العدد 2986 - الإثنين 08 نوفمبر 2010م الموافق 02 ذي الحجة 1431هـ

التحالفات بين الأخلاق والمبررات السياسية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من بين التعابير التي طفت على سطح العمل السياسي، وكثر تكرارها كان تعبير «التحالفات»، أو دعوات تنادي بضرورة «العمل من خلال التحالفات». وقد حاول البعض تفسير نتائج الانتخابات بناء على ما رشح من أخبار بشأن تحالفات نشأت بين القوى السياسية المختلفة، ممن شاركت في تلك الانتخابات.

وفي سياق تقويم تلك التحالفات والنتائج التي تمخضت عنها، برز، من خلال الحوار الذي ساد النقاشات التي سخنت على هامش عمليات الانتخابات، مدخلان أساسيان: الأول، هو الذي أخذ بالمذهب المكيافيللي، القائل بأنه في العمل السياسي، «الغاية تبرر الوسيلة».

فحسبما يرى مكيافيللي، طالما أن الأهداف نبيلة، وهو ما يعتقده كل من يسعى للتغيير أو حتى أولئك الذين يقفون ضده، فمن حق الواقفين وراء تلك الأهداف أو ضدها، أن يلجأوا إلى السبل كافة التي بوسعها توفير المشروعية التي يحتاجها تنفيذ خططها التي توصلها إلى تلك الأهداف. من ثم، فليس هناك من داع للتوقف عند تلك الوسائل لمنافشة مدى قسوتها على الآخرين، أو ظلمها لهم.

يغض مكيافيللي نظره عن «أخلاقية الوسيلة»، ويكتفي بنبل الهدف الذي يبيح اللجوء لتلك الوسيلة. المدخل الثاني هو التمسك بالقيم الأخلاقية وجعلها جزءاً من نبل الأهداف. مثل هذا المدخل، ينظر بشكل متكامل لكنه يفصل، بشكل واضح، بين الأهداف والوسائل. ومن ثم فهو يرفض، قطعياً أية اجتهادات تحاول أن تبرر الوسيلة المتبعة بربطها بنبل الهدف المرجو تحقيقه. هاتان المدرستان، برزتا في الأدب السياسي، سواء عند مناقشة كتابات مكيافيللي، أو حتى عند محاولة فهم ما طرحه المفكر الإجتماعي - السياسي الإسلامي إبن خلدون، في كل المهام السياسية التي كلف بها.

أما اليوم، ونحن نحاول أن نقوّم نتائج الانتخابات في ضوء النتائج التي تمخضت عنها، فيمكننا الإشارة إلى لوحة التحالفات البحرينية من خلال المواصفات التالية:

1. غياب خطط التحالفات بالمفهوم السياسي الناضج، فمن أهم الملاحظات التي يمكن أن يستخلصها المتابع لخط سير الانتخابات، هو غياب خطة تحالفات متكاملة، يقدمها فصيل معين، أو كتلة محددة، يتم طرحها للتداول والغربلة، اللهم إلا إذا اعتبرنا تصريحات بعض القيادات السياسية حول رفضها التحالف، وتمسكها بحق الاستفراد بالترشيحات الذاتية في المناطق ذات الأغلبية المؤيدة لها شكلاً من الأشكال السلبية للبرامج التحالفية. مثل هذا النمط من التحالفات، غالباً ما تكون آثاره محبطة على المدى القصير، ومدمرة على المدى المتوسط وكذلك البعيد، لأنه لا يؤسس لعلاقات تحالفية غير قابلة للصمود، ناهيك عن النمو.

2. سيادة التحالفات القصيرة المدى، المبتورة عن أية جذور سياسية أو حتى عقيدية محددة. فقد جاءت تلك التحالفات فيما يشبه ردة الفعل الآنية والتلقائية لمواجهة عامل طارئ في هذه الدائرة الانتخابية أو تلك، نيابية كانت أم بلدية؛ ما جعل نتائج تلك التحالفات، هي الأخرى محدودة على الصعد كافة: سياسية كانت أم زمنية، بل وحتى المكانية منها، إذ لم يكن في وسعها الانتشار على المستوى الوطني، ولم تكن تمتلك مقومات الاستمرار على المستوى التاريخي.

مثل هذه التحالفات، غالباً ما تكون آثارها، هي الأخرى سلبية، على أي شكل من أشكال التحالفات الأخرى التي تفوقها على المستويين الزمني والمكاني، فمن الطبيعي أن تجد القوى المتحالفة نفسها مجبرة على التصادم مع بعضها البعض في مناطق مختلفة، أو فترات لاحقة، ناهيك عن الخلافات التي تثيرها تلك التحالفات بين تلك القوى ككتلة واحدة، وأخرى ليست منضوية داخل ذلك التحالف المحدود.

3. تنامي النزعات الانتهازية في صفوف بعض القوى الانتخابية، التي امتدت سلبياتها، حتى طالت بعض أولئك المرشحين الأفراد. فبتنا نسمع أو نشاهد الدعوات المنادية بتشكيل تكتل سياسي، ليس وراءه أي هدف أكثر من تشويه منافس لذلك التكتل.

مثل هذا السلوك، لا تتوقف مضاره عند الحدود الانتهازية، بل تتجاوزها كي تمارس دورها في حرف مسيرة القوى المعارضة عن أهدافها الصحيحة، كي تجيّر قواها ضد ذلك المرشح، عوضاً عن الاستفادة عنها في برنامج وطني متناسق يعالج المشكلات التي يعاني منها المجتمع، ويفترض أن يستأصلها البرلمان.

أدى مثل هذا السلوك التحالفي السياسي المرفوض أخلاقياً، بغض النظر عن التبريرات التي قد يسوقها، هذا الفصيل أو ذاك، دفاعاً عن الممارسات الضيقة الأفق التي كرست ذلك السلوك، إلى تدمير الكثير من القيم والمفاهيم السياسية التي راكمتها الحركة الوطنية البحرينية على مدى ستة عقود من العمل السياسي في ظروف قمعية كالحة، كما كانت لها إفرازاتها السلبية الخطيرة أيضاً على مسار العلاقات المطلوب تبلورها في أعقاب ظهور النتائج بين القوى المعارضة، سواء تلك التي فاز مرشحوها، أو تلك التي لم يحالف الحظ مرشحيها.

لذا ربما آن الأوان الآن، وبعد أن خفّت حدة الصراعات التي ولدتها الانتخابات، أن تعيد القوى السياسية البحرينية النظر في ممارساتها الانتخابية، وتقرأ بشكل موضوعي سياسة التحالفات التي اتبعتها، ومدى اقترابها أو ابتعادها عن المذهب المكيافيللي، وبالقدر ذاته، درجة تمسكها بالقيم الأخلاقية المطلوبة، التي تحرص على الوصول إلى الهدف دون التفريط في المبادئ الأخلاقية. وفي ضوء ذلك التقويم، ربما يستطيع الشارع السياسي البحريني أن يشيد طريقاً جديدة يسلكها، تقضي على النزعات الانتهازية الضيقة الأفق، وتوصلنا جميعاً إلى أهدافنا دون التفريط في قيمنا أو أخلاقنا.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2986 - الإثنين 08 نوفمبر 2010م الموافق 02 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:26 ص

      رسالة خاصة إلى الزائر رقم 4

      أنا أعتقد الزائر رقم 4 هو حرباوي ،،، يعني حتى الساعة 2 يدعي الرجوله بعد الساعة 3 ، يسهل قيادته وخاصة إذا كانت الزوجة هي التي تقود دفة البيت وهو قاعد لا شغله ولا مشغله ،،، أشباه رجال ونفوس مريضة قاعده تترزق من تعليقات المقالات عشان تنوع مصادر الدخل والله الخياس عاد اللى ذابحنه من سوء أفعالك ونتانتك

    • زائر 4 | 6:06 ص

      تعليق رقم 1

      صاحب التعليق رقم واحد انثى وليس ذكر

    • زائر 3 | 5:33 ص

      الى صحاحب التعليق رقم 1

      اعتقد الذي استغل مقال المرشح المنبري شخص حاقد وقام بتشويه كلامه بكتابة عناوين بارزة لم يتضمنها المقال اساساً ولتشويش القارئ قام ذاك الحاقد بتصوير المقال بشكل مشوه بحيث لا يمكن قراءته لذا جاءت هذه الفبركة لإستغلال الناس ضمن حملة دعائية إنتخابية موجهة في حين نجد مترشحين استغلواا حاجة الناس بتوزيع الثلاجات واالأيسيات على مدى سنة تمهيدا للفوز وذلك لعلم هذا المترشح انه لا يستطيع الفوز بقدراته الذذاتية (( سلام عليكم ها محتاجين شئ تبون ايسي تبون ثلاجه )) هزلت

    • زائر 2 | 2:49 ص

      موضوع ممتاز

      أشد على يديك هده المواضيع التي نود قرائتها حتى نستفيد علمياً
      نعم المرشح الدي يبيع مبادئه خلال الانتخابات لايستحق أن يوصل لانه انتهازي وصولي

    • زائر 1 | 9:39 م

      مترشح يشتم أهالي دائرته في أحد أعمدته ويستجدي أصواتهم في 2010

      والمقال كتبه مرشح المنبر في خامسة المحرق في شهر نوفمبر 2007 وتهجم فيه على اهالي خامسة المحرق في ذلك الوقت وقد ظن ان الاهالي نسوا هذا المقال الذي طعنهم فيه وشتمهم بشكل مقززوكان مما كتبه عن اهالي الدائرة كانت المنطقة وكما تقتضيه طبيعة الاجتماع البشري مصدرا لسلسلة طويلة من المجرمين وقطاع الطرق والنصابين والفاسدين والمخرفين واصحاب الشهوات وذوي العاهات الفكرية والنفسية ومن كل الاشكال ...هل هذه أخلاق إسلامية ، ثم يأتي يستجدي اصواتهم

اقرأ ايضاً