العدد 1180 - الإثنين 28 نوفمبر 2005م الموافق 26 شوال 1426هـ

لماذا كل هذا الإصرار على موضوع "الكوتا"؟

إلى الجمعيات النسائية والناشطات سياسيا

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

كان ذلك العنوان لأحد قراء مقالي السابق "سبل وآليات تمكين المرأة سياسيا"، إذ يتبين أنه قرأ المقال وسجل بعض ملاحظاته وأفكاره وأرسلها على بريدي الالكتروني بعدها أخذت الأذن منه لنشرها والتعليق عليها، أترك لكم المجال أولا لقراءة ملاحظات الأخ "أبوراشد" بعدها ستكون هناك قراءة تحليلية لأعبر بها عن وجهة نظري حيال ما جاء في رده على المقال، أترككم الآن للقراءة: "من وجهة نظري ومادام نتكلم عن المجالس المنتخبة فالمفروض نترك المجال للناس تختار ما تشاء فإذا لم تنجح المرأة في الوصول للمقعد النيابي فالمفروض تعمل على الوصول بالطرق العاديه لأ أن تنال حصة مفروضة مسبقا على خلاف رأي واختيار المجتمع لأن إقرار نظام الكوتا يعني أنهم يائسون من النجاح في الانتخابات وبالتالي يريدون النجاح والوصول بأي طريقة كانت، هذا من جانب ومن الجانب الآخر فعندنا مجلس شورى والمفروض أنه يكمل المجلس النيابي بضمه من الكفاءات التي تعوض أي نقص قد ينتج من اختيار أعضاء المجالس المنتخبة بحسب رأي من سن وجود هذا المجلس الذي ينطبق عليه قول وجودك من عدمك وقد يكون تعيين المرأة في مجلس الشورى من تلك الأمور بل أني أرى أن تعيين نساء كفوءات في مجلس الشورى أفضل من تعيين أشباه رجال لا يفقهون الا "يس سير" وأنت تآمر يا طويل العمر ولا يحسنون إلا لبس البشوت مساء الأحد والتسند كأعجاز نخل خاوية فلتطالب المرأة بنصيبها في الشورى أما المجلس النيابي فالمفروض يعكس المجتمع وثقافته لا أن نفرض كوتا وما شابه فقط لكي نحقق وصول المرأة للمجلس، الذي أصبح هدفا في حد ذاته وأخيرا تعليقي هذا لا يعني أني ضد جلوس المرأة على مقاعد المجلس المنتخب، بل بالعكس فعندنا من النساء ما هن أفضل وأعقل من الكثير من الرجال الذين نالوا شرفا لا يستحقونه أبدا ولكن فرض الكوتا فيه ما فيه من الدلالات التي أرى أنها خلاف الطبيعي والمفترض بل أني أرى أنه بقليل من الحكمة وكثير من التعقل في دراسة المجتمع يمكن أن تنجح المرأة بنسبة ما، ولكن نحتاج لفهم المجتمع وطريقة التحرك الأسلم فيه". وجهة نظر مقدرة ومحترمة، ولكن لدي ما أقوله، أولا ان نظام الكوتا أحد التدابير اللازمة والمهمة لمساعدة وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار السياسي عن طريق الاقتراع الحر المباشر أي بالانتخاب لا بالتعيين، وبالتالي هناك الكثير من السبل والآليات التي تعين المرأة على التمكين السياسي ولكنها قد لا توفر الضمانات الحقيقية لوجود المرأة على خريطة العمل السياسي لأسباب قد تكون واقعية وحقيقية وقد تكون موروثة وبالتالي صعوبة الاقلاع عنها، وجود الرجل المنافس للمرأة يجعل المرأة في وضع صعب حتى لو كانت المرأة أكثر اقتدارا منه لكون هناك خلفية ثقافية لا يمكن تجاهلها لدى أفراد المجتمع تؤمن بتفوق الرجل على المرأة في مجال العمل السياسي، على رغم تفوق المرأة على الرجل في الكثير من المجالات الأخرى، والدليل على ذلك اكتساح المرأة لوحات الشرف سواء في نتائج الثانوية العامة أو في قوائم عيد العلم أو غزوها لمقاعد الجامعات واللوحات الشرفية، لا اتصور أن هناك عائقا حقيقيا لتفوق المرأة على الرجل لو أعطيت الفرصة لذلك ولا سيما أن هناك الكثير من الدراسات أثبتت قدرة تغلب المرأة على الرجل في عمليات الإنتاج والالتزام، فالمرأة في غالبية الأحيان هي من تقوم بعمليات إدارة شئون المنزل فليس هناك شكوك تحوم حولها في الإدارة والتدبير وحسن التصرف فهذه الأعمال لا يمكن النجاح فيها ما لم يكن الفرد حكيما وسياسيا، ولكن المشكلة تكمن في أن المجتمع لم يجرب المرأة بالشكل الكافي في مجال العمل السياسي وأيضا المجتمع غير مستعد بأي حال من الأحوال في خوض مغامرة غير مأمونة العواقب والتضحية من أجل وضع المرأة وأدائها على المحك. من هنا نجد هناك تمييزا غير مبرر ضد المرأة والمستفيد الحقيقي من ذلك الرجل الذي يتعامل مع المرأة كتعامله مع الورقة النقدية تساعده على الوصول إلى مواقع صنع القرار السياسي، أيضا المرأة متورطة في عدم وصول أختها المرأة إلى مواقع صنع القرار السياسي من بين تلك الأسباب أن المرأة التي ابتعدت عن العمل السياسي أو التي لا تخوض غمار العمل السياسي تجد من الصعوبة بمكان أن تنجح المرأة فيه، وبالتالي ما لم تستطع القيام به تعممه على أختها المرأة، المجتمع يجد أن مكان المرأة المقدس هو بيتها وأسرتها والعمل السياسي يحتاج إلى تفرغ وبالتالي سيكون ذلك على حساب عطائها داخل بيتها الذي هو في سلم أولوياتها، من هنا يأتي خيار نجاح المرأة أمام هذه الإرهاصات صعبا جدا حتى مع توافر الإرادة والقدرة والكفاءة المطلوبة، ولكن مع وجود نظام الكوتا سيكون هناك حتما نساء سيصلن إلى قبة البرلمان بالانتخاب الحر المباشر، والهدف من إصرار الناشطات على أهمية توافر نظام الكوتا لا يعني أنهن غير واثقات من وصولهن بالاقتراع أو عن طريق الانتخاب أبدا، ولكن ينبغي للمرأة أن تعطى الفرصة لإثبات كونها قادرة على إدارة الملفات السياسية، ولعل نظام الكوتا سيسهم بشكل كبير في ذلك على أن يكون ذلك بشكل مرحلي ولفترة محدودة حتى يعتاد المجتمع على وجود المرأة في العمل السياسي ونكون بذلك قد تخلصنا من الموروثات الثقافية والاجتماعية التي ظلت تلاحقنا أعواما وأعواما أثرت على أداء المرأة وعلى نظرة المجتمع لها، في يوم من الأيام كنت من النساء اللاتي يقفن بالرصاد لنظام الكوتا ولم أحبذ فكرة وجود المرأة من خلال هذا النظام وقتها كنت حساسة لا أقبل أن تصل المرأة الكفؤة من خلال الكوتا في حين أن الرجل الذي ربما يكون أقل كفاءة من المرأة من دون كوتا، وأيضا كنت متفائلة، ولكن عندما وجدت غالبية الدول العربية وحتى المجتمعات الغربية الذين لا يمارسون تمييزا ضد المرأة وجدنا نصيب المرأة في العمل السياسي لا يتجاوز 15 في المئة، لذلك، جاءت الكوتا لترفع من معدلات حضور المرأة في البرلمانات فوصلت في بعض الدول إلى 30 في المئة، بحسب النسبة التي يحددها نظام الكوتا، حينها شعرت بأنه لابد لنا من الاستفادة من تجارب الآخرين وأنه حتما سيأتي اليوم التي يكون فيه نظام الكوتا نظاما متبعا عندنا، فلماذا الانتظار الطويل ولماذا نظل دائما في ذيل طابور الانتظار، ولماذا لا يكون اليوم وليس غدا؟ ربما لم استفد كثيرا من تجربة الشورى وإمكان الاستفادة من ذلك كأحد أساليب التمكين السياسي للمرأة، ولكن تبقى مسألة التعيين لها خصوصية غير محمودة، فالكوتا تضمن للمرأة أن تصل من خلال الاقتراع الحر المباشر من خلال تخصيص أعداد محددة للمرأة، تستطيع من خلالها المرأة أن ترفع رأسها وتقول: إنها نائبة عن الشعب جاءت إلى الموقع من خلال الثقة التي حازت عليها من ناخبيها حتى وأن كان ذلك عبر أحد المحفزات، الأمر مختلف لديها بالنسبة للشورى فوصولها يكون عبر التعيين وبثقة من القيادة السياسية العليا وبالتالي تخسر الكثير من الأحاسيس، ولكن ربما تكون هذه الآلية أحد الآليات التي يجب أن تمارس مع المرأة لضمان وجودها في مواقع صنع القرار السياسي، وبالتالي إمكان زيادة أعداد النساء الموجودات داخل المجلس مطلوب طالما أن هناك بعض الصعوبات القانونية المتعلقة بإقرار نظام الكوتا، على أن يراعى في ذلك الكفاءة والخبرة، إلى جانب إعطائهم أدوارا حقيقية أولية، كنوع من الرعاية والاهتمام. أتفق تماما مع الأخ "أبوراشد" على أن المرأة لو فازت فإنها ربما تكون أفضل بكثير من الرجل الذي فاز ولم يتم الاستفادة من نجاحه ولم يعرفوا سوى "الكشخة والنفخة"، نجاحهم في المجلس كان بالدرجة الأولى نجاحا شخصيا أصبح عندها اسمه معروفا إعلاميا وصورته لا تفارق الإعلام، ناخبوه لا يجدونه الا على صفحات الصحف، وبالتالي لا طائل يرجى منه سوى قراءة الفاتحة على برنامجه الانتخابي ووعوده التي ذهبت مع الريح، لا أمتلك ضمانات حقيقية ولكن أتوقع بأن وجود المرأة في مواقع صنع القرار السياسي بالانتخاب سيغير الكثير من ملامح خريطة العمل السياسي.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1180 - الإثنين 28 نوفمبر 2005م الموافق 26 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً