العدد 1182 - الأربعاء 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ

الحريات الفردية في التشريعات الدولية

الدفاع عن الحريات الشخصية في البحرين تحت شعار «لنا الحق»

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

أنشئت الأمم المتحدة إثر الحرب العالمية الثانية. وكان الدافع وراء إنشائها الحيلولة دون قيام حرب عالمية أخرى، وتوطيد السلم والأمن العالميين، وضمان حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، وضمان الحقوق والحريات العامة والخاصة للمجموعات والأفراد والشعوب. ترتب على الحرب العالمية الثانية انقسام العالم الى معسكرين متصارعين: المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة، والاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي، إضافة الى العالم الثالث الذي أضحى ساحة للصراع بينهما. وقد انعكس هذا الصراع على الأمم المتحدة المنظمة الدولية الوليدة في جميع الاتفاقات والمعاهدات والأجهزة. منذ البداية كان هناك تباين بين المعسكرين بشأن الحريات والحقوق بدءا بميثاق الأمم المتحدة ومروراً بالعهدين. ففي حين ركز المعسكر الاشتراكي على حرية وحق الشعوب في اختيار مصيرها وعلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفرد والجماعة، بينما ركّز المعسكر الرأسمالي على الحقوق والحريات الفردية وخصوصاً الحريات والحقوق المدنية والرأسمالية. وفي حين ركز المعسكر الاشتراكي على أن الملكية هي مسئولية اجتماعية، ركز المعسكر الرأسمالي على حرية التملك الفردية. الخ. من هنا صدر العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والآخر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولا يعني ذلك انفصاما في منظومة مواثيق الأمم المتحدة ما بين الحريات والحقوق الفردية والحريات والحقوق الجماعية، بل هناك تكامل ما بينها. أما القضية الفقهية الأخرى، فهي انه في حين يعتبر بعض فقهاء القانون أن الجوهر هو الحق يرى آخرون أن الجوهر هو الحرية، أي حق التعبير أو حرية التعبير، والحقيقة في نظري هي أنه حق وممارسة الحق بالحرية. بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك المعسكر الاشتراكي رجحت الكفة نحو تأكيد الحقوق والحريات الفردية على حساب الحقوق العامة أحياناً وطبعاً ليس من نهاية للحقوق والحريات، فمع تطور البشرية تتطور الحقوق والحريات. لكن حوادث 11 سبتمبر وماتلاها من حرب على امتداد العالم ضد الإرهاب انعكست سلباً على الحريات وحقوق الأفراد والجماعات في العالم الرأسمالي ذاته وطبعاً في عالمنا الثالث. لقد أصيبت منظومة حقوق الإنسان بانتكاسة شديدة. أما تجليات ذلك فواضحة، ومنها القانون الوطني في الولايات المتحدة وقوانين مكافحة الإرهاب في الكثير من دول العالم، والسجون السرية لوكالة المخابرات المركزية. وفضائح سجون باجرام وغوانتنامو وأبوغريب، واعتبار المقاتلين ضد الولايات المتحدة أعداءً غير شرعيين وتصنيف حركات المقاومة سواء في فلسطين أو غيرها منظمات إرهابية. وفي مقدمة ضحايا هذه الانتكاسة الحقوق والحريات الفردية للمواطن والمقيم سواء في الغرب أو في عالمنا الثالث. أضحى الاحتجاز الاحترازي المطول دون اتهام والتجسس على المكالمات والمراسلات واتصالات الانترنت مباحاً، ونقل المتهمين من دولة إلى أخرى، وتسليم المطلوبين السياسيين، واجراء المحاكمات العسكرية والاستثنائية، وحجب المعلومات عن الرأي العام، وتعزيز سلطات وأجهزة الأمن والاستخبارات على حساب السلطة المدنية والتشريعية ومطاردة المطلوبين من قبل القوات الخاصة للولايات المتحدة وخرق سيادة هذه البلدان... كل ذلك أضحى مباحاً، اما المصدر الآخر للحريات والحقوق الفردية، فهو القوى السلفية الإسلامية والمسيحية واليهودية ومن الديانات الأخرى. فمن الواضح أن هذه القوى تعيش فترة انتعاش لأسباب عدة منها فشل الدولة في أن تكون تجسيدا لإرادة الشعب وتخدم مصالحة دولة عادلة لكل المواطنين. وما نشهده في البحرين وغيرها هو هجمة من قبل القوى الدينية السلفية ضد الحريات الشخصية للمواطنين كحرية العقيدة والتفكير والتعبير والحريات الاجتماعية، والحق في الاختلاف. لقد وصل الأمر الى تكفير من يختلف معها فرداً أو جماعة، كما وصل الأمر الى فرض إرادة غالبية مزعومة على الأقلية في حين أن من قواعد العدل والانصاف في الإسلام وفي الديمقراطية الحديثة صيانة حقوق الأقلية.

الحريات والحقوق الشخصية في المواثيق الدولية

تعتبر الشرعة الدولية للأمم المتحدة التي تشمل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين القاعدة الرئيسية للحقوق والحريات والواجبات التي تفرعت منها لا حقاً العهود والاتفاقات والمواثيق والبروتوكولات الصادرة عن الأمم المتحدة.

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أول وأهم وثيقة دولية لحقوق الإنسان وصدر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر/كانون الأول 1948 أي بعد 3 سنوات من قيام الأمم المتحدة يشدد الإعلان في مقدمته على أن الكرامة متأصلة في الإنسان وليست مكتسبة فقط وان الحقوق المتساوية للبشر أفراداً وجماعات هي أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وبعدها تؤكد الكثير من مواد الإعلان أن الناس يولدون أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق ويجب عليهم التعامل مع بعضهم بعضاً بروح الإخاء (المادة 15) وحقهم في التمتع بالحقوق والحريات من دون تمييز (مادة 2) وان حق الفرد في الحياة والحرية وسلامته الشخصية مكفول (مادة 3). ثم يتم ثانية تأكيد الحريات الفردية كحق التنقل والإقامة وحق السفر والعودة (مادة 13) والحق في العمل مع حرية اختياره، وحرية تشكيل النقابات (المادة 23) وحرية المشاركة في المجتمع الثقافي مادة (27). ويجب التنويه الى أن الإعلان ليس معاهدة دولية تعاقدية بل ملزم معنويا وليس قانونيا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة. **العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية

إذا كان الإعلان العالمي عمومياً ومختزلاً في مواده وتسوية بين العقيدتين الرأسمالية والاشتراكية، فان العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 أي بعد 20 عاما من قيام الأمم المتحدة وأصبح نافذ المفعول في ،1976 أكثر تفصيلا ورحابة فيما يخص الحقوق والحريات العامة والخاصة. والمهم في هذا العهد هو انه اتفاق تعاقدي ولذلك فهو ملزم قانونيا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة المصدقة عليه، كما انه كباقي الاتفاقات التعاقدية، هناك لجنة منبثقة عن الدول الأعضاء، تراقب وتحاسب تنفيذهم لبنوده وتتلقى شكاوى من الأفراد والمجموعات والدول (القسم الرابع من المادة 28 حتى المادة 45). وبناء على الإعلان العالمي والقواعد الدولية فإن الدول الأعضاء تتعهد بحماية هذه الحقوق لكل الساكنين على أراضيها مواطنين ومقيمين من دون تمييز بأي شكل في حدود القانون الذي يتماشى مع هذه الحقوق ولغايات تعزيز العام في مجتمع ديمقراطي فقط وحتى في أوقات الطوارئ، فيجب ألا تتنافى الإجراءات المقيدة لبعض الحريات والحقوق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي وألا تتضمن تمييزاً أي كان (مادة 45). وبعد تبيان قواعد العهد يفصل لنا القسم الثالث من المادة 6 حتى المادة 27 هذه الحقوق للأفراد والجماعات، وهي حقوق متلازمة مع حرية ممارستها، وفي مقدمتها الحق في الحرية والسلامة الشخصية (المادة 9) وحرية التنقل والإقامة والسفر (المادة 12) وحق الخصوصية في العائلة والبيت والمراسلات (المادة 17) وحرية التفكير والضمير والديانة والعقيدة والتعبير عنها علنياً فردياً وجماعياً، ولا تقيّد لاعتبارات السلامة العامة والنظام العام والصحة العامة والأخلاق وحقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية (المادة 18). والحق في حرية التعبير والبحث عن المعلومات والأفكار وتسلمها ونقلها وتبادلها بجميع الوسائل وعبر الحدود (المادة 19) وحرية التجمع السلمي (المادة 21) وحرية مشاركة الآخرين بما في ذلك النقابات (المادة 22). كما أن العهد يضمن حقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات العنصرية أو الدينية أو اللغوية في الاشتراك مع الأعضاء الآخرين في التمتع بثقافتهم ودياناتهم واتباع تعاليمها واستعمال لغتهم (المادة 27) علما بأن مملكة البحرين ليست طرفاً في هذا العهد ونحن ندعوها إلى التصديق على العهد.

الحريات الشخصية في الاتفاقات الأخرى

لكن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ليس نهاية المطاف، فقد صدرت بعده عدة عهود واتفاقات ومعاهدات، وما يهمنا هنا تلك المتعلقة بالحريات الشخصية مثل حرية المعتقد وحرية التعبير والانتماء، وكذلك حقوق وحريات فئات مثل الطفل والنساء والأقليات والشعوب تحت الاحتلال أو الحكم الأجنبي والشعوب الأصلية وذوي الاحتياجات الخاصة ومنها: * في مجال الحريات النوعية 1) اتفاق الحق العالمي في حرية المعلومات الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1952 ودخل حيز التنفيذ في 24 أغسطس .1962 2) الحرية في الانتماء إلى تنظيم وحماية الحق في التنظيم والاجتماع الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 يوليو 1948 ودخل حيز التنفيذ في 4 يوليو .1950 3) إعلان الحق في التمتع بالثقافة والتطوير والتعاون الثقافي الدولي الصادر عن المؤتمر العام لليونسكو في دورتها 14 بتاريخ 4 نوفمبر .1966 4) إعلان تصفية جميع أشكال التمييز وعدم التسامح استنادا الى الدين والمعتقد الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 25 نوفمبر .1981 5) إعلان حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات قومية أو اثنية أو دينية أو لغوية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر .1992 6) اتفاق تحريم الرق، وتم توقيعها من قبل مجموعة من الدول في جنيف بتاريخ 25 سبتمبر/أيلول ،1926 وتم إصدار بروتوكول من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعديله بتاريخ 7 ديسمبر .1953واتفاق اضافي عن إلغاء الرق وتجارة الرق والمؤسسات والممارسات المشابهة للرق الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة بتاريخ 30 ابريل/نيسان 1956 ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 30 ابريل .1957 * اتفاق إلغاء العمل الجبري الصادر عن الجمعية العامة لمنظمة العمل الدولية في 25 يونيو 1957 ودخل حيز التنفيذ بتاريخ 17 يناير /كانون الثاني .195

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1182 - الأربعاء 30 نوفمبر 2005م الموافق 28 شوال 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:21 م

      حنان

      هذه المعلومات غير كافية اما بالنسبة للدول العام الثالث و الصراعات التى كانت قائمة عليها

اقرأ ايضاً