العدد 1201 - الإثنين 19 ديسمبر 2005م الموافق 18 ذي القعدة 1426هـ

النائب الطباطبائي علق الجرس فمن يصطاد الأسد

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

مادامت هناك زنزانات تأدلج تؤسر فيها عقول الناس وتختطف نحو الشخصنة لتوضع في قناني الاحزاب والفرق وتختم بالشمع الأحمر فلن يكون هناك افق للقاء بين المسلمين سنة وشيعة. مادامت هناك دكاكين تفتتح للمتاجرة بالدين لتوزيع المخدرات (الدينية) لتسميم عقول شبابنا المسلم فلن تكون هناك وردة حب في حقولنا الإسلامية إذ يكثرسيافو التطرف وأمراء القتل. وارضنا العربية والإسلامية مصابة بأنيميا التسامح كلما القيت فيها مياه التسامح ابتلعتها. والالم يكبر اذ باتت الوحدة الإسلامية والدعوة لها اشبه بقرص (البندول) الذي يقدم في مؤتمرات التقريب بين المذاهب لتقليل ارتفاع حرارة الطائفية التي تتسرب من ذات الملقين وهم يحاولون علاج المرض فيقعون في ما ارادوا التحذير منه. تنتهي مؤتمراتنا ثم يذهب اكثرنا ليلقي على الجمهور­حيث يأمن عدم التسجيل ­ الكلام البذيء من سب وتكفير واقصاء. وهذا لا يعني عدم وجود مؤتمرات موفقة لكنها تحتاج الى آليات. تلك هي الشيزفرينيا (الانفصام) نخرج من عباءتنا اذا تلاقينا حمائم السلام والحب والتسامح واذا ما جاءت فترة الاختبار الصعب من استحقاقات سياسية أو وطنية أو ادارية أو اقتصادية تنقلب الطاولات ويسقط كأس اللبن الصافي وهنا يوزع لحم الوحدة بين اسنان عمالقة (الوحدة) فيبدو منثورا يعكس ضعف الاختبار. من منا لم يرضع ابناءه حليب الطائفية بدلا من حليب الوسطية والوطنية والتسامح؟ من منا لم يتورط منبره في تثليج عقول الناس في ثلاجات الشوفينية والعنصرية والنمطية؟ من منا لم يلبس جلد النمر ليكشر انيابه من على منابر الجماعات والجامعات والاعلام ليسجل الاهداف المؤدلجة على الآخر؟ والمتورطون جماعات ودول ومافيات ومنهم من هم من عظام الرقبة الإسلامية وللاسف الشديد، شبابنا مازال يحن الى خطاب الشيخ محمد الغزالي وعلي شريعتي ومحمود شلتوت ومحمد عبده وغيرهم من دعاة الوحدة، دعاة التراجيديا الانسانية وليس العصبوية الاصولية. ليس هنالك دم ازرق ودم احمر، ابناء العبدة وابناء الست. فلنرفض السقوف المتفاوتة. التاريخ مازال يلعب فينا وفي مستقبلنا وكما طرح شريعتي ان ازمتنا في الماضي كان الإسلام المسيس لصالح نظام المصالح (التسنن العثماني في قبال التشيع الصفوي). وكما قال الشاعر: ومضت تقسمنا يد مسمومة متسنن هذا وذا متشيع ما الحل؟ الحل ان نفتح نوافذ الفهم لدى السواد الاعظم من الناس على المشتركات بين بني البشر بدلا من الانشغال بفتح مصانع لتصدير الادمغة المفخخة ضد بعضنا بعضا. وكذلك يجب الخروج من ديكورية مؤتمرات التقريب الى آليات اكثر عملية من اشراك المؤسسات التجارية والسياسية والدينية من كل الاطراف وكذلك انزال قوائم مشتركة من الطوائف في الانتخابات البلدية والبرلمانية في بلداننا. اغفروا لي رومانسيتي وطوباويتي لكني مؤمن ان اضاءة شعلة صغيرة في ظلام جاهلية الطائفية كفيل بتلمس طريق التغيير. استبدال الخطاب السادي الذي يتلذذ بالغاء ملايين من البشر بجملة من عشرة احرف تحت حجة احتكار الآخرة وتسجيل الجنة التي عرضها السماوات والارض في السجل العقاري الخاص بالفرقة الناجية التي هو منها طبعا. عدم مساس مقدسات الآخر لا في السر ولا في العلن وتنقية الخطاب من السباب والشتائم المتبادلة من قبل المتطرفين الى خطاب وحدوي يركز على الابعاد الإنسانية والمشتركات. في البحرين نتمنى ان نرى في قوائم جمعية الوفاق في الانتخابات البلدية والبرلمانية مرشحين من السنة وان نرى في قوائم جمعية الاصلاح والتربية وغيرهما مرشحين من الشيعة. بل نتمنى ذلك في الخليج والعالم العربي والإسلامي. والسؤال: لماذا لا يتم التعاون بين الجمعيات الخيرية والصناديق الخيرية لتبني الفقراء من كل الطوائف بعيدا عن لغة التمذهب وهذه اكبر خطوة تطبيعية نصنعها بلغة الرحمة في قلوب الناس؟ لا نريد ان نكون ظاهرة صوتية بلا آليات. مناهجنا التعليمية مازالت تفرخ بيضا في عقول اطفالنا فيفقس شيطان الاقصاء في عقولهم اما ضد بعضنا بعضا كمسلمين او كمسلمين تجاه الاخرين من مسيحيين وغيرهم. العراق مثالا لا نريد لاحد ان يخطفه لاجندته الخاصة. لا نريد عراقا شيعيا اوسنيا. نريد عراقا عراقيا يستظل تحت عباءته كل العراقيين وكل الاقليات عراق الديمقرطية والتعددية عراق الدولة المدنية وليس الثيوقراطية. لا نريد عراقا عصابيا رهابيا ساديا يصدر الارهاب للعالم العربي وللخليج. نريد عراقا يقوي الخليج ويسند خاصرتنا الخليجية لننعم بالامن والحرية. الوحدة بين الطوائف يجب الا تتحول الى مكياج فاضح يخبئ وجها قبيحا. ووجوه الداعين لها يجب الا تكون وجوها شمعية تذوب امام حرارة اي استحقاق وطني. اذا استمر خطاب التكفير فإن حضارتنا ستأكلها الديدان ويكفي ما فعلناه في إسلامنا من تشويه في كل العالم ولذلك يجب على الإسلاميين الوسطيين ان يقفوا في حنجرة الطائفية كشوكة مستحيلة البلع يغصون بها، بخطابها التوعوي الانساني الذي ينشد الحب والتسامح والإنسانية والوطنية.شكرا للنائب الكويتي وليد الطباطبائي لدعوته للتقارب في مقاله الجميل: «انا سني وأحب الشيعة»، وارد عليه التحية: «أنا شيعي وأحب السنة». اتمنى ان ارى في الكويت والبحرين والخليج جمعيات ومؤسسات وقوائم انتخابية مشتركة بين كل الطوائف حتى نثبت للجميع صدقيتنا واننا أمة تترجم اعمالها فعلاً وليس ذلك على الله ببعيد. بودي لو يقرأ الإسلاميون تجربة الحركة الإسلامية في تركيا فهي انضج حركاتنا في كل شيء في السياسة والبرغماتية والوعي كذلك التدين والتسامح ومواكبة العصر ايضا حيث الحداثة والتطوير والمدنية. خطاب الطباطبائي كان موفقا وكان له صدى كبير. أتمنى من كل العرب والمسلمين قراءته ويجب ان نعزز من دعوات الوحدة واللقاء

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1201 - الإثنين 19 ديسمبر 2005م الموافق 18 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً