العدد 1212 - الجمعة 30 ديسمبر 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1426هـ

الحركة الشبابية المتأججة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نختتم العام 2005 ونحن نعيش أجواءً عشناها تقريباً في نهاية كل عام منذ نهاية ،2002 مع حركة شبابية متأججة لأسباب عدة. فقبل ثلاثة أعوام كانت هناك حوادث رأس السنة الميلادية، وبعدها كانت هناك مظاهرات ضد تصريحات للسفير الأميركي، ومساندة لانتفاضة القدس، وبعدها ضد التدخل الأميركي البريطاني في العراق، وبعدها قضايا داخلية متنوعة، وكثير منها لم يكن يتوقعه أحد لأنها مفاجئة في السبب وفي التعاطي. في كل مرة أيضاً نشاهد الأنماط ذاتها في أساليب التحرك الشبابي، ونسمع شعارات وتطرح مطالب، سرعان ما تتبدل إلى مطالب أخرى مع تبدل الحدث... لكن الحماس الشبابي الذي حرك الشارع هو الحماس ذاته، وتركيبة الشباب المتحرك متشابهة في أكثر الحالات. وعلى الجانب الآخر من المعادلة، فإن كيفية التعامل مع هذه الحركة الشبابية المتأججة لم يتغير بصورة نوعية، على رغم أن بعض الجهات الرسمية أصبحت الآن أكثر خبرة في التعامل الأكثر مرونة مع التحركات. ولكن التعليقات والتصريحات الصادرة من مختلف الأطراف لم تستطع لحد الآن من الوصول إلى جذور المشكلة، وبالتالي تستمر الحركة الشبابية المتأججة. البعض قد ينظر إلى ما يحدث بنوع من الحسرة، أو بلوم هذا أو ذاك، أو بتبرير ما يحدث... ولكن في الواقع أن أكثرنا لم يستطع لحد الآن التحدث عن الموضوع بصفته «ظاهرة»، وليس «حوادث عابرة». والظاهرة تحتاج إلى معالجة أكثر علمية وبعد نظر وحكمة بهدف الوصول إلى نتيجة إيجابية. البحرين ليست أول، ولن تكون آخر بلد تحدث فيه مثل هذه الحالات المتأججة. ففي الولايات المتحدة، وفي عدد من الدول الأوروبية، وفي استراليا، كانت الستينات من القرن الماضي فترة «الحركة الطلابية المتأججة». ففي كل هذه الدول كان الطلاب يملأون الشوارع لأي سبب كان ويعطلون الحياة. فمرة بسبب ظروف السكن الجامعي، ومرة لمناصرة الحركة المطالبة بالحقوق المدنية، ومرة ضد حرب فيتنام، ومرة ضد التجنيد الاجباري، إلخ... ولكن الطلاب هم الطلاب، يخرجون في كل مرة ويغلقون الشوارع ويصطدمون مع قوات الأمن. البعض كان ينظر إلى تلك المظاهرات على أنها من تحريض الحركات الشيوعية (لاسيما الحركات الماوية والتروتسكية)، والبعض كان ينظر إليها على أنها بسبب الفراغ الذي ظهر فجأة لعدم تمكن الدولة من تقديم المزايا التي حصل عليها الآباء في الخمسينات (بعد الحرب العالمية الثانية)، والبعض كان ينظر إليها بسبب ما أطلق عليه «طفرة المواليد» بعد أن تحسنت الرعاية الصحية وازداد عدد صغار السن، وهؤلاء لم يكن هناك ما يلبي طموحاتهم، إلخ... ربما أن معظم ما قيل صحيحا من تحليلات بشأن الحركات الطلابية المتأججة التي أقلقت عدداً من الدول الرأسمالية الكبرى في الستينات... وبعض تلك التحليلات نتجت عنها دراسات وإرشادات وتوصيات أدت في النهاية إلى تغيير في النهج الذي اتبعته حكومات تلك الدول، واستطاعت جميعها احتواء الحركات الطلابية المتأججة. إننا نمر في البحرين بمثل هذه «الظاهرة»، ونحن بحاجة إلى فهمها أكثر لكي نستطيع أن نتعاطى معها بصورة أفضل... فما يحدث باستمرار يتطلب التعرف على جذوره، ويحتاج إلى فصل الأسباب، والتعامل مع كل سبب بطريقة مختلفة... على أن يكون هناك استعداد للتغيير لدى الأطراف المختلفة المعنية بالأمر. وفي كل الأحوال، إن هؤلاء الشباب هم أبناء البحرين، لديهم رؤى وتصورات، وربما تكون مختلطة بأوهام أو معلومات خاطئة، والوصول إلى قلوبهم وعقولهم يبدو صعباً كما كان الأمر صعباً بالنسبة إلى الطلاب في الستينات... ولكنه ليس أمراً مستحيلاً

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1212 - الجمعة 30 ديسمبر 2005م الموافق 29 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً