العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ

. .. حنين إلى قانون أمن الدولة

المذكرات الداخلية في الوزارات

هاشم سلمان الموسوي comments [at] alwasatnews.com

في ظل الانفتاح، الذي من المفترض أن تسود فيه الشفافية بين المسئولين ومن يقع تحت مسئوليتهم، تصدر قوانين ومذكرات فيها مخالفة صريحة للأنظمة القائمة التي يعتمدها ديوان الخدمة المدنية، وتفرض هذه المذكرات قسرا على الموظفين من دون طرحها للنقاش أو الحوار وكأن الناس يقادون كالقطيع لا رأي لهم إلا القبول. فالمذكرة الصادرة من مدير إدارة الموارد البشرية في وزارة الكهرباء والماء بتاريخ 10 سبتمبر/ أيلول الماضي إلى مديري الإدارات التي تلزم المديرين الالتزام بالمنحنى المثالي "بحسب المذكرة" لتقدير الأداء الوظيفي بحيث لا تتجاوز نسب التقديرات عن 5 في المئة للممتاز و20 في المئة للجيدجدا و 50 في المئة للجيد وباقي التقديرات توزع على المرضي وغير المرضي، وتم من خلالها ربط التوزيع المسبق للنسب بالاجراءات الوظيفية الأخرى كالترقيات والحوافز وبرامج التدريب والتطوير. وهذا يعني حرمان 75 في المئة من الموظفين من الترشح للترقيات والحوافز والرتب، وذلك استنادا إلى نظام الخدمة المدنية رقم 430 بتاريخ 1 يوليو/ تموز .2004 وجاء في نظام الخدمة المدنية بشأن الحوافز والمكافآت، علاوة نوعية العمل ضمن قواعد وشروط منح علاوة نوعية العمل/ رتبة واحدة، أنه "يجب أن يكون التقدير العام للموظف بدرجة جيدجدا على الأقل". أما قواعد وشروط علاوة نوعية العمل /رتبتين فتشترط حصول الموظف على تقدير ممتاز أو جيدجدا على الأقل خلال العام الماضي. وكذلك مكافأة موظف السنة تشترط الحصول على تقدير ممتاز خلال العام الأخير. من هذا المنطلق، فإن المذكرة الصادرة من مدير إدارة الموارد البشرية تعتبر خرقا قانونيا لا ينبغي السكوت عليه فهو مخالفة صريحة لنظام الخدمة المدنية رقم 410 لسنة 1992 والذي يعد السند القانوني لتقييم الأداء الوظيفي، وقد وضع هذا النظام للارتقاء بمستوى الموظف بدلا من تحطيمه، إذ جاء في المادة "3" منه "تقويم أداء كل موظف مرة واحدة سنويا على الأقل ومناقشة نتائج هذا التقويم معه والكشف عن مواطن ضعفه التي تحتاج إلى تحسين واطرائه وتشجيعه على الأداء الجيد ووضع خطوات محددة بالاتفاق معه للارتقاء بمستوى أدائه". ومن جانب آخر، فإن هذه المذكرة الغريبة تتناقض مع ما أدلى به سمو رئيس مجلس الوزراء العام الماضي "5/12/2004"، إذ صرح بأنه ينبغي دراسة انتقاد الضوابط التي وضعت لصرف الحافز وتنفيذها، مشيرا بصريح العبارة إلى أننا "لن نرضى بإجحاف حق العاملين". ولا يحتاج المرء إلى تفكير عميق ليدرك بنفسه بأن المذكرة جاءت لتصادر حق الموظف في الحصول على التقييم المناسب لأدائه، بل جاءت لتضعه في دائرة مغلقة لا يستطيع الخروج منها حتى يتم احلال موظف آخر ممن كان في مستوى أعلى منه سابقا من أجل الحفاظ على النسب بصورة ثابتة، وهو أمر يمثل غاية الاجحاف في حق الموظفين. وبناء على ذلك، طالبت النقابات ديوان الخدمة المدنية بالتدخل السريع وتوضيح اللبس الحاصل وتزويدها بأي نظام جديد صدر لينسف النظام السابق، وإلا فإن المذكرة الحالية تفقد صفتها القانونية وتصبح في حكم اللاغية وأن الالتزام بها يمثل خرقا للقوانين المعمول بها في ديوان الخدمة، إلا أن يدعي صاحب المذكرة أن القوانين القائمة لا تمثل لديه شيئا وهو أمر يحمل معه الكثير من المخاطر، إذ إننا وفي ظل التغييب المتعمد للقوانين سنعيش هواجس كثيرة، وليس من المستبعد أن يتم إصدار مذكرات لاحقة يتم من خلالها توجيه الاتهامات الجزافية لأي موظف بأنه لم يلتزم بالقانون وبالتالي يتم توقيفه عن العمل أو إنذاره بحسب المزاج الذي يريده المتنفذون.ونحن نطالب وزير الكهرباء والماء بالتدخل السريع لأن الأمور قد تصل إلى حال التصادم في بعض الأقسام، وهو ما يجعلنا نطرح عدة أسئلة نتمنى الاجابة عنها. لماذا يتم التعامل مع الناس على أنهم قطيع يقوده الراعي أينما أراد ليس لهم رأي ولا مشورة؟ولماذا تغيب ثقافة الحوار من قاموس بعض المسئولين فيقوم باصدار أوامره للتنفيذ فقط؟ أولسنا نعيش في عالم تتلاقح فيه الأفكار من خلال التطور السريع في وسائل الاتصال حتى أصبح العالم قرية واحدة؟ وهل ترقى الأساليب القسرية المتبعة من قبل بعض المسئولين إلى مستوى التطورات العالمية الجارية؟ أم أننا مازلنا نعيش في بقعة منعزلة عن العالم لا تتأثر؟ هل من المعقول أن نعيش بعقلية قانون أمن الدولة في ظل حقبة الاصلاح التي نتمنى ارتقاء جميع المسئولين في مختلف المواقع إليها ويؤقلموا أنفسهم مع تطوراتها بدل الرجوع إلى الوراء، وهو أمر لا يستطيع الجميع القبول به؟ الغريب أن ترسل المذكرة من مدير إدارة الموارد البشرية في وزارة الكهرباء إلى رؤساء الأقسام تلزمهم بالسقف المحدد في التعميم السابق لديوان الخدمة المدنية وهو أمر ليس له ما يبرره، خصوصا أن الضوابط التي أمر بدراستها سمو رئيس الوزراء لم تنشر حتى الآن ولم تتم مناقشتها سواء في مجلس الوزراء أو ديوان الخدمة أو أي من مؤسسات المملكة التشريعية والتنفيذية. وبناء عليه فإن المذكرة الصادرة من مدير إدارة الموارد البشرية تتناقض تماما مع نظام الخدمة المدنية رقم 210 لسنة 1992 بشأن تقييم أداء الموظفين الذي يبقى المرجع الوحيد في ظل غياب المعايير المحددة التي من الواجب أن تطرح للنقاش بين الشركاء الاجتماعيين في منظومة الانتاج. من هذا المنطلق فإننا في نقابة العاملين في وزارة الكهرباء والماء نطالب بالآتي: 1- عدم شرعية المذكرة الصادرة من مدير إدارة الموارد البشرية واعتبار نظام الخدمة المدنية رقم 210 لسنة 1992 هو المرجع الوحيد لتقييم أداء الموظفين. 2- وضع ضوابط جديدة لا تجحف حق الموظفين وعدم تقييد المسئول المباشر بنسب محددة سلفا لأنه سيظلم الموظفين الواقعين تحت مسئوليته. 3- عدم تغييب دور العاملين في دراسة المعايير والضوابط وذلك من خلال ممثليهم الشرعيين في النقابات والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين. *رئيس نقابة العاملين في وزارة الكهرباء والماء

إقرأ أيضا لـ "هاشم سلمان الموسوي"

العدد 1137 - الأحد 16 أكتوبر 2005م الموافق 13 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً