العدد 2962 - الجمعة 15 أكتوبر 2010م الموافق 07 ذي القعدة 1431هـ

دروس من كارثة بيئية

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

أعاد مشهد تسرب كميات ضخمة من الطمي الأحمر السام من منشأة صناعية في المجر إلى الأذهان لائحة طويلة من الكوارث البيئية الكبرى والمؤثرة على صحة وسلامة الإنسان مثل تسرب النفط في خليج المكسيك، وتسرب غازات كيميائية من مصنع مبيدات كيميائية في مدينة بوبال الهندية، وحادثة تشيرنوبل الأوكرانية. تعرف الكارثة البيئية بأنها نتيجة كارثة للبيئة الطبيعية بسبب النشاط البشري.

ففي غضون عدة ساعة في يوم 4 أكتوبر/ تشرين الأول تسرب نحو 158 - 184 مليون جالون من خزان النفايات السامة في مصنع أجكا للألومينا في غرب المجر مسببة فياضانات في القرى المجاورة. هذا التسرب تسبب في خسائر بشرية حيث أدى إلى وفاة 10 أشخاص وجرح 121 شخصاً، أما الخسائر المادية فهي لا تقدر بثمن حالياً فقد تسببت في تلوث مساحة شاسعة من التربة تقدر بـ 40 كيلومتراً مربعاً وتلوث مياه الأنهار. مصنع الألومينا هو مصنع يقوم بعملية كيميائية تعرف بعملية «باير» لتحويل خام معدن البوكسايت إلى الألومينا (أكسيد الألمنيوم)، وهذا الأخير يتم في عملية أخرى تحويله بواسطة عملية كهروكيميائية إلى معدن الألمنيوم (مثل شركة ألمنيوم البحرين).

الطمي الأحمر المتسرب من أماكن التخزين يحتوي على النواتج الثانوية وغير المرغوبة لعملية «باير» واللون الأحمر هو بسبب احتواء الطمي على هيدريدات أكسيد الحديد، وتعتبر هذه المادة خطرة بسبب قلويتها لاحتوائها على الصوديوم. الحكومة المجرية أعلنت أن الطمي الأحمر ليست بالمادة السامة وأن تراكيز المواد الثقيلة بها مثل الزئبق والكروم لم تصل إلى مستويات الغرق أما الإصابات فقد تم بسبب القلوية العالية للطمي والذي يصل إلى 13 على مقياس الأس الهيدروجيني.

هذا الحادث كان سيبقى داخل الحدود المجرية بسبب تلويث الطمي الأحمر لنهر ماركال المحلي وتدمير البيئة النهرية واختلال التوازن البيئي لكن امتداد الخطر إلى نهر الدانوب وهو ثاني أكبر نهر في أوروبا أدى إلى رهبة وتحضير خطط طوارئ للدول الأوروبية الشرقية مثل أوكرانيا وصربيا وبلغاريا قبل أن يصب الدانوب في البحر الأسود وبالتالي تأثر البيئة البحرية والثروة السمكية لدول أخرى.

هناك العديد من الدروس التي يتم الاستفادة منها عند حدوث الكوارث بصورة عامة ومنها ضرورة استخدام وصيانة أجهزة الأمان بصورة مستمرة في المنشآت الصناعية. الكارثة لا تحدث من دون مقدمات بل هناك تسلسل منطقي للأحداث بالإضافة إلى ضعف مهني من قبل عمال المنشأة في التعامل مع الحوادث ما يؤدي في النهاية إلى حدوث كارثة بيئية لا تحمد عقباه. في الحقيقة، كتب مهنة السلامة والأمان في الصناعة تؤكد بوجود على الأقل 10 حوادث بسيطة قبل حدوث الكارثة لذلك لم يكن مستغرباً إعلان الصندوق العالمي لحماية الطبيعة بوجود تسرب قبل عدة أشهر من الخزان أدى في النهاية إلى حدوث تسرب رئيسي.

هذه الكارثة سببت دق جرس الإنذار للجهات البيئية في دول متقدمة تقوم في الوقت الحاضر بتجميع مواد ملوثة في برك ضخمة ما يجعلها عرضة للحوادث وفي هذه البقعة من الأرض لا ننسى كارثة بحيرة المسك في مدينة جدة السعودية بسبب السيول.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 2962 - الجمعة 15 أكتوبر 2010م الموافق 07 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:53 ص

      باخرة حرب الخليج

      العارفين على دراية بان هناك باخرة غارقة في عمق المياه البحرية من ايام حرب الخليج

    • زائر 2 | 3:18 ص

      اي باخرة؟

      ما سمعنا عنها

    • زائر 1 | 1:30 ص

      درس لمن هو في غفلة

      اشاطرك الرأي في ما اوضحته بشأن كارثة المجر البيئية وذلك درسا لمن هو في غفلة او متغافل عن امكانية حدوث هكذا كوارث وما يمكن ان تحدثه تباعا من دمار بيئي وانساني متداخل التاثيرات والمخاطر.
      الكارثة بحد ذاتها انذارا لدول المنطقة لما يمكن ان تسببه الباخرة الغارقة في عمق مياه الخليج بعد ان تصدأ وينتهي عمرها الافتراضي وتنفجر ويتسرب ما تحتويه من مواد خطيرة في البيئة البحرية عندها ستحدث الكارثة ونكون في وضع مزري لا حول ولا قوة لنا والخسارة معروفة مسبقا فما الذي ينبغي فعله ياصانعي القرار البيئي.
      باحث بيئي

اقرأ ايضاً