العدد 2978 - الأحد 31 أكتوبر 2010م الموافق 23 ذي القعدة 1431هـ

التنوع في الآراء ضرورة حياتية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مصطلح Groupthink ابتكره عالم الاجتماع «ايرفينغ جانيس»، الذي درس كيف ان قرارات تتخذ ضمن أجواء معينة وتكون لها عواقب وتداعيات كان يمكن تلافيها أو تقليل أضرارها، فيما لو لم تحدث حالة الضغط الفكري والنفسي على البيئة التي توثر في نوعية وجودة القرار.

«جانيس» درس الكثير من القضايا السياسية التي مر بها العالم، وتوصل الى نتيجة تقول بأن «الفكر الجمعي» الضاغط يؤدي إلى «تجاهل البدائل»، ويميل متخذو القرارات إلى اعتماد إجراءات للتأكد من أن أي صوت لا يتفق مع القرار المتخذ يتم إسكاته، أو إبعاده من مساحة القرار، وأن الضغط الفكري يحبذ الاستماع الى الحديث ذاته، وكأن الفرد يسكن في «غرفة أصداء»، تردد الصوت من دون تغيير. كما ان هذه الحالة تفرض على من يمر بها ان يعزل الآراء التي تنتقد أو تشير الى مآخذ، بحيث تصبح منبوذة.

وقد أشار «جانيس» الى أعراض هذه الحالة، بعد دراساته المستفيضة التي بدأ بنشرها منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي، وقال إن البيئة الضاغطة باتجاه محدد تخلق شعوراً من «التفاؤل المفرط» الذي يشجع على اتخاذ قرارات شديدة أو خطيرة، من دون توافر مخارج، وإن الافتراضات التي بنيت عليها تلك القرارات تبقى من دون مراجعة، بل ان أية محاولة لمراجعتها قد تعتبر نوعاً من الخروج على الجماعة، وتزداد السلبية تجاه أي رأي قد لا يتفق مئة في المئة مع القرار المتخذ، وتتحول المواقف من «الانفتاح على الخيارات» الى «الانغلاق على المواقف النمطية»... وهذا يؤدي إلى أن يلجأ الكثير الى «الرقابة الذاتية» لكي لا يتهم بالانحراف عن التصور الجمعي.

وقال «جانيس» إن هذه الحالة هي التي أدت الى فشل الولايات المتحدة في توقع الهجوم الياباني على «بيرل هاربر» في 1941، وأزمة «خليج الخنازير» في 1961، وتصعيد حرب فيتنام في منتصف الستينيات من القرن الماضي، الى آخره من الأمثلة التي درسها قبل الخروج بالمصطلح الذي أصبح يدرَّس في الجامعات.

ومن المفترض اننا نعيش في عصر مختلف عن الماضي، إذ تتوافر فيه مصادر المعلومات بكل اللغات العالمية تقريباً، والتوصل الى هذه المعلومات لم يعد حكراً على فئات دون غيرها، وبالتالي فإن بإمكان أي شخص أن يطلع على الأخبار والآراء والمعلومات من خلال وسائل الإعلام المحلية أو الدولية، عبر الفضائيات وعبر الانترنت والوسائط الجديدة... وهذه كلها من المفترض أنها تفسح المجال لتعاطي أفضل، يكسر الحالة التي درسها «جانيس».

ولعل أخطر شيء ينتج عن حالة Groupthink هو ضياع «التنوع المعرفي» الذي تحتاجه أي جماعة تتخذ قرارات مهمة واستراتيجية، سواء كان ذلك على صعيد دولة، أو حزب، أو جمعية، أو شركة... فالقرار الناجح هو الذي يصدر عن أعضاء لفريق متنوع في الخلفيات التعليمية والمهنية والاجتماعية والفكرية، وهو فريق يقبل ان تثار الأسئلة، دون أن يعتبر ذلك مساساً في التماسك الاجتماعي - السياسي المطلوب.

ولعلنا نجد أن ما يذكره «جانيس» مذكور في تراثنا أيضاً، إذ إننا نردد كثيراً أن «صديقك من صدقك وليس من صدّقك»، بمعنى ان الذي يجاملك في القول ليس بالضرورة صديقك الذي تحتاجه، أو الذي يمكنك الاعتماد عليه عند الشدائد.

ونحن قد مررنا بتجربة قد تكون شديدة مقارنة مع الفترات التي سبقتها، ولكنها اختتمت بانتخابات ناجحة، والآن نحتاج إلى أن نبني على هذا النجاح، بأن نفسح المجال للتعبير عن الرأي بشكل بنّاء يدفع المسيرة الوطنية الى الأمام، وذلك لأن إغناء التنوع في الآراء والخيارات يعتبر ضرورة حياتية.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2978 - الأحد 31 أكتوبر 2010م الموافق 23 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 4:27 م

      تشخيصك صح يا دكتور لداء الدول الكبرى وبعض الأفراد ........ ام محمود

      لقد وضعت يدك على الجرح ومكان الألم عندما قلت (وتزداد السلبية تجاه أي رأي قد لا يتفق مئة في المئة مع القرار المتخذ، وتتحول المواقف من «الانفتاح على الخيارات» الى «الانغلاق على المواقف النمطية»)
      السلبية الزائدة وعدم الانفتاح على العوالم الاخرى هي التي ذبحتنا وكذلك التشديد على التمسك بالآراء حتى لو كانت خاطئة وغير مقبولة مشكلة معظم البلدان الانغلاق وراء جدران بنوها بأنفسهم وكذلك بعض الأفراد مثل الجنوساني فهو يتبنى عدة أفكار وأيدلوجيات غير قابلة للتغيير بنظره بالرغم من أحداث العالم السريعة جدا

    • زائر 19 | 1:35 م

      رايي صح ورأي غيري خطأ

      يشبه وضعنا الى حد كبير ، فالحكومة لا تعترف ولا تصغي لرأي المعارضة والمعارضة لا تصغي ولا تعترف بالرأي الآخر لطيف آخر من المعارضة ، والكل يعتقد بأن رأيه هو الصواب ورأي غيره خطأ بعكس ما قاله الإمام أبو حنيفة : رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.

    • زائر 17 | 6:20 ص

      خالد الشامخ : التنوع في التمثيل

      و ماذا عن التنوع في تمثيل الشيعه؟؟؟ اليس خللاً أقتصار التمثيل علي الوفاق ؟؟؟ أين الشيعه الاشتراكيين ..أين القوميين ...أين العلمانيين ..أين ....صوتكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 16 | 4:02 ص

      الوفاق مل الحكومة

      اعتقد ان ذلك ينطبق كما ينطبق على الحكمن كذلك ينطبق على اوفاق فهي تعاني من نفس المشكلة. جربوا انتم تنتقدنها وشوفوا ماذا يفعلون. هم يعجبهم ان تداقعوا عنها ولكن اياكم ثم اياكم تنتقدونها، تصيرون لاشين وخارج الملة.انه التفكير الجمعي ومن ينتقدها يحاصر . جرب يا دكتور.

    • زائر 13 | 2:54 ص

      ما مقياسكم فى النجاح

      ما هو المعيار الذى ارتكز على نجاح انتخابات البرلمان؟ و كثيرون يرون إن فشل و صول رموز حمعية وعد هو فشل بعينه .

    • زائر 12 | 2:49 ص

      تحية للدكتور منصور الجمري

      شكرا على مقالاتك الراقية الطرف الاخر سيعترف بحقيقة ما تحاول ايصاله بشكل مبرمج ومتواصل وهو يعلم ويتابع ولكن المكابرة تمنعه من الخروج من عنق الزجاجه بالرغم من انه متورط بداخلها وسيخرج يوما وسوف يبقى الموقف والكلمة لن تبلى ليوم الدين فهي رسالة الاحرار لبناء الانسان والارض ولعل فوز الصحيفة بالمركز ال50 ضمن قائمة فوربز مؤشر قوي
      التنوع في الاراء يمكن ان يطبق حتى في الاسرة الصغيرة فنجعل البيت نواة للديموقراطية ..

    • زائر 11 | 2:41 ص

      Albeem

      To visitor # 2 no solusion the parliament is what we have please we know what you say but this is the solusion if you have other till us.

    • زائر 10 | 2:34 ص

      ALI

      MORNING DR MANSOUR..
      LET ME PUT MY ARMS AROUND YOUR HEAD AND KISS YOUR FORE HEAD..ONE THINGS I LIKE IN YOU IS THAT YOU ALWAYS BRIGHT AND POSITIVE..GOD BLESS U..

    • زائر 9 | 1:58 ص

      جمري

      أنا أعتقد أن الإنتخابات كانت ناجحة بالرغم من تصويت العسكرين ومنع آخرين من حق التصويت و..و.. بالرغم من كل ذلك نعم نجحت وحققت المطلوب أن شاء الله

    • زائر 8 | 1:39 ص

      الوفاق غرفة أصداء

      غرفة أصداء»، تردد الصوت من دون تغيير ومن دون تعقل حزب الوفاق الحزب الواحد ضع عقلك في ثلاجة ورتاح نفسياً وجسدياً
      وأخ الجهالة في الشقاوة ينعم .... لقد أصبت ياجنوساني

    • زائر 6 | 12:51 ص

      ما يسمى بالجنوساني

      هناك أناس تصر على غبائها ، الف مرة يقال لهم العمل الحزبي وفي الجمعيات لدينا يختلف عن العمل بالعاطفة العمل داخل المؤسسة الحزبية أو ما يسمى الجمعية ، والتحالفات لا بد لها أن تسقط اذا لم تفد أي من الطرفين المتحالفين ، وجمعية الوفاق حينما تتحالف مع شخص أو تدعمه ففي ذلك مصحلة الطرفين ومن يريد النزول للأنتخابات لا بد أن تكون له القوة المؤثرة في الشارع اذا كان ضعيفا قبالة الجمعيات المنظمة ما ذنب تلك الجمعيات اليس من حقها أن تدفع بكوادرها ؟ لكن ماذا نفعل مع الأغبياء اذا لم يريدوا أن يفهموا .

    • زائر 5 | 12:42 ص

      صديقك من صدقك وليس من صدقك

      قال امامي الرضا عليه السلام بما معناه لاتغتروا بصلاتهم ولا صيامهم اختبروهم بصدق الحديث واداء الامانه فكم من امنت له فخانك ولكن لكل ظالم يوم لايتعداه في محكمة العدل الالهيه ويوم العدل على الظالم اعظم من يوم الجور على المظلوم وخاصة اذا كان هذا المظلوم لايجد على الظالم ناصرا الا الله

    • زائر 4 | 12:03 ص

      أبن المصلي

      الكمال لله وحده اما أن نقول أن الأنتخابات هي ناجحة مائه في المائه فهذا يادكتور قلب الحقائق بعينها كيف تكون انتخابات ناجحه والمراكز العامة وتصويت العسكريين والتوزيع الغير عادل للدوائر الأنتخابية كيف تدعي أن الأنتخابات ناجحة واكبر نسبة منتخبين حصلت عليها اكبر كتلة بتمثيل ثمانية عشر عضواً وفي المقابل أقل نسبة منتخبين يمثلهم اثنان وعشرون مقعدا لكن ما نقول الا في العين قدا وفي القلب شجا لقد قالها الرمز الوطني الخالد الشيخ الجمري رحمة الله عليه ليس هذا البرلمان الذي ضحى من اجله الشعب

    • Ebrahim Ganusan | 11:51 م

      عقلية الفرد الوتد (نظرية الولي الفقيه أنموذج حي) هل هذا وعي حزبي أم ثقافة القطيع دليل الوعي ؟

      بالأمس دعوا الناس للتصويت الى عزيز أبل (الليبرالي) في قبال العلامة الشيخ أحمد الماحوزي (الديني) واليوم يوزعون المنشورات وبث الشائعات لتسقيط المعارض الشريف الدكتور حسن العالي لاته ينافسهم ,,,بالأمس في خطبة الجمعة قال كبيرهم أن وعي الناس وإيمانهم أوصل 18 نائب للبرلمان أي وعي هذا ورأي الناس مقيد بسلاسل التكليف الشرعي المستوردة من خلف الحدود ..كلمة وزعت في القرى وكثير من المناطق بعد ان خرج البعض من بيت الطاعة الى طريق المقاطعة .. تقول لي أنك أسلامي وأنت تستكبر على القيادة التي دل عليها الأسلام !

    • زائر 3 | 11:50 م

      حقائق عسى أن تدرك

      حقائق عسى أن تدرك أن التنوع في الاراء مفتاح التطور وان الراي المعارض ليس بالضرورة معادي بل العكس فهل جزاء المرآة التي أنظر فيها صباحا الكسر اذا ما نبهتني الي ما لا ارغب فيه ويشوه صورتي ؟ هذا هو المعارض حيثما يكون موقعه ، وهذا مثير الاسئلة أمام المسؤول حتى يكون قراره الصائب أو الاقرب الى الصواب ..ز فالنبني على هذا والاما لا نتمناه لمستقبلنا ...

    • زائر 2 | 10:59 م

      بهلول

      صباح الخير للجميع و شكراً على مقالاتك الرائعة.
      ولكي لا ننساق وراء كثيراً وراء التفكير الجمعي النمطي هل تعتقد فعلاً أنها إنتخابات (ناجحة) كما اخننمت مقالتك ؟ ربما تكون عملية تنظيم و فرز وإعلان النتائج تمت بصورة ناجحة أما القول بأن العملية الإنتخابية برمتها ناجحة فاسمح لي أن أسأل:
      كيف تكون ناجحة مع هذا التوزيع اللامنطقي للدوائر ؟ مع وجود المراكز العامة ؟ مع تصويت العسكريين و رجال الأمن في بلد مثل البحرين ؟ مع من يقول لك من المسئولين أن إنتقاد العملية الإنتخابية مرفوض ؟

    • زائر 1 | 10:44 م

      انت في واد

      يا دكتور انت في واد والمعنيين في واد اخر، انت تتكلم بامور اصلا صعب هضمها من قبل اناس صنعوا الاعلام للشتم والقذف مستغلين الوضع والقوة التي يستندون عليها، هناك قول مأثور مفاده انه اذا كنت تحتمي بالابطال فلست بطلا، والاخر كذلك، وفي العموم طرحك يا دكتور صعب على الكتاب الاخرين فهمه والمشكله انهم هم المستشار الاول ةليس انت.

اقرأ ايضاً