العدد 3020 - الأحد 12 ديسمبر 2010م الموافق 06 محرم 1432هـ

قصائد العزاء الرسالة والهدف

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

القصيدة الهادفة تتعدى لحظة شهادة الامام الحسين (ع) وتحلق بعيداً عن ألم جسده بعد أن تعطيه حقه، لتتحدث عن الرسالة الكبرى التي بعثها الله لخلقه وحمل أعباءها الامام في فترة حياته واستشهد لأجلها، فيكون ظمأ الامام ممزوجاً برسالته، وجروحه متداخلة مع أهدافه، وسجنه باباً مفتوحاً لفهم حقيقته، ومصائب أهله ومحبيه منارات لحقائق تكتسبها الأجيال القادمة واللاطمة والباكية عليهم، لأنها تدرك بعقلها وعاطفتها لماذا تبكي.

أهداف الأئمة ورسالتهم هي البوصلة الحقيقة التي يمكنها أن تعيد الكثير من القصائد الباحثة عن موضوع اجتماعي أو سياسي لتقحمه في المناسبة دون ربط أو علاقة بينهما.

بلى إنها القضايا المركزية في حياة الأئمة، وهي باقية إلى يومنا هذا، وما على الشاعر سوى المعرفة والاطلاع ليكتبها لنا أبياتاًَ ولطميات نرى فيها حالنا بوضوح ضمن الأهداف والمبادئ التي حملها الأئمة، وحينها لن نحتاج إلى تكلف في حشر صغائر الأمور والمواضيع وأحياناً النزاعات الفئوية التي بيننا في قصائد العزاء، فندخل في الزواريب الضيقة.

نحن نستطيع أن نعيش مع الأئمة في مناسباتهم المقدسة سعة الأفق بكل ما تعنيه هذه العبارة من معنى، وكل ما يوفره الاطلاع من معارف، حينها سيكون طرحنا وعزاؤنا على الامام مذكِّراً بالأهداف والقيم والمبادئ العامة، وإذا ما دمجنا معه واقعنا (وهو ضروري) لنستفيد من الروح التي تزرعها المناسبة في النظر إلى واقع الحال وما آل إليه الإنسان بعد تلك التضحيات العظام التي قام بها أئمة أهل البيت (ع)، فلن يكون الأمر متكلفاً ولا خارجاً عن السياق، بل سيحفز المرء للحل والمبادرة للإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

حين يتمنى المرء أن لو كان مع الصالحين وحارب مع المجاهدين، وفدى الدين بروحه وماله وما يملك، فإن استحضار الأهداف والقيم سيقولان له لاتزال بخير، بإمكانك النصرة وبإمكانك العون والمساعدة، فأمامك قيم خالدة إلى يوم الدين، وتلك القيم هي التي بذلت لها أرواح المعصومين، وبإمكانك مواصلة المسير لتكون بمعيتهم وعلى نهجهم.

العزاء على الأشخاص وإن استحقوا ذلك لقداستهم وعلو مقامهم وطهارة أجسادهم، سيصل إلى الدمعة المنسكبة والحسرة المؤلمة والتأسف الملامس لتأنيب الضمير، وفي كل ذلك ثواب وأجر من الله سبحانه وتعالى عظيم، لكن استحضار الأهداف مع المصاب، سيعني ضرورة القيام بعمل وجهد وبذل ومواصلة للمسيرة مضافاً للحسرة والبكاء، وهذه هي فلسفة إحياء مناسبات المعصومين وسبب من الأسباب التي دفعتهم لأمر محبيهم بإحياء أمرهم.

لقد ضحى أولئك الكرام حتى تصلنا الرسالة سليمة دون تشويه ولا عوج، وقد سالت دماؤهم وأزهقت أرواحهم، ونحن المؤتمنون على كل ذلك الجهد والعناء، وعلى كل تلك التضحيات الكبيرة.

التذكير بالأهداف هو وقوف أمام المسئولية وجهاً لوجه، فليس المطلوب منك أن تنتقم من أحد، أو تأخذ بثأر أحد بل المطلوب هو أن تكون أميناً على دماء وأرواح من بذلوا حياتهم لتصلك أهدافهم.

ولنا في وصية علي (ع) لولديه ولكافة المسلمين خير دليل على الأمانة الملقاة على عاتقنا حيث قال وهو على فراش الموت: «أوصيكما بتقوى الله، وألا تبغيا الدنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شي‏ء منها زوى عنكما، وقولا بالحق، واعملا للأجر وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً».

ثم أوصى بنظم الأمر وصلاح ذات البين ومراعاة الجيران، وأوصى بقراءة القرآن والعمل به، وأوصى بالمحافظة على الصلاة، وتعاهد بيت الله والجهاد، ثم انتقل للوصية بالعلاقات الاجتماعية، والقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

تلك وأمثالها هي وصايا الأئمة لنا والتي يجب أن تستحضرها قصائد الشعراء في مناسباتهم (ع).

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 3020 - الأحد 12 ديسمبر 2010م الموافق 06 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:12 م

      حُسينٌ أيُ جُرحٍ مِن جِراحاتك أعظم (القصائد والأشعار واللطميات) تخلد الثورة الحسينية طول الدهر .....من حلل سفك الدمِ .. في الشهر المُحرَم..... ام محمود

      يا تُرى هل فلذةٌ .. منكَ لمَ تَضمى
      أم هل خيول الأدعياء .. غادرت عَظمى
      أيُ كسرٍ .. أيُ بترٍ .. أيُ سلبٍ .. و وِداع
      سيدي أم .. أيُ صبرٍ .. بعد هذا .. يُستطاع
      كم أسمَعتَ من صَم .. و كم أنطقتَ أبكَم .. و من سواكَ بلسَم
      داويت بنا ما لا يداويه إبنُ مَريَم
      كيف لِمن يروي الورىَ .. يُمنع القطرة
      و المُلبِس الدُنيا تُقىً .. كيف لو يَعرىَ
      فوق بُراق الرُمح .. من أكمل المسرى
      أهٍ و من بعده ما .. أصبَرَ الأخرى
      جِراحٌ تُتعِبُ الأين تفوق الكيفَ و الكم .. هل إنها بقت جارحةٌ لا تتألم

    • زائر 1 | 3:05 م

      حُسينٌ أيُ جُرحٍ مِن جِراحاتك أعظم .. و مِن أين لمحزونٍ بها أن يتكلم جِراحٌ تُتعِبُ الأين تفوق الكيفَ و الكم .. هل إنها بقت جارحةٌ لا تتألم .......... ام محمود

      جراحٌ هي أم فم .. بحزنٍ تتبسم .. لسانٌ ذاك أم دم
      من علمهُ غيرُك ما لم يكُ يَعلم
      في أي جرحٍ سيدي .. يسرحُ الفكرُ
      مِن أي جرح يُبتدى .. فهمُ كثرُ
      فالهل بقت جانحةٌ .. ما بها كَسرُ
      أهون جرحٌ نابها .. دونهُ البحرُ
      أيُ قلبٍ .. أيُ صدرٍ .. أيُ نحرٍ .. و جبين
      أيُ سهمٍ .. أيُ رمحٍ .. كان أقسى .. يا حُسَين
      هذا منحرٌ أم .. كتابٌ يتحطم .. و محرابٌ يُهَدَم
      هذا جسدٌ أم لجراحِِ الدين مُعجَم
      كُل جراحاتك يا .. سيدي عُظمى
      مولاي هل من ذرةٍ .. فيكَ لم تُدمى

    • مواطن مستضعف | 2:39 ص

      بوركت أيها الشيخ الكريم

      و عظّم الله أجوركم و أجورنا بمصاب سيد الشهداء(ع)
      من المؤسف بل و من المعيب جداً, أن يدّعي شخص ما الإنتماء لمدرسة أهل البيت(ع), و هو في واقع الأمر أبعد ما يكون عن نهجهم (ص).
      يجب على بعض "الرواديد الجدد" ان يعوا ذلك جيداً.

اقرأ ايضاً