العدد 1092 - الخميس 01 سبتمبر 2005م الموافق 27 رجب 1426هـ

رجائي وباهنر بين الجثث المتفحمة

في ذكرى تفجير مبنى رئاسة الوزراء في إيران

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يتمكن الإمام الخميني من ضبط مشاعره لفرط انفعاله لدى استقباله المعزين باستشهاد الرئيس محمد علي رجائي ورئيس وزرائه الشيخ محمد جواد باهونار، وتوقف لحظات قبل أن يواصل خطابه أمام المعزين ليكتم مشاعر حزنه العميق التي انعكست على الحاضرين فأخذوا في البكاء والصراخ. بعدها قال الإمام: "لقد عاش رجائي وباهونار معا منذ عشرين عاما وشاءت إرادة الله أن يرحلا معا" وفي محاولة منه لتصبير الحاضرين قال الإمام: "لا يمكن لأي قوة مواجهة أمة تعمل بوحي من الله، وعقيدتها القرآن" مضيفا أن "هذا البلد لن يتراجع فهناك صفوف من الإيرانيين على استعداد للموت من أجل الجمهورية الإسلامية، وان عمليات الاغتيال الأخيرة لا تشكل نكسة للثورة الإسلامية وان الهجمات بالقنابل لا تعني أن الجماعات الإرهابية قوية بل إنه دليل ضعف، ويستطيع حتى ولد عمره 12 عاما زرع قنبلة" داعيا الجماهير إلى الإقبال بقوة للتصويت في الانتخابات الرئاسية المقبلة لاختيار خليفة لرجائي.

كان محمد علي رجائي المولود في العام 1933 في محافظة قزوين "50 كم غرب طهران" يعمل مدرسا، وفي الفترة من 1974 إلى 1978 ألقى جهاز البوليس السري "السافاك" القبض عليه مرارا وقضى نحو عامين في السجن مع الأشغال الشاقة، وبعد خروجه من السجن انخرط رجائي في الحياة السياسية وعين وزيرا في الحكومة المؤقتة برئاسة مهدي بازركان، وفي العام 1980 انتخب نائبا عن مدينة طهران ثم عضوا في المجلس الأعلى للثورة الثقافية الذي شكله الإمام الخميني وأسند إليه مهمة إصلاح الجامعات والمناهج الدراسية.

وفي 23 يوليو/ تموز 1981 انتخب رجائي رئيسا للجمهورية بغالبية ساحقة، إذ حصل على 12 مليونا و722 ألفا من أصل 14 مليونا و722 ألفا وكانت نسبة التصويت 85,71 في المئة إلا أن هذا الفوز الكاسح كانت له دلالات سياسية ونفسية واجتماعية واضحة تعكس رغبة الجماهير الإيرانية في تسكين الأوضاع الداخلية الملتهبة، فقد كانت الفترة التي تولى فيها رجائي رئاسة الجمهورية مفعمة بالحوادث المأسوية، فقبل شهر من انتخابه وقع التفجير المروع في مقر الحزب الجمهوري والذي راح ضحيته أكثر من اثنين وسبعين من قيادات الثورة بينهم نواب وعسكريون إلا أن أبرز ضحايا الانفجار هو رئيس ديوان القضاء الأعلى السيد محمد حسين بهشتي الذي كان يمثل "بالإضافة إلى مكانته السياسية والقضائية" حلقة وصل مهمة بين التيارات الدينية التقليدية والتكنوقراط، كما أنه وفي تلك الفترة بدأت وتيرة الحرب العراقية الإيرانية في التصاعد ولم يكن الجيش الإيراني قادرا بعد على الإعداد لهجوم مضاد، وكان الاقتصاد الإيراني لايزال متأرجحا بين موجة التأميم والمركزة وبين الحرب التي شنت ضد رجالات الإقطاع الذين كونوا ثروات طائلة من خلال علاقاتهم مع أسرة الشاه أو مع الحركة البهائية، أضف إلى ذلك فإن إيران كانت في ذلك الحين تفتقر إلى أبسط العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دول العالم باستثناء قلة قليلة من الدول وبالتالي فإن أية عملية إعمار أو تسيير لشئون الدولة كانت تحتاج إلى جهد مضاعف.

كانت تلك الظروف تضغط بقوة على المناصب التنفيذية والقيادية في البلاد، وأصبح متبوئوها أمام اختبار صعب مع الشعار والطوباوية التي أتت مع الثورة، وفي أتون ذلك الاختبار شاءت الأقدار أن يخرج الرئيس محمد علي رجائي من قاعة الاختبار وقبل أن يطرح برنامج حكومته فقد راح ضحية انفجار ضخم وقع في مقر رئاسة الوزراء بعد أقل من شهرين على انتخابه وتحديدا في الثلاثين من شهر أغسطس/ آب 1981 ونشرت إحدى الصحف العربية الخبر بالقول: رجائي وباهونار ضمن الجثث المتفحمة

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1092 - الخميس 01 سبتمبر 2005م الموافق 27 رجب 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً