العدد 2973 - الثلثاء 26 أكتوبر 2010م الموافق 18 ذي القعدة 1431هـ

وفاق لـ «الوطن»

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

بصراحة شديدة، كان من حق الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان أن يتحدث بكل ثقة عن الدوائر الثمانية عشرة التي نزلت فيها جمعيته بكل ثقلها فحصدتها حصداً، من حقه أن يتحدث عنها حديث الواثق المطمئن المسيطر، ومن يعرف أن يستقرأ الشارع السياسي يستطيع القول ببساطة بأن السبب وراء ذلك لم يكن التحشيد الديني أو الانصياع السياسي - رغم تأثيرهما الكبير - ولا تفوق الوفاق على نفسها في إعداد حملتها الانتخابية والضرب على أوتار يستطيع المتفحص بدقة أن يدرك معها بأنها عرفت شارعها تماماً. ولا لكون المترشحين في قائمة الوفاق «فلتات» زمانهم التي لا تضاهى في الكفاءة أو تقارع في الخبرة، السبب الحقيقي بكل بساطة وراء هذا الفوز المتوقع جداً هو أن الشارع في هذه الدوائر الثمانية عشرة بالذات لا يملك بديلاً حقيقياً آخر.

قبل كل شيء لابد من التنويه إلى نقطة مهمة في انتخابات 2010 وبالذات فيما يتعلق بالشارع الوفاقي: من الإجحاف بعد تجربتين برلمانيتين خاضهما الناخبون في البحرين أن يتم تصوير الشارع - الذي تمثله الوفاق - على أنه منقاد وتابع دون رؤية أو بصيرة ودراية، فحتى لو اختار هذا الشارع الوفاق وانقاد أو استمع لخطابها، فقد استمع لأنه أراد الاستماع، واختار التصويت لأنه أراده، وإلا لجلس الناخبون في بيوتهم.

تلك الإرادة يجب أن تحترم، لأنها فحوى العملية الديمقراطية برمتها، والتي لا يمكن أن يسلبها أحد. وحتى لو لم يكن اختيار الشارع هو الأصلح، لكنه كان اختياره الذي وجد نفسه فيه.

لو نظرنا سياسياً إلى المعارك الانتخابية التي دارت في الدوائر الثمانية عشرة والتي حققت فيها الوفاق فوزها الساحق، لتنبهنا إلى عدد من النقاط المهمة، فمرشحو الوفاق كانوا يخوضون في الأغلب معاركهم الانتخابية ضد مستقلين أو ممثلين بشكل صريح أو غير صريح عن تيارات مضادة للوفاق في الشارع، المستقلين في الأغلب لم يكونوا يمتلكون لا القدرة المالية أو التنظيمية أو التاريخ السياسي أو الاجتماعي الذي يمكن أن يقارعوا به تنظيماً كالوفاق. ولذلك فإن فوز الوفاقيين في هذه الدوائر كان متوقعاً جداً، فقد كان الناخبون أمام خيارين، اختيار كتلة تتحدث لغة المعارضة - وهي لغة هذا الشارع - وخاضت التجربة البرلمانية - على علاتها - وأبلت بلاء مقبولاً، وبين اختيار وجوه مغمورة تخوض التجربة السياسية لأول مرة.

وسواء كان الناخبون واعين أم غير واعين سياسياً، يحبون الوفاق أو لا يحبونها، فخيارهم بالتصويت للوفاق كان منطقياً جداً.

أما الدائرتان اللتان حسمتهما الوفاق لصالحها في مقابل مرشحي تيار المنبر التقدمي فهما قصة أخرى، هنا بالذات كان أمام الناخبين خياراً، وكانت هناك معركة.

وبغض النظر عن الأساليب التي استخدمتها الوفاق لاستقطاب ناخبيها والتي انتقدها «التقدميين» حتى تنبأوا بقبر التحالف السداسي على إثرها، بغض النظر عن كل ذلك، فقد كانت الوفاق خيار الناخبين في هاتين الدائرتين، لم يجبرهم أحد على ذلك.

هنا نلتفت إلى نقطة مهمة أخرى، فعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت للوفاق حتى من قبل شارعها نفسه، والمحاسبة الشرسة التي تعرض لها ممثلوها من قبل الناخبين، صوّت الناخبون للوفاقيين مرة ثانية، ببساطة لأنهم لم يجدوا بديلاً حقيقياً يمثل تياراً سياسياً وليس اجتهادات فردية غيرهم في هذه الدوائر.

ومادام الشارع في هذه الدوائر لايزال عاجزاً عن تفريخ بديل آخر يساهم في تقويم ما تورده الوفاق من اعوجاج سياسي أحياناً، فلن يبقى أمام الناخبين سوى التصويت للوفاق، أملاً في أن ينصلح حالها، وهذه حقيقة من الواجب إدراكها جيداً.

أما الوفاق، التي تدخل المجلس للمرة الثانية بثمانية عشر وجهاً كثير منهم جديد على العمل النيابي، فقد أثبتت الأرقام بأن شعبيتها التي اكتسبتها من خلو الساحة من منافسين حقيقيين يملكون الشارع يمنحها مستقبلاً سياسياً من الواضح أنه يترسخ يوماً بعد يوم. ولولا الخوف من غرور سياسي قد يتملكها فيفقدها صوابها لقلنا بأنها في ظل الظروف الحالية بالفعل جمعية «لا تقهر» انتخابياً.

أكثر من ثمانين في المئة من الناخبين في دوائر الوفاق صوتوا لها من جديد، تدفقوا بشبابهم وشاباتهم، بنسائهم وكبار السن والمقعدين والمعاقين، ليضعوا على عاتق الثمانية عشر وفاقياً مسئولية كبرى، ويمنحوهم الفرصة من جديد ليحاولوا خلق «وفاق» للوطن كما يقول هذا التيار.

نقولها مخلصين، ليت الوفاق تلتفت إلى «الوفاق» مع التيارات الصديقة لها من المعارضة فتتحالف معها بشكل حقيقي وليس صورياً، ليتها تلتفت إلى «الوفاق» مع كافة أفراد هذا الشعب الطيب بمذهبيه الكريمين، فتكسر حاجز المذهبية الذي قامت على أساسه وتفتح الباب أمام المخلصين من كل مذهب، ليتها تلتفت إلى «الوفاق» وليس الاختلاف، حينها فقط ستكون وفاقاً حقيقياً للوطن.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2973 - الثلثاء 26 أكتوبر 2010م الموافق 18 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 5:23 م

      للأسف كنت أظن العكس

      الكلام الصحيح و المنطقي هو أن فوز الوفاق ليس لقوة مرشحيها أو لان الشارع لم يجد البديل وانما لان ثقافة الشارع هي التي لم ترتقي لاختيار من هو افضل من مرشحي الوفاق ( مساكين شعب البحرين شعب مسير وليس مخير )

    • زائر 14 | 4:55 م

      نحن للوفاق و الوفاق لنا

      نعم لا نحن لها وهي لنا
      كل منا يكمل الآخر
      و لو خيرنا مائة مرة سنصوت للوفاق و لا شيئ غير الوفاق
      و يسلمو على المقال و التحليل المنطقي الممتاز

    • المزيون | 4:05 م

      الوفاق تسبب انشقاق

      الله يكثر من اقلآمك الزاهية ياندى كم كنت اتمنى من الوفاق ان تدعم خير المناظلين من هذا الوطن لاالوقوف ظدهم امثل الدكتور حسن مدن اللذي تصدت له لماذ؟؟؟ حرام والله مثله لايدخل البرلمان ولكن بقى التمني الى الدكتورة منيرة فخرو والرجل الحنون والشجاع المناظل ابراهيم شريف الله يوفقهم واياك وشكرآ على مقالك الواقعي الجميل مع تحياتي المزيون

    • زائر 13 | 9:25 ص

      الجواب

      الوفاق دائما مستعدة لم تفضلتي به ولكن السؤال الجوهري هنا، هل بقية القوى الوطنية مستعدة لذلك؟؟
      اترك الجواب لك

    • زائر 12 | 9:21 ص

      الى زائر رقم 4

      47% من مجموع الناخبين الذين يحق لهم التصويت صوتوا للوفاق
      76% من الناخبين الذين صوتوا في الانتخابات في دوائر الوفاق صوتوا للوفاق
      هل عرفت الفرق
      والمقصود في المقال هم الناخبين الذين صوتوا لا المسجلين

    • زائر 11 | 8:01 ص

      مساء الخير

      مقال جميل يا بنت الوادي كلامج صادق وصريح والله يوفق المعارضين . وأنا من الوفاق وكل اللي قلتيه صح .

    • زائر 10 | 7:40 ص

      الوفاق على الجميع

      ندى الوادي شكرا
      أتفق مع معظم تحليلك وقراءتك للوفاق وربما أختلف معك في ما يأتي وأطرح عليك هذا السؤال : هل التوافق مطلوب فقط من الوفاق ؟
      غير هذا فماقلك رائع ومختلف.
      وحقيقة نحن بانتظار فوز الدكتورة فخرو والسيد الشريف لكي يكتمل النسيج البحريني ولكننا جد متخوفين من المطبخ الذي بدأ فعلا !

    • زائر 9 | 7:26 ص

      الوفاق للوطن كل الوطن

      مقال جميل ولكن تكرار مقولة ان الناخبين لم يجدوا البديل الأكفئ من الوفاق هو اجحاف في حق الوفاق ،، فالوفاق أثبتت أنها تمتلك كفاءات عالية ، بل وتفوق في أشياء كثيرة الكتل الأخرى ..
      وكما أنه لا يمكن لأي شخص بأن يشكك في وطنية الوفاق وذلك لأنها أثبتت ايضا وطنيتها الحقيقة أكثر من غيرها ، وكما ذكر أمينها العام الشيخ علي سلمان في كل مرة أن الوفاق ليس لمذهب دون آخر ، بل هو للوطن كل الوطن ..

    • زائر 8 | 5:40 ص

      جميل

      مقال جميل ..
      لكن الوفاق ليست لمذهب معين
      بل للجميع
      الوفاق وفاق الوطن ^^

    • زائر 7 | 5:19 ص

      بحراني دايخ

      لا وفاق إلا بالوفاق

    • زائر 5 | 3:13 ص

      وجدنا نفسنا في الوفاق ووجدت الوفاق نفسها فينا

      نحن من وإلى الوفاق لذلك أي تقصير فهو تقصيرنا جميعا ويجب علينا إصلاحه وأي تقدم فيجب أن نفخر
      به جميعا وعليه أنصح الجميع بالتعاون مع الوفاق وان لا يبخل على نوابها بالنصح والتوجيه لأن الوفاق بنا تقوى وبنا تضعف إن نحن ابتعدنا عنها
      الجميع مسؤل ولا يوجد حياء لأي فكرة أو موضوع يطرح مهما كان بسيطا فلربما من هذا الموضوع البسيط تنبثق مواضيع ذات أهمية كبرى
      علينا بالنقد الإيجابي الذي يحقق النجاح للجميع

    • زائر 4 | 2:12 ص

      good morning

      تصحيح..
      47% من الناخبين في دوائر الوفاق صوتوا لها!
      وليس 80%.

    • زائر 3 | 2:01 ص

      كلامك عسل

      يا بنت الوادي ان كلامك عسل وطيب ولكن انت تطلبين من الوفاق يكون للجميع وهذا شي ليس بغريب حيث ان جميع الوفاق ممثلة في النائب عبدالجليل خليل طالب مع النائب غانم البوعنين بحقوق اهالى الحد وهذا شي طيب ولكن نحن نطالب النواب في الكتل الاخرى بعمل نفس ما تعملة الوفاق من اجل حقوق المواطنين والابتعاد عن المهاترات الى يسعى لها النائب الفاضل جاسم السعيدي

    • مريد | 1:24 ص

      صح لسانك

      عين الواقعية ، بصراحه أول مرة أقرأ لك وأتمنى لك التوفيق من أعماق قلبي ..
      وصح لسانك

    • زائر 2 | 12:48 ص

      لقد قارعتين الحجة بالحجة

      صح الله لسانج يا بنت الوادي

    • زائر 1 | 10:36 م

      مقال رائع

      الاخت العزيزة مقالك و تحليلك هو من أفضل ما قرأت طةال هذه الفترة عن الانتخابات صريحة و دقيقة و مقال يستشرف القادم

اقرأ ايضاً