العدد 1200 - الأحد 18 ديسمبر 2005م الموافق 17 ذي القعدة 1426هـ

انتبهوا... فالأرض لا يحكمها الأخيار،

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

«يجب القول إن أميركا والغرب لم يصنعوا الجنين الديمقراطي هنا، فالمنطقة حبلى بقوى التغيير وربما كانت صدمة العراق الولادة القيصرية لأجنة موجودة في أحشاء دول المنطقة». بهذا المقدار من الثقة بالنفس وبنضالات شعوب المنطقة المتراكمة يتحدث رئيس أمناء مركز ابن خلدون وأستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة الناشط المصري سعد الدين إبراهيم، الذي اتهم مرارا بأنه أحد رجال واشنطن في المنطقة، مساكين هم من يعوّلون على المحافظين الجدد في عملية بناء الديمقراطيات والحياة السياسية الحرة، فما الذي تريده واشنطن منكم أيها الفقراء؟ وكيف تستطيعون إشباع شهوات الإدارة الاميركية ومن خلفها (العالم الحر)؟ سؤال صعب وحائر، قد لا يفضل الكثير منا طرحه، ولكن على رغم ذلك يجب أن يدرج ضمن أية معادلة للرهان الخصب على بعض آثار التغيير في المنطقة، ذاك التغيير الذي خطته أيدي واشنطن ووكلاؤها المعتمدون في هذه المنطقة الحيوية من الأرض. عدد كبير من الأفراد والحركات والجماعات في عالمنا العربي الكبير... إذ يعيش الناس بين فكي الفوضى وتنامي الأمية السياسية والقمع الأمني الذي تمارسه النظم والأحزاب الأحادية التي تحكم هذه المنطقة منذ عقود، لا تجد غضاضة من التوجه بالشكوى من بأس الحال المعاش إلى حكام العالم الحمر... ظناً منهم أن العالم اليوم تحكمه القيم والمبادئ والمثاليات، إن مجهر العالم الحر يرصد على مدار الساعة «جرائم الوكلاء »، فمساكين هم فعلاً من يعوّلون على المحافظين الجدد في عملية بناء الديمقراطيات العربية(...)، إن حركات كثيرة في هذه المنطقة تتعرض لبطش وإقصاء أنظمتها الاستبدادية، لكنها ­ تحت وطأة هذا القمع ­ تخطئ في اختيار هدفها، فان هي أرادت من العواصم الغربية الكبرى أن تخلصها من واقعها المتأزم، فان ثمة حقيقة قد ينساها أو يتناساها هؤلاء «المتفائلون خيراً بالغرب». الأرض اليوم يا فقراء، لا يحكمها الأخيار ولا الأبرار، عالم اليوم تحكمه مصالح وأجندة تفرض ذاتها أولاً، ولن تراعي لمصلحة هذه الأمة أدنى اعتبار إن تعارضت مصالحها مع مصالحنا، على أنه يمكن لشعوب وحركات هذه الأمة أن تفكر في كيفية الاستفادة من تقاطع المصالح المرحلية مع الغرب الذي بدأ يغازل الحركات التقدمية العربية، والإسلامية منها تحديداً. نعرف جيداً، أن الغرب يريد أن يرى نظاماً سياسياً جديداً للمنطقة، الغرب يبحث عن نظام أكثر أمناً في تأمين مصالحه الاستراتيجية وبعيدة المدى... ونعرف أيضاً أن السفارات الغربية تقوم على قدم وساق بالتحاور مع الفصائل والحركات السياسية العربية التي كانت عدوها اللدود، التحوّل الجزئي في موقف الغرب الذي صاحب تغيير الخارطة السياسية للمنطقة، بعد 11/9 وحرب العراق ولّد على ما يبدو شبه قناعة في صفوف الحركات الأيدلوجية الكبيرة في هذه المنطقة في المشاركة الجزئية من داخل القنوات الرسمية الضيقة، وليس ببعيد عنا مثل حركة حماس التي أبدت رغبتها في الحوار مع ممثلي الدول الكبرى، وكذلك حركة الأخوان المسلمين في مصر التي احتلت خمس مقاعد مجلس الشعب هناك. لسوء الحظ أنه يوجد من يفكّر، بقصد أو من غير قصد، أن الإدارة الاميركية ترغب في إحداث تغيير حقيقي على مستوى سياسات الأنظمة الاستبدادية الحليفة لها في منطقتنا، ولكن هذا الظن خاطئ، وهو خيار خاسر لا محالة، فأية مصلحة تلك تجبر أميركا تلك القوة العظمى في الكون لمحاباة آلاف أو حتى ملايين الفقراء؟ لم يعد خافياً أن بعض الحركات العربية يسيل لعابها في جرّ واشنطن لتكرار تجربة العراق، فيما كل المعطيات تشير إلى أن الإدارة الاميركية فقدت رغبتها في خوض حرب استنزافية مرة ثالثة بعد حربين مرهقتين سياسياً واقتصادياً وبشرياً في العراق وفيتنام. من حق هذه الحركات أن تحلم كيفما شاءت وأنى شاءت، غير أن تجاوز الحلم إلى حقيقة فاعلة على الأرض، يؤسف الاعتراف بأنها لا تتعدى كونها نسج خيال خصب ليس إلاّ

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 1200 - الأحد 18 ديسمبر 2005م الموافق 17 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً