العدد 1143 - السبت 22 أكتوبر 2005م الموافق 19 رمضان 1426هـ

محاكمة صدام تتطلب أيضا محاكمة من وظفه للقيام بجرائمه

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

لاتزال الاعتقالات تتتابع في فلسطين، في الوقت الذي يوقف فيه الإسرائيليون الاتصالات مع السلطة الفلسطينية للبحث في القضايا الأمنية والسياسية، أو لإعداد اللقاء مع شارون الذي يحاول إذلال قيادة السلطة بالتسويف والإهمال، باعتبار أنها لا تمثل - عنده - موقعا سياسيا للتفاوض، بل هي مجرد ملحق للضغط الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وتستمر "إسرائيل" في التضييق على الفلسطينيين في المعابر، والتخطيط لفصل مسار الفلسطينيين في الضفة عن مسار المستوطنين بما يرهق الأوضاع الفلسطينية... وأمام هذا العبث الصهيوني بالمزيد من الإرباك والتمزيق، فإننا لا نجد في زيارة محمود عباس للبيت الأبيض أية مبادرات جديدة لمصلحة الفلسطينيين. إن المشكلة الحاضرة الآن هي التخطيط العربي الإسرائيلي الأميركي وربما الأوروبي لإدخال القضية الفلسطينية في المتاهات السياسية والأمنية بما لا يحقق للشعب الفلسطيني أية فرصة للحرية والاستقلال، لأن الخطة تعمل لتفرض عليه أن يقبل بما يقدمه له التحالف الأميركي الإسرائيلي من دون اعتراض، لأن الأمن الإسرائيلي في نظر أميركا فوق كل أمن. إن هذا المشهد الفلسطيني يلتقي بالخطة الأميركية للمنطقة التي يراد لها الخضوع لإرادة الإدارة الأميركية في فرض الشروط المهينة للواقع العربي، لأنه معنيا بتنفيذ كل ما يحقق لأميركا خطوطها السياسية في الأمن الإسرائيلي المطلق الذي يراد له نزع سلاح المقاومة في لبنان، والتضييق على السلاح الفلسطيني، والضغط الدولي على سورية لتخضع للإملاءات الأميركية في التضييق على الفصائل الفلسطينية وحماية الاحتلال الأميركي في العراق، بالإضافة إلى تنفيذ الخطة الأميركية في لبنان. أما في العراق، فلاتزال الدوامة الداخلية خاضعة للاحتلال في خطواته ومفاعيله، حتى بعد الاستفتاء الذي عبر فيه الشعب عن إرادة حرة توحي للمحتل بأنها قادرة على أن تقول كلمتها في مستقبل البلد من دون أية هيمنة خارجية، وأن الناس قادرون على حماية أمنهم بشكل مستقل من دون حاجة لقوات الاحتلال، لأن الاحتلال هو الذي خلق المشكلة وهو الذي ساهم في الخلل الأمني، وهو الذي أفقر البلاد والعباد، وهو الذي لم يمنح القوات العراقية وسائل القوة التي تستطيع بواسطتها أن تحقق الأمن للمواطنين، ليبقى الناس مشدودين الى أمن المحتل. إننا نعتقد أن على الشعب أن يؤكد للاحتلال بالصوت الوطني الواحد أن عليه الانسحاب من العراق ليقرر العراقيون مصيرهم بأنفسهم، وأن أية قيادة تشرع لبقاء المحتل هي قيادة غير شرعية وغير وطنية. وعلى العرب في تدخلهم الجديد في العراق، أن لا يدخلوه في متاهاتهم السائرة في الخط السياسي الأميركي لحماية الاحتلال بطريقة وبأخرى. أما محاكمة طاغية العراق وأعوانه ونظامه، فلابد أن تتوجه إلى محاكمة السياسة الأميركية التي وظفت الطاغية ونظامه للعبث بالواقع السياسي والأمني والاقتصادي العراقي، وللدخول في أكثر من حرب ولاسيما ضد إيران والكويت، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية للواقع في داخله، ثم منحته المساعدة بعد خروجه من الكويت للقضاء على الانتفاضة الشعبية التحريرية، لأنها كانت تخطط للقضاء عليه بعد انتهاء وظيفته، للإيحاء للعراقيين بأنها جاءت لتأخذ دور المنقذ من النظام الطاغي، في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أنها جاءت تحت تأثير أكذوبة كبرى لاحتلال البلد والسيطرة على مقدراته، ولاعتباره جسرا للانتقال منه إلى المنطقة بحسب تصريح قادتها في الإدارة. أما لبنان، فقد انتقل نشاطه السياسي إلى فرنسا التي تدير الواقع اللبناني بكل تفاصيله، بالوكالة عن أميركا التي تطوف وزيرة خارجيتها لترتيب الوضع الداخلي والخارجي في لبنان، ولتحويله ورقة للضغط على سورية لإخضاعها لشروطها التعجيزية. لقد انتقل المسافرون من السفر إلى دمشق للسفر إلى باريس، وربما إلى واشنطن، لترتيب أوضاعهم ولأخذ التعليمات من الخطة المرسومة للمستقبل اللبناني، لأن الخطوط الداخلية الوطنية من خلال النادي السياسي قد أدمنت الانفتاح على الوصيات الخارجية. إن المعركة التي يخوضها القرار 1559 من خلال الأمم المتحدة التي خضعت للإيحاء الإسرائيلي، والتنفيذ الأميركي، والتحريك الفرنسي أو الأوروبي، تتحرك للضغط على سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني لحساب الأمن الإسرائيلي، تحت عناوين لبنانية وطنية، الأمر الذي يراد له إرباك العلاقات السياسية اللبنانية بين فريق يدعم القرار وفريق يعارضه، انتهاء بفريق يتحرك بازدواجية نفاقية تطلق بعض كلمات الحق التي يراد بها الباطل. إننا لا نخشى على لبنان من مشكلة طائفية أو حرب أهلية، ولكننا نخاف عليه من الخلل في مسألة الوحدة الوطنية. ونقول للبنانيين: إن عليكم أن تتماسكوا أكثر في الداخل، وأن تنظروا إلى ما هو أبعد من ساحتكم بكثير، لأن هذا التداخل الإقليمي والدولي الذي جعل من ساحتكم ساحة تجاذب دولي قد يعيد عقارب الساعة الى الوراء، وقد يجعل منكم وقودا وحطبا لنار أشعلت لحساب الآخرين لا لسواد عيونكم. إننا نريد لبنان الوطن والشعب والمستقبل الحر السيد، لا لبنان الورقة التي أدمنها بعض اللبنانيين، إننا نريد لبناننا لا لبنان الآخرين. * مرجع ديني

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1143 - السبت 22 أكتوبر 2005م الموافق 19 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً