العدد 1174 - الثلثاء 22 نوفمبر 2005م الموافق 20 شوال 1426هـ

بوصلة حزب الله

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

منذ قرار حكومة أرييل شارون بالانسحاب العسكري من قطاع غزة ارتفعت وتيرة الاستفزازات الإسرائيلية والتحرشات البرية والجوية والبحرية ضد جنوب لبنان. فشارون أراد من وراء إغلاق بوابة غزة توجيه الانتباه إلى بوابة الجنوب مستفيداً من المتغيرات الدولية والإقليمية التي عصفت بالمنطقة بعد اجتياح العراق في العام .2003 ما حصل من تصعيد عدواني إسرائيلي على جبهة الجنوب لا يمكن عزله عن سياق تداعيات الحرب على العراق وتهديدات واشنطن المستمرة بتوسيع دائرة المواجهة وزعزعة استقرار دول الجوار. فالحلقات مترابطة في سلسلة تريد واشنطن الإمساك بها لمصلحة استراتيجيتها الكبرى. ولبنان في هذا الإطار يعتبر ساحة لفحص موازين القوى وحقل اختبار لمدى الاستعداد للمواجهة. شارون ليس بعيداً عن هذه الأجواء الأميركية. ودولته هي المستفيد الأول من كل ما يحصل من تطورات. لذلك قرر الانسحاب من غزة ليقوم بترتيب أولويات تتناسب مع تلك المتغيرات التي طرأت على العلاقة السورية ­ اللبنانية بعد صدور القرار الدولي .1559 إلا أن الانسحاب العسكري الذي نفذته دمشق في أبريل/ نيسان الماضي حصَّن الجبهة السورية الداخلية وعطل على تل أبيب إمكانات استغلال ذاك الانتشار السابق لتمرير مشروع يقوض العلاقات الثنائية. فالانسحاب اعتبر خطوة استراتيجية غير محسوبة أربكت المشروع الإسرائيلي وسحبت منه ذريعة العدوان... وهذا ما دفع الولايات المتحدة إلى التريث لتعيد قراءة الوقائع من جديد. الآن يبدو أن واشنطن توصلت إلى اكتشاف جديد يشكل قاعدة انطلاق لتأسيس ذريعة تبرر تحريك الجبهة الجنوبية من خلال الاستفزاز اليومي لفحص النوايا وجس نبض المقاومة ورصد اتجاهات الرياح الإقليمية. والاكتشاف هو استخدام القرارات الدولية وسيلة للضغط، كذلك امتحان الموازين ميدانياً بعد أن ردت القوى المعنية واختارت سياسة المواجهة. ما حصل في الجنوب في اليومين الماضيين لا يمكن عزله عن المتغيرات الدولية والإقليمية في المنطقة، بل جاء في سياق متتابع من القرارات والتوجهات والإملاءات. ولبنان في هذا المعنى يشكل منطقة مكشوفة يمكن من خلال ردود فعلها رصد اتجاه التحولات. وقرار حزب الله في التصدي لكل محاولات الاستفزاز والتصعيد الإسرائيلي وجّه رسالة عشية احتفال لبنان بيوم استقلاله... وعنوان الرسالة: إن الأولويات لم تتغير، وإن سلاح المقاومة سيبقى في الجنوب ولن يتوجه إلى الداخل. قرار التصدي للعدوان الإسرائيلي الذي اتخذه حزب الله وجّه رسالة قوية على أكثر من صعيد واتجاه. ومنطق القرار يحمل معه إشارات سياسية مختلفة. فهو من جهة طمأن القوى اللبنانية في مختلف مناطقها وأطيافها بأن بوصلة الحزب لم تتغير، فالجنوب لايزال هو الهدف الرئيسي. ومن جهة أخرى، نبّه إلى خطورة التحشيد اللبناني ضد سورية والتحشيد السوري ضد لبنان بإعادة التأكيد على أن مكمن الخطر لايزال في مكانه ولم يتغير. إعادة تعيين بوصلة الاتجاهات والتأكيد مجدداً عليها لتذكير الناس بأن المخاطر ومصادرها لم تتغير، كانت رسالة سياسية قوية من جانب حزب الله. فالرسالة واضحة وهي رفض الانزلاق إلى تفصيلات مملة تغرق القوى في رمال متحركة تستدرج الأطياف المحلية إلى مناوشات داخلية تخرجه من معادلة الصراع العربي ­ الإسرائيلي. فالرسالة هي تحذير وتنبيه. فهي تحذر العدو الإسرائيلي من استغلال الفرصة والتطاول على سيادة لبنان واستقلاله. وهي أيضاً تنبه القوى المحلية والإقليمية من خطورة الانزلاق نحو مناوشات تعتمد التحشيد المتبادل وتتناسى مصادر الخطر الذي يهدد أمن البلد واستقرار المنطقة. حاول شارون منذ خروجه العسكري من قطاع غزة فتح بوابة في الجدار اللبناني، مستفيداً من الضغوط الدولية وما تنص عليه فقرات القرار .1559 فشارون يمر الآن بأزمة داخلية في حزبه وحكومته وعلى مستوى تحالفاته المحلية. وهذا ما يرفع من طموحاته الانتخابية ويدفعه نحو استثمار المتغيرات الإقليمية من خلال اختبار مناعة الجبهة اللبنانية ومدى قابليتها للرد أو الاستجابة. فالاستفزازات العسكرية المتواصلة غير بريئة وهي أيضاً ليست بعيدة عن تلك التداعيات التي طرأت في المنطقة. لذلك كان لابد من رسالة واضحة ترد على تحركاته. وقرار المواجهة الذي اتخذه حزب الله حمل معه الجواب: البوصلة السياسية لم تتغي

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1174 - الثلثاء 22 نوفمبر 2005م الموافق 20 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً