العدد 3047 - السبت 08 يناير 2011م الموافق 03 صفر 1432هـ

ثلاث شركات مقاولات سعودية تحتكر مشروعات قيمتها 450 مليار ريال

أكد خبراء في مجال صناعة المقاولات في السعودية، أن هذا القطاع الذي يأتي في المرتبة الثانية بعد النفط من حيث الأهمية، يعاني من إشكالات بالجملة، مؤكدين أن المقاول السعودي يدخل منافسة غير عادلة لصالح نظيره الأجنبي في ظل التسهيلات الممنوحة للأخير، معتبرين أن قطاع المقاولات في الثمانييات كان أفضل من وضعه الحالي.

وأشار عدد من الخبراء إلى وجود نوع من الاحتكار في قطاع المقاولات، في ظل وجود 450 ملياراً في يد ثلاثة مقاولين يسيطرون تقريباً على أبرز مشاريع القطاع.

وقالوا، إنه لا حاجة للمقاول الأجنبي إلا في المشاريع التي تحتاج التقنية والخبرة العاليين، مطالبين الجهات الرقابية بحماية المقاول السعودي وحماية الزبائن في الوقت ذاته.

وذكر الخبراء، أن الكثير من مشكلات البنية التحتية الأخيرة التي كانت وراء العديد من الكوارث سببها المقاول الصغير الذي يقحم نفسه في مشاريع غير قادر على إنجازها بالشكل المطلوب لضعف قدراته وإمكاناته.

جاء ذلك ضمن حلقة جديدة من برنامج «واجه الصحافة» الذي يعده ويقدمه الإعلامي، داود الشريان، وبثته قناة «العربية» في العاشرة من مساء يوم أمس الأول (الجمعة). وضيوف الحلقة هم رئيس لجنة المقاولين في الغرفة الصناعية بالرياض، فهد الحمادي، ونائب رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في مجلس الغرف التجارية، مهند العزاوي، والرئيس التنفيذي لشركة رافال للتطوير العقاري، ماجد الحقيل.

الحاجة لتغييرات جذرية

وبشأن الإشكالات العديدة التي تواجه قطاع المقاولات في السعودية، أكد الحمادي أن مشكلة العقود الحكومية تكمن في جمودها لفترة طويلة بلا تطور، معتبراًَ أن وضع المقاول السعودي كان أفضل في الثمانينيات، مطالباً بتنفيذ القرارات السامية التي أوصت بتعديلات لصالح قطاع المقاولات والمقاول السعودي ولكنها لم تجد بعد طريقها للتطبيق.

فيما رأى العزاوي، أن من أبرز المشكلات التي تكمن في وضع عقود الأشغال العامة هي الممارسات الإدارية، مؤكداً أن قطاع المقاولات بحاجة إلى تغييرات جذرية.

وذهب الحقيل إلى أن الكثير من المقاولين يهمل استكمال بنية شركته الأساسية، وحث المقاولين على بناء علاقة جيدة مع البنوك للحصول على تمويل، موضحاً بعض جوانب الاحتكار المتمثلة في أن قرابة استثمارات في مقاولات ومشاريع بـ450 مليار ريال تقع في يد ثلاثة مقاولين فقط.

تقادم العقود الحكومية

وعاد الغزاوي إلى تأكيد أن مشكلة العقود الحكومية تكمن في النظر إلى الأقل سعراً على أنه الأفضل والمعتمد واصفاً ذلك بـ»الكارثة»، وخصوصاً، بحسب تعبيره، أن حرص الكثير من المسئولين على التنفيذ السريع للمشروعات يدفعهم إلى اللجوء للشركات الأقوى، وهذه النقطة ليست في صالح المقاول السعودي. وفيما وافقه الحمادي على أن معظم المقاولين لا يدرسون حقيقة العطاءات، قال العزاوي: «إن معظم الخلل في أشكال العقود وليس المقاول» ، معتبراً أن قطاع المقاولات في السعودية يفتقد لجهة مرجعية تنظم أموره وتدعم شركاته مثل تأسيس هيئة مستقلة لقطاع المقاولات. وكشف عن أنه لا يوجد أكثر من 2167 مقاولاً تحت التصنيف فقط، منتقداً كون سوق المقاولات الأسهل في الدخول؛ ما سمح لتجار التأشيرات باستغلال مظلته.

محاباة المقاول الأجنبي

جانب من اللقاء وعن المقارنة بين وضع المقاول السعودي والمقاول الأجنبي، انتقد الحمادي عدم الاشتراط على المقاول الأجنبي أن «يضيف الخبرة والتقنية للبلد»، وكذلك كون مجرد «20 ألف ريال تسمح بالدخول للاستثمار في قطاع المقاولات»؛ ما أوجد مئات الآلاف من المقاولين، الكثير منهم غير مؤهل. هذا فيما طالب العزاوي الجهات التي تسمح للمقاول الأجنبي، بأن تشترط عليه الخبرة العالية في بلده كشرط للسماح له بالعمل، مؤكداً أن الجمعية الوطنية للمقاولين طالبت بتطبيق التصنيف على المقاول الأجنبي.

من جهته، أكد الحقيل أنه لا حاجة للمقاول الأجنبي إلا في مشاريع تتطلب الخبرة والتقنية العالية، فيما تحدث الحمادي عن فشل العديد من المشاريع التي أسندت لمقاولين أجانب فيما كان الأولى إسنادها لمقاولين سعوديين مقتدرين عليها، مؤكداً أن «التربية والتعليم مثلاً تجاهلت المقاولين السعوديين في مشاريعها». وقال العزاوي تعليقاً على النقطة نفسها: «نريد للمقاول السعودي خدمات متقدمة مثل ما تقدمه هيئة الاستثمار»، مؤكداً «المقاول السعودي لا يحظى بأي ضمانة في مشاريعه الداخلية فكيف بالخارجية!!»، معتبراً «أن العديد من المستثمرين الأجانب ممن رخصت لهم «هيئة الاستثمار أساءوا لقطاع المقاولات».

مشكلة العمالة

وعن بعض الإحصاءات، نفى الحمادي أن يكون عدد العمالة في شركات المقاولات يتجاوز المليون ونصف المليون عامل، فيما أكد العزاوي وجود مليون وستمئة ألف عامل في قطاع البناء.

وقال الحقيل إن «أغلب المقاولين السعوديين يفضلون المشاريع الحكومية» معتبراً ذلك لا يصب في صالحهم، ومنتقداً استخدام العمالة المخالفة وتشغيلها حتى لدى بعض شركات المقاولات الكبيرة والمعروفة. وبشأن النقطة نفسها رأى العزاوي أن الحل لمشكلة العمالة المخالفة يتمثل في قيام وزارة العمل بمنح المقاولين العمالة المطلوبة لغلق سوق العمالة السائبة.

حلول الاندماج

وخلص الضيوف إلى رؤى وحلول عديدة من أبرزها أهمية إيجاد مرجعية تنظم اتحاد واندماج شركات المقاولات، مؤكدين معاناة قطاع المقاولات من ضعف الأسس ما يعيق الاندماجات، واعتبر الحقيل أن «النزعة الفردية لدى المقاولين تمنع الاندماجات الناجحة»، فيما رأى العزاوي أن من العوائق للاندماج ارتفاع كلفة ذلك، ضارباً المثال بأن « 20 مليون ريال تكاليف نقل الكفالات لاندماج خمس شركات فقط «. بينما رأى الحمادي أنه «لا توجد ميزات تنافسية تشجع على الاندماجات».

واعتبر الحقيل أنه يجب النظر إلى أن الاندماجات ستحقق في النهاية مصالح مشتركة، وأن المقاول الصغير يمكنه أن يعود إلى الواجهة من خلال التركيز على المشاريع الصغيرة، وأنه يجب إيجاد جهة لحماية المقاول السعودي والحماية منه أيضاً في حال تأخر المشاريع أو تقاعسه. ورأى العزاوي أنه في كل الأحوال فالمقاول الصغير هو في مقدمة ضحايا إشكالات قطاع المقاولات وأن على الجهات الرقابية حمايته ودعمه، مطالبين بأن يتم اعتماد نظام عقود «فيديك» الدولي الذي يضمن وينظم حقوق جميع الأطراف كجزء رئيس من الحلول.

يذكر أن قطاع المقاولات، وبحسب خبراء، يواجه الكثير من المعوقات ما أوجد التوجه للتفكير الجدي في الدعوة لتحقيق اندماجات تفضي إلى إنشاء كيانات مساهمة عملاقة.

وبالإضافة إلى عدم وجود هيئة مستقلة لقطاع المقاولات في المملكة، تواجه صناعة المقاولات في السعودية عدة مشكلات مثل صعوبة التمويل، وارتفاع أسعار مواد البناء والحديد، ودخول الشركات الأجنبية المنافسة، وصعوبة الحصول على عمالة، وعدم تفعيل القرارات الوزارية.

وفي ظل تلك الصعوبات عزف الكثير من المقاولين عن الدخول في مناقصات حكومية؛ الأمر الذي دعا الدولة إلى أن تبحث عن بدائل أخرى كإحضار مقاولين صينيين لتسريع تنفيذ المشاريع

العدد 3047 - السبت 08 يناير 2011م الموافق 03 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً