العدد 3009 - الأربعاء 01 ديسمبر 2010م الموافق 25 ذي الحجة 1431هـ

فهد حسين: «طلقات الموسوي» متشظية في فضاءات النصوص

في حفل تدشين المجموعة القصصية «طلقات»

برعاية المتكأ الثقافي دشن القاص عبدالعزيز الموسوي مجموعته الثانية الموسومة «طلقات» بمركز عبدالرحمن كانو الثقافي مساء الجمعة 26 نوفمبر/ تشرين الثاني وخلال حفل التدشين قدّم الناقد فهد حسين ورقة نقدية في المجموعة القصصية، قرأ بعدها الموسوي نصا قصيرا ونصوصاً قصيرة جدا بعدها وقع الموسوي مجموعة من النسخ مهديا إياها للأصدقاء ورواد المركز.

وفي ورقته بدأ فهد حسين في قراءة العتبات الأولى في المجموعة فأشار إلى أنه في الغلاف تتمازج الألوان وتتداخل لتعطينا ما سمح به التركيب اللوني من أبعاد جمالية وشكلية، فاللون الطاغي هو اللون الرصاصي المتدرج، الموحي بالفضاء العام والخارجي، وإلى الخلاء الكوني الحاوي للأجسام والحاضن للكائنات المادية وغير المادية، ومن هذا الفضاء يقع نظرك على اللون الأحمر المتشكل في طبيعة كتابة العنوان معلنًا أن هذا اللون الحامل للعنوان هو في الأصل مصاب ضمن دائرة الفضاء اللوني في جسده بأثر الطلاقات نفسها، وإصابته مؤكدة بوجود اللون الأسود الخارجة منه مجموعة من الكلمات المتكسرة، فصلها هذا الطلق لتكون بعضها كلمات ناقصة، وأخرى حروفًا متناثرة أو متلاصقة، هذا اللون الحارق الحار لم تسلم منه لغة الكلام، ولغة النص، حيث باعدها ونثرها في أسفل فضاء الغلاف.

وحول عنوان المجموعة أشار فهد إلى أن العنوان يحمل عادة في نظامه السيميائي أبعادًا دلالية ورمزية تغري القارئ الإيجابي والباحث على تتبع متن النص وشفراته، والتأمل في دلالاته ولكي نقترب من دلالة المفردة (طلقات) لابد من الرجوع إلى المعاجم اللغوية التي تدلنا على الطريق، والوصول إلى مفردة طلقات القادمة من جذرها الثلاثي (طَلَقَ) لتعطينا في مجمل دلالاتها المعجمية السمح والبشاشة، كقولنا (رجل طلق اليدين أو طلق الوجه)، وتعني طلاقة اللسان، وتعني ضربًا من الأدوية، وتعني السير.

وللمفردة معنى لغوي دال على ما كان بلا قيد ولا وثاق، ومعنى اصطلاحي في علم المنطق وهو ما لا يتوقف إدراكه على غيره، ومعنى في علم الأخلاق وعلم السياسة وهو ما لا يحده حد ولا يقيده قيد، ومعنى ميتافيزيقي هو ما لا يفتقر في تصوره ولا في وجوده، وكل هذه الدلالات تؤكد الإطلاق بلا قيد ولا شرط، لذلك نعتقد أن دلالة العنوان (طلقات) تقترب كثيرًا في مضمونها اللغوي والدلالي من معنى الفرقعة التي تتم في عمليات الكشف والإصابة.

وعلى الرغم من أن العنوان جاء نكرة، التي تشير إلى عدم التحديد في طبيعة الطلقات، أو نوعها أو شكلها أو دلالاتها، كما هو الحال في الخمس عشرة نصًا، فإنها لم تكن طلقات ذات الدلالة القريبة لذهن المستمع، والمأخوذ من اللغة العسكرية والحرب، ولكن هي طلقات من اللغة وباللغة وفي اللغة. فالنص عنده يتحول مباشرة بقراءته من نص مكتوب إلى نص مقروء شفاهي السمع منطلقًا في الهواء الخارج من الفم من دون قيد ولا وثاق، أي ينطلق النص هاربًا من خارج القيد ومحدودية المكان الذي وضع فيه، الانطلاق إلى فضاء حر، وهذه الإصابة تكون في النفس والفكر والسلوك والثقافة المجتمعية الموروثة.

