العدد 1150 - السبت 29 أكتوبر 2005م الموافق 26 رمضان 1426هـ

أنا عايز أسأل سؤال

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

«بكاء ونحيب، عذاب وشقاء، خيانة وغدر، سرقة ونصب، ضرب وشجار، نفاق وتعصب». قالها صاحبي وأغلق جهاز التلفزيون وقال بعصبية: «أنا خارج لأشم هواء نظيفا». انتظرت صاحبي حتى أتى من جديد، ولكن الانزعاج لايزال يريم على وجهه ومازال لسانه يتمتم بعبارات غير واضحة.

ولأنه يحب الشاي قدمت له كوب شاي ساخنا فهدأت نفسه وأخذ يشرب الشاي الساخن ويفكر بهدوء. وقضى صاحبي أكثر من عشر دقائق وهو يعمل الأفكار في ذهنه تماما كما هو شأنه قبل أن ينطلق لسانه بالحديث فينحدر كالسيل. فهو ليس بمتسرع في أحكامه، ولكن لا أظنني رأيت أحدا في العالمين له قدرة صاحبي على الاستمرار في الحديث إلى ما لا نهاية.

أخيراً تكلم صاحبي بسخرية بعد أن أعاد تشغيل جهاز التلفزيون وراح يقلب في القنوات الفضائية، حتى تعب مرة أخرى ورمى «الريموت كنترول» من يده وقال: «ما إن يقبل شهر رمضان المبارك حتى تسارع الفضائيات في نشر إعلاناتها وإعلامها في كل صحف الدنيا عن مسلسل تنتجه هذه المؤسسة أو تلك الشركة الفلانية والذي سيكون سيد المسلسلات. فلا تبقى فضائية إلا وتسارع إلى اقتنائه وعرضه. إلى الدرجة التي أصبح فيها المشاهد غير قادر على متابعة شيء منها. عنيت المشاهد الفاضي الذي لا تهمه جودة المحتوى وإنما يتناول كل ما يقدم إليه».

وسكت صاحبي ليضيف: «أنا عايز أسأل سؤال: لماذا لا تعرض تلك المسلسلات سوى البكاء والنحيب، العذاب والشقاء، الخيانة والغدر، السرقة والنصب، الضرب والشجار والنفاق والتعصب. وكأنما خلت الدنيا من أي شيء جميل، اسمه الفرح والسرور، الراحة والهناء، الصداقة والوفاء، الأمانة والثقة، السلام والإخاء والصدق والتعقل. وخلت حياتنا من أية لمسة حب أو حنان.

الغريب أن تلك المسلسلات تدعي تأكيد روح التسامح وبث الخير بين الناس وتنتقد المسلسلات الكارتونية وتقول إنها تؤثر على خيال الطفل وتحوله إلى متوحش، لكنها لا تتورع عن تصوير البشر في سيناريوهاتها وكأنه حيوان بلباس آدمي، همه السلب والنهب والقتل. فأين يجد الفرد منا شيئا يستحق المشاهدة أمام هذا الانحلال؟!»

العدد 1150 - السبت 29 أكتوبر 2005م الموافق 26 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً