العدد 2974 - الأربعاء 27 أكتوبر 2010م الموافق 19 ذي القعدة 1431هـ

نحو نمط مختلف من العلاقات الألمانية - الخليجية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على مدى يومين متتاليين (26 - 27 ) أكتوبر/ تشرين الأول 2010 التقى مجموعة من المسئولين ورجال الأعمال الألمان والخليجيين من أجل القيام بقراءة علمية لواقع العلاقات الألمانية - الخليجية، وتقويمها، ومحاولة الخروج بتصور يعزز منها، ويضع أسس تطويرها وضمان استمراريتها وتناميها. زاوجت النقاشات التي احتضنتها قاعات مركز المعارض في مدينة شتوتغارت الألمانية، بين الأوراق النظرية، والمشروعات المنفذة، والمداخلات الباحثة عن فرص استثمارية جديدة في السوقين الألماني والخليجي. وعلى صعيد آخر تنوعت أدبيات اللقاء بين تلك التي ناقشت صناعات النفط والطاقة، وأخرى توقفت عند قضايا البناء والبيئة، دون إغفال قطاع صناعات تقنية الاتصالات والمعلومات.

يصعب حصر تلك المادة الغنية التي طرحت على بساط البحث خلال ذينك اليومين، لكن يمكن تلخيص أهم ما جاء فيها في النقاط التالية:

1. كلا السوقين مؤهلين للاستثمار، بل ويوفران فرصاً استثمارية مغرية. وكان من الطبيعي أن يتركز النقاش على الأسواق الخليجية، وعلى وجه الخصوص منها السوق السعودية والقطرية بوصف كونهما من أكثر الأسواق الخليجية نمواً في قطاع التشييد والبنية التحتية. فقد بلغت قيمة سوق التشييد والبناء السعودية خلال العام 2009 حوالي 20 مليار دولار، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة مشروعات إنشاء البنية التحتية فيها خلال الفترة 2010 - 2014 حوالي 385 بليون دولار. ولا تبتعد السوق القطرية كثيراً عن تلك الأرقام.

2. حاجة السوق الخليجية إلى اليد العاملة الماهرة، وهنا جرى استعراض موسع للتجربة الألمانية في قطاع التدريب المهني، وخاصة في قطاع تقنية المعلومات، وضرورة استفادة دول مجلس التعاون منها في مشروعات «الخلجنة». وعند تناول هذه المسألة، جرت مناقشات موسعة حول المعيقات التي تقف في وجه التعاون في هذا القطاع، ومن بين أهمها الكلفة، واللغة، وانتقال الأفراد والمؤسسات.

3. حاز الاستثمار في قطاع الخدمات الصحية على اهتمام العديد من المستثمرين ممن حضروا اللقاء من الطرفين، وكانت هناك بعض الأوراق التي أوردت الأسباب المغرية التي تدفع الأموال للاستثمار في هذا القطاع في دول مجلس التعاون، وهي النمو الاقتصادي الذي تشهده المنطقة، والنسبة العالية للعائد على الاستثمار في هذا القطاع، وأخيراً الاستجابة للمسئولية الاجتماعية. وللعلم يتوقع أن تبلغ النفقات الأميركية المتوقعة بحلول العام 2015 حوالي 4 تريليونات.

4. عرج المشاركون على العقبات الإجرائية التي تقف عائقاً أمام تدفق الرساميل الاستثمارية بين المنطقتين، إلى جانب الأفراد والمؤسسات. وكانت هناك مناقشات مستفيضة حول إمكانية معالجة النقاط التي تقود إلى إعاقة ذلك التدفق، بما فيها التخفيف من إجراءات استصدار السجلات التجارية، وأذونات الدخول (الفيزا).

5. نوهت بعض الأوراق إلى تقدم الدول العربية في سلم ترتيب الدول الأكثر سهولة لممارسة الأعمال التجارية، وخاصة السعودية والبحرين، الأمر الذي يوفر حوافز مغرية لتشجيع الاستثمارات العالمية، ومن بينها الألمانية على القدوم للمنطقة العربية. وهنا خاطب الخليجيون نظراءهم الألمان، بضرورة أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تشارك فيها ألمانيا، مثل «قمة الثمانية الكبار»G8

6. توقف المشاركون عند الاستثمار في قطاع الاتصالات والمعلومات، واعترف الجميع بارتفاع نسب النمو في هذا القطاع أكثر من سواه من القطاعات الأخرى، في السوقين الخليجية والألمانية، على حد سواء. وركزت إحدى الأوراق على النمو المتميز في نطاق هذا القطاع لسوق الهواتف النقالة والتطبيقات ذات العلاقة بها. وأبدى الطرف الألماني استعداده للتعاون من أجل التأسيس لصناعة متقدمة تقوم على الأجهزة النقالة من هواتف وأخرى تقع في الفئة ذاتها، مثل جهاز الآي باد (IPad).

رغم غنى المناقشات التي سادت الجلسات الأربع التي خصصت لكل صناعة على حدة، لكن المشارك العربي فيها كان بوسعه تلمس بعض الثغرات التي عانى منها حضور الطرف العربي، والتي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:

1. بروز بعض أشكال التنافس غير المبرر بين دول مجلس التعاون الخليجي المختلفة، فقد حاولت كل دولة أن تبرز نفسها، وكأنها السوق الأفضل الذي يدعو الرأسمال الألماني للاستثمار. كان الأحرى بالدول الخليجية أن تستهل مداخلاتها بورقة استراتيجية تتحدث عن المنطقة كوحدة متكاملة، على أن يعقب ذلك التفرع نحو كل دولة على حدة. ولربما المشاركة في مثل هذه اللقاءات تدفع المسئولين في دول مجلس التعاون إلى البحث عن القواسم الاستثمارية المشتركة التي بوسعهم تقديمها في مثل هذه المناسبات.

2. سيطرة الجوانب الاستثمارية المالية البعيدة عن الجوانب الثقافية والحضارية المرافقة لها. والحديث هنا لا يتناول هذه الجوانب من زواياها الأدبية والفنية، بقدر ما يلجها من أبوابها الاستثمارية أيضاً، فقد بات من المعروف اليوم أن هناك صناعات كبيرة ومجزية من زاوية العائد المحض على الاستثمار. وكان من الأجدى لو حاول الخليجيون لفت نظر نظرائهم الألمان إلى الفرص الاستثمارية الكبيرة في القطاعين الثقافي والحضاري.

بعيداً عن تلك الملاحظات لابد من التأكيد على أهمية ما دار في هذا اللقاء من حوارات من شأنها، متى ما جرت متابعتها من خلال المؤسسات الخليجية مثل اتحاد غرف تجارة وصناعة دول مجلس التعاون، بوسعه أن يؤسس لشراكة قوية قابلة للنمو والتطور، وتحمل مقومات الاستمرار، متى ما توافرت لها البيئة المناسبة، وأوكلت مهمة متابعتها للكفاءات المهنية المتخصصة في القطاعات ذات العلاقة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2974 - الأربعاء 27 أكتوبر 2010م الموافق 19 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 4:43 ص

      قلق ووجوه مصفقه موعدنا واياكم 30 اكتوبر

      ولنا موعد لن نخلفه ... لقد ظن هؤلاء بأنهم بمنأى عن المسائلة والمحاسبة وان غدا لناظره قريب حسبي الله ونعم الوكيل على هؤلاء الاداريين الجشعين من عباد المال

    • زائر 4 | 12:12 ص

      إداريين من منطقة القضيبية

      والمركز الاول في التهرب من الناس في الاجتماعات التي تهم مصلحة المؤسسة بحيث انه لم يكن له اجتماع يمثل مصلحة العمل ولا مكتب يعمل كما تعمل مكاتب الاداريين .... اسألوا عن اداؤهم هل تحركت الملفات العالقة وكيف ان مؤسسة بمستوى معين من الثقل رمى بكل الثقل والعمل على صغار الموظفين علموهم عدم احترام العمل والموظفين

    • زائر 3 | 12:09 ص

      فئة ذو انتماءات عرقية من ارض القضيبية

      الهدف من زجهم في مراكز إدارية مجرد زيادة حصتهم وتنفذهم وإعلاء صيتهم في البلد ... ولكن الله كان لهم بالمرصاد واسألوهم عما قدموا في مجال عملهم ترى الانتماءات العرقية هي أهم هدف استراتيجي وهي المبادرات التي على ضوءها يصيغوا بها مؤسسة بأكملها .. ولتعرف الملفات المهملة هي نتائج افعالهم حيث أن العمل هو امر ثانوي أبى من أبى ولأن ليس لديهم احترام للأداب العامة فإن العلاقات العاطفية تقام داخل المكاتب وهناك أدلة من اداريين توالوا على تلك المؤسسة

    • زائر 2 | 12:07 ص

      بعض الدخلاء على البلاد أصبحت لهم اهداف مفعلة في الواقع

      معروف عن بقعة أرض في القضيبية ولدت العديد من الاشخاص لكونهم يملكون المال وهم تجار مال أصبحوا يغرسون ابناءهم في مؤسسات كبيرة بكل ما يحملون في داخلهم من نوازع الشر والاستئثار والهيمنة والتسلط والوصول على اكتافكم الى المناصب والكراسي ،أكبر دليل على ذلك جاؤوا بأشخاص غير ذي خبرة ولا كفاءة ولا عقلية مفكرة .

    • زائر 1 | 11:58 م

      تبادل العلاقات ينصب في تعزيز مكانة الدولةى... ولكن

      تبادل العلاقات ينصب في تعزيز مكانة الدولةى... ولكن نتسائل عن بعض التجار الذين قطنوا في منطقة القضيبية وأتوا بمجموعة من أهلهم وأسكنوهم في برستيه بقصد تكوين لهم عصبة من فئة عرقية معينة وأصبحوا لهم أهداف خاصة واستراتيجية والدليل على ذلك بأن احد الاداريين تلاحظ الموظفين اللى حوله ينتمون لتلك الفئة العرقية وهذه الأجندات هي واضحه على الواقع ولكن أين الرقيب على هؤلاء

اقرأ ايضاً