العدد 2993 - الإثنين 15 نوفمبر 2010م الموافق 09 ذي الحجة 1431هـ

الحج والوحدة العربية!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

كان من الأفضل أن يكون عنوان مقالي: الحج والوحدة الإسلامية، لكنني أعرف أنه هذا الطموح صعب المنال في هذا الوقت فأردت أن أقفل من هذا الطموح لأجعله قاصراً على العرب ولعله - إن حصل - يكون مدخلاً لوحدة إسلامية شاملة تعيد للمسلمين عزتهم التي فقدوها زمناً طويلاً...

الحج - كما نعرف - ركن من أركان الإسلام، لكنه الركن الذي يؤكد على وحدة المسلمين من بداية حجهم وحتى نهايته...

ملابس الحجاج متشابهة، وحركاتهم لا تختلف بعضها عن البعض الآخر، ودعواتهم قد لا يختلف بعضها كثيراً عن البعض الآخر... بساطة في المظهر لا تكاد تفرق بين غني أو فقير، أو كبير في منصبه أو صغير، فالمسلمون كلهم أمام الله سواسية، بطبيعة الحال ليس في الحج وحده بل في سائر أمورهم...

نداء إبراهيم (ع) جعل كل مسلم يبذل الكثير لكي يلبي هذا النداء الكريم، البعض يأتي ماشياً آلاف الأميال، والبعض ينفق معظم ما يملك لكي يتمكن من أداء حجه، بل إن بعضهم يأتي متمنياً أن يموت في الديار المباركة وفي هذا الموسم العظيم...

موسم الحج موسم عبادة - لاشك في ذلك - لكنه في الوقت نفسه موسم عمل وتجارة وبحث في شئون المسلمين بصفة عامة...

ولعلي أذكِّر القارئ الكريم أن رسولنا (ص) وفي حجة الوداع تحدث إلى المسلمين في «خطبة الوداع» عن أهم القضايا السياسية والاجتماعية، كما تحدث عن حقوق المرأة، وعن الاقتصاد، وحث الجميع على وحدة الصف، وعن كل ما يهم المسلم في دينه ودنياه.

وهنا فمن الواجب أن يقتدي المسلمون بنبيهم (ص) في بحث كل قضاياهم في هذا الموسم الكبير وبعد عبادة أساسية في دينهم.

نتحدث عن الوحدة وأهميتها ولكننا - للأسف - لا نفعل ما يجب علينا فعله تجاه تحقيق الوحدة في حياتنا...

وبأمثلة بسيطة نرى أن دولة السودان توشك أن تصبح دولتين، ونرى الأيدي الصهيونية والصليبية تتعاونان لكي يتفتت السودان، ولكي يصبح لهما وجود حقيقي وقوي في هذه الدولة العربية المسلمة...

نعرف جميعاً أن هذا الوجود لن يكون في مصلحة العرب جميعاً فضلاً عن مصلحة السودان ومصر، ونعرف جميعاً كيف أن دولة الجنوب المفترضة ترحب بعلاقات مع الصهاينة ومع كل من وقف معها لتحقيق الانفصال... أي أميركا تحديداً لأنها وراء ذلك كله.

وفي اليمن صراع طويل، فالجنوبيون يطالبون بالانفصال، والحوثيون يريدون الشيء نفسه وإن لم يعلنوا عنه صراحة، والقاعدة تعيث في الأرض فساداً... ونعرف أن هناك أيادي خارجية تساعد في ذلك كله بالإضافة إلى عوامل داخلية أخرى... لكن - الأهم - أن اليمن يتعرض لضغوط كبيرة لإنهاكه من كل وجه...

أما العراق فيعيش حالة في غاية السوء، آلاف القتلى والجرحى، وملايين المهجرين في كل اتجاه, وفساد هائل في إدارة البلاد...

وتقسيم العراق أمر غير مستبعد، فالشمال أصبح دولة شبه مستقلة، والجنوبيون تراودهم الآمال بدولة مماثلة، والوسط يعيش حالة فوضى...

الميليشيات من كل نوع، فهذه تابعة لهذا، وتلك تابعة لذاك، وثالثة تمثل دولة العراق الإسلامية! والنتيجة بؤس في كل مكان يعاني منه كل العراقيين إلا المجموعة القليلة المستفيدة من هذه الأوضاع فهي - وحدها - من يدافع عن وضع العراق الحالي...

دعوة خادم الحرمين جاءت في وقتها، وأراد لها أن تكون بعد الحج مباشرة لعل الله أن يصلح الأحوال، ويعيد العراق المجيد لواقعه العربي. ولدوره الكبير... لكن البعض رحب بهذه الدعوة وآخرون رفضوها خشية من نتائجها, ولو أنهم استجابوا - وآمل ذلك، لكان خيراً لهم.

وفي المغرب الكبير اختلاف بين الجزائر والمغرب، وبين المغرب والصحراويين، كل ذلك يشكل قلقاً لكلا الدولتين، كل ذلك - أيضاً - وفوقه القاعدة في بلاد المغرب!!! مرة أخرى... أويمكن أن نستفيد من الحج في إنهاء كل تلك الخلافات؟! ثم أليس من المفيد أن يكون بين العرب جميعاً وحدة سياسية واقتصادية وعسكرية؟! أليس من المفيد أن يكون بينهم - أيضاً - وحدة ثقافية تقلل الاختلافات بينهم؟! ما الذي يحول دون ذلك مع أن الكل سيكون مستفيد؟!

أمام العرب عدو مشترك، إسرائيل تعمل لإضعاف الجميع، بل إنها تطمع في أكبر من ذلك، ووحدة الصف العربي - تحول دون تحقيق أطماعها...

الوحدة جزء من ديننا، فالمسلمون يجب أن يكونوا صفاً واحداً، ومثل الجسد الواحد، ولولا أهميتها لما أوصانا الإسلام بذلك في مواضع كثيرة...

أليس من العقل والمنطق أن نبدأ جادين في تحقيق كل الخطوات العملية لنكون يداً واحدة ليكون لنا شأن في هذا العالم الذي لا يحترم إلا الأقوياء؟!

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2993 - الإثنين 15 نوفمبر 2010م الموافق 09 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:59 ص

      نتمنى وحدة اسلامية 2

      يتبع ... ويقال ان الصحفيين هم السلطة الرابعة في كل دولة ، اما في رايي المتواضع هم السلطة الاولى بين الدول جميعا وخاصة الاسلامية والعربية وهو ما يخصنا كعرب ومسلمين من اجل تحقيق الوحدة الاسلامية او العربية فهم باستطاعتهم تقريب وجهات النظر والعكس فباستطاعتهم الكتابة والتاكيد على الوحدة واخذ الجوانب الايجابية وما يقرب بين الدول الاسلامية والعربية والبعد عن كل سلبي او مايوثر على التفرقة بنهم وبذلك ستتتحقق الوحدة والتي تراها صعبة المنال وان اخفقو في ذلك هم والعلماء الا انهم كسبو رضا الله سبحانه وتعالى

    • زائر 2 | 1:57 ص

      نتمنى وحدة اسلامية 1

      يا استاذ محمد اتعرف لماذ صعب المنال ؟ لانه لو صفت القلوب وحسنت السرائر لما كان صعبا ، فالكل مطالب بالتغيير علماء حكومات صحفيين افراد ، اذا كان عالم دين وخطيب جمعة بدل ما يستغل خطبته للتقارب تراه يسب ويتهجم على الطائفة الاخرى ، صحفي لم يتأكد من المعلومات التي وردت اليه والتي شبه متطابقة لما في خاطره او ما امليء عليه من صغره ويكتبها في الصحيفة ، اليس المفروض ان يتأكد من المعلومة بنفسه او لايكتبها

    • زائر 1 | 11:05 م

      بهلول

      من الأفضل أن يكون عنوان مقالي: الحج والوحدة الإسلامية، لكنني أعرف أنه هذا الطموح صعب المنال في هذا الوقت ...
      صدقني صدقني صدقني إن تحقيق الوحدة العربية أصعب منالاً ! إذا الحكومة المصرية بدأت خطوات الإعتراف بحكومة جنوب السودان منذ الآن وألغت بعض القنوات التلفزيونية المخصصة للسودان على قنوات نايلسات و خصصتعا لسيلفا كير و صرحوا بملء الفم : مصالحنا القطرية فوق كل إعتبار ! طبعاً انصياعاً للرغبة الأمريكية ، فأي وحدة بطيخية تتكلم عنها ؟ عيدك مبارك !

اقرأ ايضاً