وأضاف فهد نرى الطلقات قد رسمت على الغلاف لتعلن قدرتها على الفتك وإحداث الزلزلة والفرقعات، ولكن من دون نار، وإنما هي طلقات اللغة التدميرية تركيبيًا وترابطًا وتفكيكًا، اللغة التي تدمر بعضها بعضًا في أثناء صياغة الجملة أو العبارة أو النص، إنها طلقات تصيب الإنسان في ثقافته وفي تكوينه المعرفي، وفي حالاته الجسدية والنفسية على اعتبار أن اللغة كائن حي يتفاعل مع كل مكونات الحياة في جميع حالاتها وانسجامها أو تقاطعها، وترفض أن توصف بأنها جامدة ثابتة لا ديناميكية فيها، وهذا ما كشفته النصوص القصصية، إذ أشار صلاح فضل إلى أن لغة السرد هي نظام لغات تنير إحداها الأخرى حواريًا، وكذلك تؤدي اللغة دورها في التقنية الوصفية والسردية، لهذا تعزيك لغة النصوص أيها القارئ بمجموعة من الطلقات لتدخل معك في سياقات ثقافية واجتماعية وبيئية وإبداعية ونفسية، وهذا ما نراه في أسفل الغلاف حين أقدم العنوان على تفعيل دوره لنجد الحروف متناثرة منفردة ومركبة، واسم كاتبها متوسدًا إحدى الزوايا السفلية للغلاف.

وحول عناوين المجموعة أشار فهد إلى أنه بالمطالعة في كل قصص المجموعة تجد خلوها من العنوان التقليدي عدا القصص القصيرة جدًا والتي أخذت في تركيب العناوين الحالة الشعرية التي تتناسب وهذا النوع من القص، وحينما نربط عنوان المجموعة بمضامين القصص نجـد العلاقـة وثيقة ومنسجمة ومترابطة بين كل مفاصل القص القصير والقصير جدًا، حيث الطلقات منتشرة ومتشعبة ومتشظية في فضاءات النصوص متشظية في الجسد والنفس والمجتمع والكون.

لم يقف القاص عند محطة واحدة من محطات المجتمع، بل زار كثيرًا من المحطات ليرى بنفسه تلك القيم الأخلاقية والعادات الاجتماعية، والممارسات السلوكية بين الناس رجالا ونساء، وفي كل مرة يصاب بألم شديد وحزن كبير، فقد طرحت القصص العلاقات الاجتماعية والإنسانية في العمل، والعلاقات الزوجية في المجتمع المصاب بأمراض اجتماعية ونفسية وسلوكية.

وأضاف فهد في الوقت الذي يطرح القاص مجموعة من المشكلات الاجتماعية يكون الرجل فيها متخليًا ومحاولا الهروب من معالجة المواقف، نجد في الطرف الآخر المرأة التي كانت تحاول إصلاح المجتمع والحياة، فنجوى لم يكشف النص رغبتها في الانفصال بقدر ما تريد استمرار الحياة كما هي عند الزوج، ونرجس التي أيقنت دور المرأة في الحياة الزوجية، وكيف تؤثث حياة سعيدة قوامها الصدق والمحبة وإنكار الذات، فبقدر ما ترى نرجس زوجها مصابًا بآلام جسدية ونفسية نتيجة قطع يده اليمنى واستبدالها بيد بلاستيكية كانت تؤكد على الاستمرار معه، « قالت أمي: إن نرجس وافقت على الزواج مني»، بل كانت نرجس تقدر الحالة النفسية وموقف زوجها من الحياة والمجتمع، لذلك كانت دائمًا في مواساة زوجها عبر اللغة اللفظية والحركية التي تكشف عن صدقها، إذ «أخذت تبكي وهي تمرر يدها على خدي في محاولة جادة لإيقاف الدمع».

العدد 3009 - الأربعاء 01 ديسمبر 2010م الموافق 25 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً