 في المئة ومكتوب أمام هذه المادة "ناجح"، ودرجته في مادة الرياضيات 54 في المئة ومكتوب أمام هذه المادة "له دور ثان"! فاختلجت في مشاعره الكثير من الأحاسيس ولاح أمام عينيه سيل من الأسئلة.

حمل الطالب نفسه متوجها إلى معلم مادة الرياضيات متظلما ومعاتبا وعيناه تفيض من الدمع، قائلا: أستاذ ما هذا الظلم؟ لماذا أنا بالذات؟ مدرس العلوم أفضل منك.

الأستاذ: هدئ من روعك يابني، ما الموضوع؟

أعطى الطالب أستاذه استمارة التقويم، نظر فيها الأستاذ وابتسم...

الطالب: لماذا تبتسم يا أستاذ؟ أهناك خطأ في الاستمارة؟ هل سأنجح يا أستاذ؟

الأستاذ: لقد فهمت لماذا أنت متظلم. الاستمارة صحيحة بحسب النظام وبحسب المادة السادسة من نظام التقويم التربوي في التعليم الأساسي.

الطالب: لم أفهم؟! ماذا تعني المادة السادسة، هل هي مادة دراسية جديدة يدرسها الطلاب الذين لديهم دور ثان؟

الأستاذ: ها... ها... ها... هذه ليست مادة دراسية إنما مادة قانونية أو مادة نظامية توضح انتقال الطالب من صف إلى صف أعلى في الحلقة الواحدة. أنت في الصف السادس... صح؟

الطالب: صح.

الأستاذ: الطالب من الصف الرابع إلى الصف السادس أي طالب الحلقة الثانية يعتبر ناجحا إذا حصل على 60 في المئة في كل من مادتي اللغة العربية والرياضيات من الدرجة النهائية 100 في المئة لكل منهما، و40 في المئة من الدرجة النهائية في باقي المواد من خلال نتيجة الفصل الدراسي الثاني.

الطالب: وماذا عن نتيجة الفصل الأول؟

الأستاذ: انس الفصل الدراسي الأول. تعتمد نتيجة الفصل الدراسي الثاني فقط. يا ولدي هذا النظام يراعيكم من جهة ومن جهات أخرى يضركم.

الطالب: كيف يا أستاذ؟

الأستاذ: أنت ناجح في مادة العلوم على رغم أن درجتك متدنية جدا ولم تصل إلى درجة إتقان كفايات هذه المادة فعليا وستنتقل إلى صف أعلى وأنت ضعيف وأساسك هش.

الطالب: أهم شيء كلمة ناجح.

الأستاذ: ناجح بالاسم فقط هذه مصيبتنا. يا ولدي أحمد وربك أنك في مدرسة ابتدائية، وليس في مدرسة ابتدائية إعدادية.

الطالب: الحمد لله على كل حال. لكن ما الفرق يا أستاذ؟

الأستاذ: الفرق يا حبيبي أن في المدرسة الابتدائية الإعدادية إذا رسب شخص في الفصلين عليه أن يقدم امتحان إعادة للفصلين حتى لو كان الطالب في المرحلة الابتدائية وهذا نظام يختلف عن المدارس الابتدائية.

الطالب: أستاذ توجد أشياء كثيرة من كلامك يصعب علي استيعابها. أهم شيء عندي يا أستاذ أنجح في الإعادة وهذا كل أمنيتي الآن.

الأستاذ: الله يوفقك يا ولدي.

هذه قصة واقعية تبين التناقض الحاصل في التقويم التربوي في المرحلة الابتدائية ما ينتج مخرجات ضعيفة ومهللة من الطلاب وللأسف الشديد المسئولون في وزارة التربية والتعليم الموقرة يحبون دائما نسب النجاح العالية حتى لو كانت على أساس متناقض... المهم الحفاظ على الجانب الاقتصادي من خلال قفز الطالب من مرحلة إلى أخرى وهو خاو لأن بقاءه في الصف نفسه أكثر من سنة يرهق موازنة الوزارة وبالتالي موازنة الدولة وأنا أقول المخرجات الضعيفة من العملية التعليمية تجر ويلات أكبر وأكبر وعلى جميع الأصعدة، والمدير في المدرسة يخشى من نسب الرسوب العالية خوفا من أن تصفه الوزارة بسوء الإدارة، والمدرس يحاول كل جهده ألا يرسب من طلابه إلا القليل خوفا من وصمه بعار عدم القدرة على التدريس الجيد. والطالب وولي أمره يطمح دائما إلى نجاح ابنه حتى لو كان نجاحا أعرج. فهل مثل هذا النظام من التقويم التربوي يرضي الجميع ويرفع عنهم الحرج؟! عجبي.

اطرح هذه القصة مع بدء السنة الدراسية الجديدة حتى يلتفت إليها المسئولون في وزارة التربية والتعليم ليتحركوا على أنجع الحلول وليفكوا شفرات مفصل من مفاصل التناقضات التي يعيشها واقع التربية والتعليم في البحرين.

علي حسين محسن

العدد 1087 - السبت 27 أغسطس 2005م الموافق 22 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً