العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ

ضرورة فهم السياسة الإيرانية الشرق أوسطية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أكد رئيس فنزويلا هوغو تشافيز أن الولايات المتحدة ترفض الاعتراف «بهزيمتها في العراق» وحذر من قيامها بالاعتداء على إيران لأنها «ستلحق بها هزيمة نكراء تحط من شأنها». ليست هذه مقتطفات من تصريحات الرئيس الفنزويلي خلال زيارته الحالية إيران، وإنما هي بعض ما جاء في كلمته التي ألقاها في العام 2006 في مقر الحكومة، أثناء الاحتفال بمبادرة تحث على زيادة المنتجات المحلية بحضور سفيري كوبا وإيران.

وأضاف شافيز حينها «لقد هزمت الامبراطورية الأميركية في العراق بالفعل لكنها لا تود الاعتراف بذلك، وليكن الله في عوننا إذا تجاسرت على الهجوم على إيران، إن الله لا يريد ذلك فنحن نرغب في السلام لكنني على ثقة من أنه في هذه الحالة ستتجرع الولايات المتحدة هزيمة مزدوجة.

بعد ذلك بما يربو على ثلاث سنوات، أكد كبير مساعدي الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، «إن إيران تساعد بلاده في اكتشاف واختبار رواسب اليورانيوم الذي عثر عليه في مناطق نائية في فنزويلا. ويشير هذا الكشف إلى أن تشافيز يمضى قدماً، وبشكل عملي، في خطته التي أعلنها مؤخراً، لتطوير برنامج للطاقة النووية». وأضاف وزير التعدين الفنزويلي، رودولفو سانز، «إن خبراء إيرانيين قاموا بعملية اختبار جيوفيزيائي وعمليات مسح جوي لتقدير احتياطيات فنزويلا من اليورانيوم، وأن إيران تقوم بمساعدتنا في عمليات التحاليل الجيوكيميائية والجيوفيزيائية». وقبل أسبوع تقريبا، كان الرئيس الإيراني يقوم بزيارة رسمية إلى لبنان، التقى فيها، إلى جانب المسئولين اللبنانيين، قيادات من المعارضة اللبنانية، وفي المقدمة منها قيادة «حزب الله». والتي أثارت حينها حفيظة «إسرائيل»، والولايات المتحدة بشكل مباشر، واستياء بعض الدول الأوروبية بشكل غير مباشر.

إذا من لبنان الآسيوية، حتى فنزويلا الأميركية اللاتينية، تحاول طهران أن تنفذ سياسة خارجية تقوم على أربع قوائم رئيسية هي:

1. البروز كقوة إقليمية كبرى معادية للولايات المتحدة، لكنها تنتمي إلى الدائرة الإسلامية، التي وضعت الولايات المتحدة، الكثير من دولها، وبتفاوت مدروس، في خانة الدول المعادية لها. وتحاول طهران، أن تسير بحذر في تعزيز مواقعها في هذه الدائرة، آخذة بعين الاعتبار الخلافات المذهبية التي تسود العلاقات بين الدول الأعضاء في هذه الدائرة، بالإضافة إلى التباينات السياسية، بين تلك الدول أيضاً. إيران تحاول هنا بناء كتلة متماسكة داخل هذه الدائرة، تحدد العلاقات الحميمة بينها العوامل السياسية أكثر من العوامل العقيدية.

2. تعزيز موقفها كقوة إقليمية كبرى، ليس من حق أحد، حتى وإن كانت تلك البلد أميركا «العظمى» أن يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط بعيداً عنها، بل عليه بالإضافة إلى ذلك، أن يعترف بها في إطار حجمها الذي تراه لنفسها. وتعتمد إيران في هذا الطلب، على موقع جغرافي آسيوي/ شرق أوسطي متميز واستراتيجي، وقدرة مالية واقتصادية يعززها الإنتاج النفطي، وقوة عسكرية متطورة تسيرها عقيدة أيدلوجية راسخة، وتضيف إلى ذلك كله شبكة واسعة من العلاقات الخارجية تمتد من بكين في أقصى الشرق، حتى السنغال في أقصى الغرب.

3. الاستفادة من العلاقات الاقتصادية القائمة على المنفعة المتبادلة التي وقعت بموجبها اتفاقيات مع الصين، في مجال التعدين والطاقة، والباكستان، في نطاق النفط والطاقة النووية، ناهيك عن علاقات سياسية وثيقة تقوم على معاداة إسرائيل مع دول عربية مثل سورية وليبيا، تجاوزت عبرها الخلافات القومية، التي تراجعت لصالح مواجهة العدو المشترك، الذي هو دولة العدو الصهيوني، أو لتوسيع نطاق الحلف الشرق أوسطي المعادي للولايات المتحدة.

4. تجيير العلاقات الاقتصادية العالمية، القائمة من خلال الروابط النفطية، المتمركزة في مجموعة مختارة من دول منظمة الأقطار المصدرة للنفط «أوبك»، والعلاقة مع فنزويلا أسطع مثال يؤكدها، حيث يجمع الدولتين عامل مشترك، هو معاداة الولايات المتحدة لهما، لما يشكلانه من نموذج لمواجهة واشنطن، تخشى هذه الأخيرة ان يشكل سابقة تحتذي بها دول أخرى من دول العالم الثالث. هنا أيضا لا يخفى على دولة مثل إيران بعض الخلافات الثانوية التي تضعف من تماسك مثل هذه الجبهة، ولذلك نراها تحاول رفع شعارات الحد الأدنى، التي من شأنها تقليص أي تأثير سلبي مصدره تلك التباينات التي تعتبرها إيران ثانوية، عندما تقاس بخلافها مع دولة مثل الولايات المتحدة.

المؤسف له في كل تلك الأنشطة التي تقوم بها إيران، والتي يمكن، متى ما جرى فهمها بشكل صحيح من قبل الدول العربية، ان تجير لصالح القضايا العربية، بدلا من ان تكون، كما هو الحال عليه اليوم، مثار شك وريبة في سياسات العرب الخارجية.

لا أحد ينكر، ان إيران، وهي في سياق هذه التحركات، تعكس مصالح ذاتية، قائمة أيضا على نزعات قومية، لا يستطيع أي نظام في إيران ان يقفز فوقها، تسعى ان تحقق الطموحات القومية من خلال هذه السياسة الخارجية، ومن السذاجة السياسية النظر إلى تلك التحركات، وكأنها بعيدة كل البعد عن تلك الطموحات القومية. لكن متى ما فهمت هذه السياسة، في إطارها الصحيح، وجرى التعامل معها من منطلقات علمية بعيدة عن الانفعالات «الغوغائية»، أو المصالح الآنية الضيقة، ففي الوسع حينها رسم سياسة عربية خارجية صحيحة، قادرة على التعامل مع هذه الطموحات الإيرانية، قومية كانت ام عقائدية، ووضعها في إطارها الصحيح، بما يخدم المصالح الشرق أوسطية المشتركة، دون التضحية بمصالح أي من الأطراف.

فما يجمعنا من عوامل كشعوب شرق أوسطية، أكثر من التي يمكن ان تفرقنا، ويكفي الوجود الصهيوني وحده ان يكون العامل الموحد بدلا من الممزق، كما هو عليه الحال اليوم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2967 - الأربعاء 20 أكتوبر 2010م الموافق 12 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • Ebrahim Ganusan | 12:41 ص

      نعم هذه الحقيقة التي يعرفها كل أنسان عاقل ولاينكرها الا حزبي منعصب موالي لإيران

      لا أحد ينكر، ان إيران، وهي في سياق هذه التحركات، تعكس مصالح ذاتية، قائمة أيضا على نزعات قومية، لا يستطيع أي نظام في إيران ان يقفز فوقها، تسعى ان تحقق الطموحات القومية من خلال هذه السياسة الخارجية، ومن السذاجة السياسية النظر إلى تلك التحركات، وكأنها بعيدة كل البعد عن تلك الطموحات القومية.

    • زائر 2 | 11:42 م

      إحنا دائما عندنا حسن نوايا ولكن على الطرف الثاني إبداء ذلك

      هل تعلم ؟ بأن اللغة الدخلية وهي الفارسية أصبح يتعامل بها داخل المؤسسات ، هل تعلم بأن تلك الفئة تزدري اللغة العربية وتستبدلها باللغة الدخيلة ، هل تعلم بأن تلك الفئة لهم أهدافهم الخاصة ويتم تطبيقها بحذافيرها ضاربين عرض الحائط النظام العام والاداب العامة

    • زائر 1 | 11:19 م

      عبد علي عباس البصري

      الموضوع لا يحقق معنى العنوان لان العنوان شيئ والموضوع شيئ آخر . كل ما في الموضوع هو وسيله للوصول للسياسه التي ترومها ايران داخليا وخارجيا ، بينما الموضوع يكان ان يخلو من الاطروحه او الفلسفه او الهدف الذي تتوجه نحوه ايران . اخي الكاتب العزيز يجب ا ن تدرس (ايران من الداخل ) لفهمي اهويدي ، اصلا انت لست في حاجه لفهمي اهويدي ، لانك تعيش في البحرين ، ارجو منك ان تسأل شياب اهل القرى بيعلموك شنهو سياسات ايران ؟؟؟؟!!!!

اقرأ ايضاً