العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ

من هو "الجرسون"؟

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

لابد من الاعتراف بأن الشعوب التي عاشت الحرمان والاستضعاف مددا زمنية طويلة تنظر إلى البرلمانات على أنها مكاتب "خدمات" وليست سلطات تشريعية ورقابية، وهذا ناتج عن الحاجة الملحة التي تحتاج إليها تلك الشعوب من تلبية حاجاتها الأساسية من عمل ومسكن وخدمات أخرى حرمت منها تلك الشعوب في زمن استضعافها وحرمانها. وغالبا ما تجد في تلك المجتمعات أن النواب الذين يرغبون في تجديد فوزهم بأحد مقاعد البرلمان لا ينافسون بإنجازاتهم التشريعية أو حتى الرقابية بل ينافسون بالخدمات التي يقدمونها إلى ناخبيهم وهذا ما يجعل الدور التشريعي هزيلا والدور الرقابي أكثر هزالا وميوعة. الدور التشريعي يكون ثانويا عند أولئك النواب لأنهم منشغلون بتلبية طلبات ناخبيهم الخدمية وهذا بالتأكيد بحاجة إلى متسع من الوقت لبناء العلاقات مع المسئولين في الحكومة والذين يمتلكون القرار الخدمي، وكذلك الدور الرقابي يصبح أكثر ثانوية من الدور التشريعي ذلك لأن النائب الذي يريد أن يحتفظ بمقعده البرلماني في فصل تشريعي جديد مستعد لإلغاء مساءلة وزير عن جرم مشهود لمجرد حصوله على وظيفة مراسل أو فراش لأحد ناخبيه لأنه سيضمن بذلك صوت الفراش وعائلته وكل من يعز عليه! ليست المشكلة في وجود نواب مستعدين للقيام بهذا الدور الانتهازي، بقدر ما أن المشكلة هي أن تسود المجتمع ثقافة كهذه تسمح بالاستغناء عن الموقف والمبدأ وعن الدور الحقيقي للسلطة التشريعية والرقابية، مقابل وظيفة متواضعة أو تمرير طلب إسكاني أو غير ذلك من الخدمات التي يغرق الناخبون نوابهم بها. لابد من تغيير هذه الثقافة السائدة التي تلغي الدور البرلماني وتحول البرلمان من قلعة يحاصر فيها الوزراء والمسئولون إلى مقهى يقوم فيه النواب بدور "الجرسون" الذي يقدم القهوة إلى الوزير ليحصل منه على خدمة متواضعة سيقوم الوزير مرغما على تقديمها وتقديم ما هو أكبر منها لو انشغل النائب بسن تشريعات تلزم الوزير بذلك، ولو التزم النائب بدوره الرقابي على الوزير مستخدما معه أداة المساءلة التي تجعل الوزير يشعر أنه هو "الجرسون" والنائب هو الوزير!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1152 - الإثنين 31 أكتوبر 2005م الموافق 28 رمضان 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً