العدد 3042 - الإثنين 03 يناير 2011م الموافق 28 محرم 1432هـ

لن يبقى للبحرين غير أهلها (1 – 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

على امتداد اليومين الماضيين امتلأت صفحات الصحف اليومية البحرينية بالتصريحات والتغطيات الإخبارية التي تتناول القضايا الاقتصادية والمالية، من الحديث عن الحد الأدنى للرواتب في القطاع العام (300 دينار شهرياً) الى القول بأن وزارة العمل «لا تصادق على أي عقد عمل اذا كان الراتب اقل من 250 ديناراً شهرياً لمن يحمل الشهادة الثانوية وما دونه، مع تحسين الاجور... لرفع الاجور للجامعيين الذين تم توظيفهم في القطاع الخاص مع مطلع يناير/ كانون الثاني 2011»، إلى التحذير من مطاردة، ومن بعد معاقبة كل من خالف وأضر بالاقتصاد الوطني.

قائمة طويلة أخرى من التصريحات التي استحوذت على عناوين الصفحات الأولى والمحلية تتحدث عن الاقتصاد البحريني وعن طرائق تنميته. نادرة تلك التصريحات التي تحدثت عن أهم عنصر من عناصر التنمية بمعناها الشامل المتكامل في الاقتصادات الحديثة، والتي هي الموارد البشرية. فإذا استثنينا تصريح وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي بشأن «مدارس المستقبل»، والذي هو الآخر بحاجة إلى الكثير من التمحيص،عندما يتعلق الأمر بقدرة هذه المدارس أن تشكل الرافعة التعليمية التي تمد الاقتصاد الوطني بالموارد البشرية المؤهلة علمياً كي تساهم في ذلك النمط من التنمية، فسوف نجد غياب كامل لمسألة الموارد البشرية البحرينية من تصريحات، دع عنك اهتمامات، المسئولين وصناع القرار في البحرين، في حين تشير كل الدراسات والبرامج التنموية، إلى أن الموارد البشرية، ومعها رأس المال الفكري أصبحا يعدان اليوم من أهم، إن لم تكن الأهم، عناصر الاقتصاد، وتشكل أيضاً أهم مكون من مكونات رأس مال في أي مشروع، صناعياً كان ذلك المشروع أم تجارياً.

ما يدفعنا لقول ذلك هو تزايد اهتمام الخبراء الاقتصاديين، ومؤسسات التنمية والتخطيط، وبشكل متزايد بدور الموارد البشرية المتنامي في الاقتصادات المعاصرة. فوفقاً لما أوردته دراسة قام بها عبد الستار حسين يوسف، من قسم إدارة الأعمال، بكلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، في جامعة الزيتونة الأردنية، فإن «رأس المال الفكري (Intellectual Capital) من الموارد الأساسية للشركات الحديثة في ظل اقتصاد المعرفة، وهو شكل آخر من أشكال رأس المال المعترف به في الاقتصاد الجديد. ويتكون رأس المال الفكري للشركة من المكونات الأساسية التالية: رأس المال الهيكلي، ورأس المال البشري، ورأس المال الزبوني».

ويوافق أستاذ علم الاجتماع المساعد، بكلية الآداب، جامعة المنصورة، في مصر مهدي محمد القصاص، ما ذهب إليه يوسف، حيث يؤكد أن السكان يشكلون «عنصراً أساسياً من عناصر التنمية الشاملة فى المجتمع، ويمثل جيل الشباب شريحة مهمة من هذه التركيبة السكانية من حيث العدد والقدرة على الإنتاج، ويزيد من أهمية هذه الشريحة أنهم الأكثر تأثراً وبخاصة في ظل التحولات التي صاحبت العولمة (شبكة المعلومات، الفضائيات، الهاتف الخلوي...)».

ولا يختلف عن القصاص ويوسف، المستشار في المعهد العربي للتخطيط بالكويت وشاح رزاق، الذي يؤكد أيضا في ورقته المشتركة مع بلقاسم عباس، التي نشرتها صحيفة «النهار» الكويتية بأهمية وضرورة تنمية العنصر البشري «نظراً للدور الأساسي الذي يلعبه في عملية النمو والتنمية بشكل عام، مشيراً الى وجود لغز او حلقة مفقودة في العلاقة بين النمو من جانب ورأس المال البشري في الدول العربية من جانب آخر».

ويربط رزاق بين إنتاجية الفرد ومؤهلاته العلمية من خلال مقارنته بين بعض الدول العربية وكوريا الجنوبية قائلا «إن الاحصائيات المتوافرة لدينا تبين ان الناتج القومي الاجمالي للفرد لأغلبية الدول العربية مثل مصر وتونس والاردن والكويت، وغيرهم كان أعلى بالنسبة لكوريا في العام 1950 في حين ان كوريا اليوم تعد في مصاف الدول المتقدمة من حيث الناتج القومي للفرد في كل ساعة، مشيراً الى ان الحالة الكورية توضح ان نوعية التعليم لعبت دوراً مهماً في عملية النمو بعد التقدم الهائل الذي حققته كوريا في نوعية رأس المال البشري».

ومن الأفراد ننتقل إلى المؤسسات، حيث تبرز ورقة نشرها موقع مركز المعهد العربي للتخطيط، ومقره الكويت، تلك العلاقة بين التنمية والموارد البشرية، من خلال التأهيل العلمي، فنجدها تقول «إن من محددات النمو المهمة مخزون رأس المال البشري الأولي في البلدان وخصائص سكانها، إذ إن النمو مرتبط إيجابياً بالمستوى الأولي لمتوسط سنوات التحصيل المدرسي من المستويين الثانوي والعالي للذكور البالغين. وفسر ذلك بأن العمال ذوي التعليم الأعلى مكملون للتقانات الجديدة، ويؤدون دوراً مهماً في نشر التقانات، الأمر الذي يشكل عنصراً رئيساً في عملية التنمية. ولا يلعب التعليم الابتدائي دوراً معنوياً في النمو إلا أنه مطلب لا بد منه للعبور على السلم التعليمي إلى المراحل الأعلى ذات المردود التنموي».

وعلى المستوى المؤسساتي أيضا تتفق رؤية البنك الدولي في تقويمها لدور الموارد البشرية في عمليات التنمية الاقتصادية، مع ما ذهبت إليه ورقة مركز التخطيط. ونجد ذلك واضحاً في دراسة البنك، التي قام بترجمتها مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية، والموسومة «أين تكمن ثروة الأمم؟ قياس رأس المال للقرن الحادي والعشرين» من خلال النتائج «الرئيسية المستخلصة من تحليل الثروة».

أما المؤسسة الأكثر وضوحا على هذا الصعيد، فهي المدراء المحترفون التي تعتبر «إن الموارد البشرية هي الثروة الرئيسية للأمم، فرأس المال المادي والموارد الطبيعية رغم أهميتهما وضرورتهما إلا أنهما بدون العنصر البشري الكفء والمدرب والمعد إعداداً جيداً لن يكون لها قيمة، وذلك لأن البشر هم القادرون على استخدام هذه الموارد وتسخيرها في العمليات الإنتاجية للحصول على أقصى إشباع ممكن وصولاً إلى تحقيق الرفاهية، فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على الاختراع والابتكار والتطوير يمكن أن يقهر ندرة الموارد الطبيعية ويوسع من إمكانيات المجتمع الإنتاجية».

ويربط «المرصد المصري للتعليم والتدريب والتشغيل»، وهو محق في ذلك، بين الدور السلبي للبطالة (لكونها لصيقة بأداء الرأسمال البشري) وتراجع معدلات التنمية، فنجده يقول «في وقت يتزايد فيه الحديث عن أهمية رأس المال البشري، وعن طبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه فى دفع عجلة التنمية الاقتصادية، تصبح قضية تشغيل الشباب ومدى الاستفادة من العنصر البشري على قدر موازِ من الأهمية. وتحتل قضية تشغيل الشباب أولوية قصوى على أجندة الحكومة المصرية، وذلك نظراً لأن 88.6 في المئة من إجمالي المتعطلين في مصر هم في فئة الشباب (15 – 30 عاماً) في العام 2007».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3042 - الإثنين 03 يناير 2011م الموافق 28 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:07 ص

      أبن المصلي

      بوركت أناملك استاذ عبيدلي لقد اوضحت بمقارناتك بين بعض الدول العربية وبين كوريا الجنوبية وهذا هو الواقع المرير الذي تعيشه شعوب العالم العربي تعرف لماذا لأن هناك يضعون الرجل المناسب في المكان المناسب وهناك محاسبة دقيقة لكل وزير وكل متلاعب ليست عندهم محسوبيات وواسطات وطائفية مقيته تعمل ليل نهار لأقصاء فئه من الشعب وتهميشها وكيد المؤامرات عليها وبدون أي مبرر الآ أنهم يتهمون بتهامات باطله بأنهم ليس عندهم ولاء للوطن ولائهم للخارج وبهذه الفرية وقع الظلم على هذه الفئه المحرومة من ابسط حقوقها

    • زائر 2 | 2:54 ص

      العجب كيف لايحبون أهلها

      العجب أننا ومن كل التقديرات يجب أن نعيش جميعاً حتى لو كره أحد الاخر فهذه بلدنا ليست عندنا بلد أخرى نلجأ اليها مع احترامي للاصول من دول أخرى فهم عندهم ولائات وعندهم دول أخرى فيها أهلهم ودويهم وبيوتهم فبحكم هدا التعلق بالوطن يقول العقل يجب أن تفتح كل الاعمال لاهل البلد بأختصار من لايحمي أبنائه واهله لكن العكس من يحمي غير أهله
      أعرف أن القوم يقولون لانفقه ما تقول ياحسين

    • زائر 1 | 1:52 ص

      الحكومة تساهم بالعبء الاكثر

      الحكومات العربية هي التى تساهم بشكل او بأخر في تأخر الفرد في المجتمعات العربية فهي مترهلة بالفساد وليس للفساد من محارب فالكل مغبون ومدفون في دوامة البحث عن مصدر العيش وضنك العيش حال دون الالتفات الى هذه الآفة المتزايدة في المجتمعات العربية في شتى مجالاتها التنموية والتنويرية ان في مجال السياسة او الاقتصاد او التنمية او الثقافة او الدينية وكلها تصب في تكرع من معين واحد وتسقى بماء واحد هو فساد الذمم وليس من مدافع للنهوض من هذه الكبوة . اخير شكرا للاخ العبيدلي .

اقرأ ايضاً