العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ

العدالة الاجتماعية والولاء للنظام السياسي

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

يسعى الإنسان، وليس للإنسان إلا ما سعى، منذ التاريخ القديم وبدء الخليقة، وفي أنحاء المعمورة كافة إلى العدل وينشد العدالة أينما حل وارتحل. العدالة تختلف عن العدل في الفقه القانوني، إذ العدل هو المساواة بين الناس أو بين الخصوم، أما العدالة فإنها تتميز عن العدل بأنها تضع في الاعتبار الجوانب والظروف الذاتية والموضوعية المختلفة لكل حال على حدة. ما يعنينا في هذه العجالة هو مفهوم العدالة؛ والعدالة الاجتماعية تحديدا. للعدالة الاجتماعية صور وتطبيقات واقعية متعددة، وإن اكتسبت مصطلحات مختلفة في بعض العصور. ومن أبلغ صور العدالة الاجتماعية، التوزيع العادل للثروة... وللمسلمين الأوائل مبادئ أساسية ساروا عليها. "الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار"، هذه الشراكة المجتمعية في الثروة تستوجب على القوى الفاعلة في المجتمع "إسلامية، وطنية" الأخذ بزمام مبادرات التوزيع العادل للثروة... ويعتبر الفقر أخطر النتاجات الرئيسية للتوزيع غير العادل للثروة. والفقر أحد المشكلات الرئيسية لبروز ظاهرة التطرف وكراهية المجتمع. وغريزة "العدوانية" و"الجنس" محركان يشكلان الدافعية الرئيسية للسلوك البشري، بحسب علماء النفس والاجتماع البشري. أما النتاجات الأخرى للفقر فإنها مشكلات اجتماعية كثيرة أحصاها علماء النفس والاجتماع في بحوث مختلفة. نعود إلى التوزيع العادل للثروة، بما أنه لب المشكلة، والبحرين هي إحدى هذه الدول، إذ ترتفع نسبة الفقر في المجتمع لتصل إلى 40 في المئة، وهي نسبة مرتفعة جدا بالنسبة إلى شعب قليل العدد وبلد ذاي مصادر متعددة للثروة: النفط، الأراضي التي يتم توزيعها ومن ثم إعادة بيعها كي يستفيد منها كبار الموظفين وأصحاب الحظوة، السياحة، الصناعات الخفيفة وشركات القطاع الخاص المشاركة فيها الحكومة، وقطاع المصارف... إلخ. لست اشتراكيا بالمعنى الشيوعي لمفهوم الاشتراكية، إلا أنني اعتقد بأن المحرك الاساس للاستنهاض العام للناس "أو بمعنى أكثر دقة للثورات" يأتي دائما من خلال هذا الباب، أي باب المطالبة بالحق في توزيع الثروة بشكل عادل بين الناس. فالقاعدة التي أكدتها التجارب على مر التاريخ انه كلما كان نظام الدولة أقرب إلى العدالة بين الناس كان النظام أكثر شرعية، والقوى الاجتماعية المساندة له أصبحت كبيرة الحجم، وكلما ابتعد نظام الدولة عن العدالة بين الناس انخفض مقدار الشرعية، وأصبحت القوى الاجتماعية المساندة له صغيرة الحجم. التاريخ وتعاقب الحضارات، صعودها وانهيارها، يبرهن صحة ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تميمة من أن "الدولة العادلة تدوم وإن كانت كافرة، والدولة الظالمة تزول وإن كانت مؤمنة"، ومقولة العالم ابن تيمية ترشدنا إلى أن الإيمان والكفر ليسا مفترق الطريق مع الدولة أو النظام السياسي القائم، بمعنى، لا يقاس الولاء السياسي للنظام بمستوى الإيمان إنما يقاس الولاء السياسي للنظام بمدى عدالة هذا النظام أو ذاك. فالتكالب على تكفير الأنظمة السياسية أو منحها المباركات الدينية لا يمكن لها في الأرض أو يحافظ على كيانها ويحمي عروشها، فالأساس المتين، وحجر الزاوية لاستقرار وديمومة النظام السياسي/ الاجتماعي في الدولة هو العدل. و"العدل مع من نحب ومن لا نحب"، هي أيضا عبارة جديرة بالبحث والتأمل لعلنا نتطرق لها في موقع آخر.

عطني إذنك...

عضو مجلس "بلوي" وعضو في جمعية إسلامية "أصر إصرارا وألح إلحاحا" على السفر لإحدى دول جنوب شرق آسيا؛ مبررا هذا الاصرار والإلحاح بأنه من أجل اكتساب الخبرات البلدية... الأخ العضو أعلن مرارا بأنه لن يرشح نفسه مرة أخرى، فعلى ماذا ينفق أموال المجلس التي كان من الأجدى تخصيصها للفقراء والمساكين أصحاب البيوت الآيلة للسقوط! يبدو أن العضو ذاته غارق حتى أذنيه في العسل!

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1181 - الثلثاء 29 نوفمبر 2005م الموافق 27 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً