العدد 3057 - الثلثاء 18 يناير 2011م الموافق 13 صفر 1432هـ

عالِم وعاطل يُنهيان حكم «طاغية»

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عالم وعاطل ينهيان حكم طاغية، في موقفين مختلفين دخلا التاريخ عن طريقه، أحدهما عالِم والآخر جامعي عاطل، والاثنان اشتركا في انتهاء حكم هؤلاء الطغاة!

سعيد بن جبير العالِم الزاهد الذي نهل العلم من الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله)، أنهى حكم «الحجّاج» عندما دعى عليه: «اللهم لا تسلطه على قتل أحد من بعدي»، إذ كان دعاؤه على الحجاج قبل مقتله، وفعلاً مات الحجاج دون أن يقتل أحد من بعد سعيد بن جبير. وبعد مقتل سعيد بن جبير اغتمَّ الحجاج غماً كبيراً وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير كلما أردت النوم أخذ برجلي! ويقال إنه رُئِيَ الحجاج في النوم بعد موته فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: قتلني بكل قتيل قتلة وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة.

أما العاطل الشريف محمد البوعزيزي، الجامعي الذي كافح من أجل لقمة العيش، فإنّه أحرق نفسه أمام الملأ، وتُوفي ملفوفاً بجراحه الداخلية والخارجية، وعندما زاره الطاغية «بن علي» لم يتفوّه بكلمة، وقد قيل بأنّه لم يتكلّم بسبب الحروق وآخرون عزوا ذلك إلى أنّ رسالته كانت بأنّ عهد الكلام ولّى، حتى تبدأ الثورة التونسية حامية الوطيس من أجل الكرامة.

لا ندري كم حاكماً سيبقى حتى يأتي ذلك اليوم الذي تخرج منه أمّة لا تقبل بالإهانة ولا ترتضي إلاّ بالكرامة، وكم سيبلغ المواطن العربي حتى يُخرج من فوّهة غضبه ثورة تسحق الحكّام الطغاة؟!

بين سعيد بن جبير ومحمد البوعزيزي قرون، ولكنّهما لم يختلفا في فهم الكرامة، والاثنان معاً خلّصا العالم من هؤلاء البشر الذين ينعمون على خيرات الناس ومآسي الآخرين، والذين لا ينتهي جشعهم إلا أن أخذ هادم اللّذات حياتهم!

لقد شبع الناس من ترديد الهتافات والشعارات، وقاموا بتقليد البوعزيزي في الجزائر ومصر وموريتانيا وغيرهما، ولا ندري كيف سينتهي هذا التسونامي، فتحرير الشعوب في أوروبا الشرقية بدأ بفتيل شرارة من قرية صغيرة، وانتهى بنيل الحرّيات، وسيطرة الحكم الديمقراطي على الأرض الأوروبية.

الحجّاج وبن علي وغيرهما لم يهتمّوا بكرامة الناس ولم يُعيروها اهتماماً، وقد ردّت لهم شعوبهم الصفعة بأقوى منها، وخلّصت الجميع منهم ومن بطشهم وظلمهم وتسلّطهم.

لا أحد يستطيع محو التاريخ، وهذه المواقف عبرة للحكّام الآخرين الذين مازالوا يبطشون ويهدّدون الناس بقوّة السلاح وبالمؤامرات البوليسية، وليعلم الجميع أنّه عندما يتخلّص البشر من الخوف، لا شيء يستطيع إيقافهم عن تحقيق ما ضحّوا من أجله.

وليعلم بعض الحكّام كذلك هذه المقولة:

«كم رجل وُضِعت له علامات، فلمّا علا مات»!

أين شاه إيران وملكه؟

أين زين العابدين بن علي وكلابه البوليسية؟

كلّهم ذهبوا وبقت شعوبهم تناضل من أجل الكرامة... فلقد وضعت لهم علامات، فلما علوا على النّاس ماتوا شرّ ميتةٍ بمهانة!

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3057 - الثلثاء 18 يناير 2011م الموافق 13 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 28 | 10:49 ص

      أستفسار من الكاتبة الكريمة

      ما هو أسم القرية الصغيرة التي انطلقت منها شرارة تحرير شعوب اوروبا الشرقية و في أي بلد تقع؟
      نورينا الله ينور عليك

    • زائر 27 | 5:53 ص

      الحجاج خدم الاسلام !

      والحجاج هذا يقول عنه أحد المعتوهين أنه بالرغم من قتله الكثيرين لكنه خدم الإسلام ثم ترحم عليه !
      كما هو الحال مع من يترحمون على الطغاة مثل بن علي والشاه وصدام وآخرين كثر. إنها عقول ناقصة !

    • زائر 26 | 5:17 ص

      خعفك الصرح

      بوركت أخت مريم على وسيطيتك في الطرح
      والله يدوم هالقلم المعطاء
      امثلة كثيرة مشابهة لم تتطرقي لها لكنك وفيتي بطرحكِ والله يوفقك
      ولسنا بصدد هل يدخل البوعزيزي النار ام الجنة
      فالله وحده يعلم
      والله المعين

    • زائر 24 | 3:02 ص

      من غلاة الاقلام؟!!!

      الى رقم 9
      اذا شتروا قلمها انا اشتري لها قلم على حسابي
      تستاهل الشروقي
      aasheq

    • مواطن مستضعف | 2:47 ص

      دُلّينا بالله عليك يا أخت "مريم"

      على الطريقة المُثلى لإزاحة باقي الطغاة!!
      (غير حرق النفس طبعاً)

    • زائر 23 | 2:36 ص

      مقال جميل والإمثلة كثيرة والمقارنة واقعية

      إنه الرين الذي يطبق على قلوب الجبابرة فلا يعرفوا طريقا للموعظة والعظة إنها أعمالهم التي يزينها لهم الشيطان
      على القائمة كثير من الزعماء الذين لو سقطوا لصفّقت الشعوب واحتفلت ابتهاجا برحيلهم
      لأن الشعوب ترميهم بسهام الليل على الدوام
      فلا ينام أحد من هذه الشعوب إلا وهو يدعوا عليهم
      أسأل الله أن عطينا طول العمر لنرى تساقط الأصنام

    • زائر 22 | 2:31 ص

      اقدر الشعوب العربية على التحول للديمقراطية

      الشعب التونسي مختلف عن بقية الشعوب المجاورة له في إيمانه بالدولة المدنية والسالفة بالنسبة له خلصانة فالمطلوب هو دولة مدنية ديمقراطية ولا نقاش في ذلك بعكس بقية الشعوب العربية التي ما زالت تتساءل اسلامي ام مدني ، هو شعب منفتح ، لا يعاني من انقسامات طائفية وعنصرية ، يمتلك طبقة متوسطة ونخبة مثقفة كبيرة ، فأن لم يفعلها التونسيين في القريب العاجل لن يفعلها غيرهم ، الثورة لن تكتمل إلا بإقامة أول ديمقراطية عربية صحية حقيقية ..

    • زائر 21 | 2:24 ص

      القطرة التي افاضت كأس الماء ، القشة التي قصمت ظهر البعير ، الشرارة التي اشعلت النار

      الثورات تحتاج لظروف وهذه الظروف اجتمعت في تونس ، القمع الشديد ، المافيوية الاقتصادية ، البطالة ، الفقر ، طبقة متوسطة ، جيش محايد ، نسبة من الوعي فكل هذه الظروف تحتاج لشرارة او قطرة أوقشة وكانت هذه الشرارة هو محمد البوعزيزي ، فهناك العديد من المصريين احرقوا انفسهم ولم تقم ثورة والعديد من الجزائريين وموريتاني لأنه الظروف غير متوفرة ..

    • زائر 20 | 2:21 ص

      كبييره

      كم هي كبيره ياريم وهن كبار ويكبر بوجودك فأنت مكبره فلتمضي الى الحق

    • زائر 19 | 2:04 ص

      كيف؟

      كبف تم "تحرير الشعوب في أوروبا الشرقية بدأ بفتيل شرارة من قرية صغيرة"؟؟؟
      أختي مريم ممكن معلومات أكثر عن الموضوع من فضلك؟ و شكرا

    • زائر 18 | 1:55 ص

      رحمة الله على السيد الإمام الخميني

      مثال قريب جدا لأشرف الثورات في حاضرنا

    • زائر 17 | 1:52 ص

      المهتم

      كأنكي نبته وفي كل يوم تكبرين ويكبر بوجودك وتكبر في اعيننا هكذا المقارانات بالماضي تصنع لنا واقعنا المرير ابو مره

    • زائر 16 | 1:48 ص

      وماذا عن المجرم صدام

      هل نسيت طاغوت ومجرم العراق كيف ذهب ذليلا خاسئا إلى مزبلة التاريخ.

    • زائر 15 | 1:26 ص

      لنتأمل نشيد الإمام الهادي (عليه السلام) للحاكم المتوكل العباسي :

      باتوا على قللِ الاجبـال تحرسُهـم ** غُلْبُ الرجالِ فلم تنفعهمُ القُلـلُ
      واستنزلوا بعد عزّ عـن معاقلهـم ** و أودعوا حفراً يابئس ما نزلـوا
      ناداهمُ صارخٌ من بعد مـا قبـروا ** أين الاسرّةُ و التيجـانُ و الحلـلُ
      فافصـحَ القبـرُ عنهم حيـن ساءلـهـم ** تلك الوجوه عليهـا الـدودُ يقتتـلُ
      قد طالما أكلوا دهراً و ما شربـوا ** فأصبحوا بعد طول الأكلِ قد أكلوا
      و طالما عمّـروا دوراً لتُحصنهـم ** ففارقوا الدورَ و الأهلينَ و ارتحلوا

    • زائر 14 | 1:16 ص

      الامام الخميني

      لقد ضننت للوهلة الاولى من العنوان بان المقصود من العالم هو الامام الخميني الذي اطاح بالمجرم الكبير الشاه في ثورة عظيمة انقذت الاسلام والمسلمين من كيد المتكبرين. كنت اتمنى لو اشرتي الى هذه الثوره وهذا العالم الكبير الذي هو نبراس الى كل الثائرين في العالم.
      اتمنى منك اختي مريم ان تكتبي عن الامام الخميني في مقالك القادم ولو اردتي اي معلومات انا حاضر

    • زائر 13 | 12:49 ص

      سعيد بن جبير العالم

      اختي العزيزة مريم الشروقي للظلم جولة وللحق دولة انشاء الله ومصير الطغاة الى النار مهما تسلطوا وظلموا.. وللعلم سعيد بن جبير أحد تلامذة الإمام علي بن الحسين عليه السلام, وقد عده الكشي في
      رجاله والطوسي في رجاله من صحابة الإمام (عليه السلام)
      وكان سعيد بن جبير: كثير العلم حتى قيل عنه
      > كما جاء في المناقب لابن شهر
      آشوب ج 3 ص 311.

    • زائر 12 | 12:31 ص

      مقارنة مبدعة

      مريم الشروقي وصلتي الى العامة و الى البسطاء ، مقارنتك في محلّها و بالفعل التاريخ يعيد نفسه دائما و دوما ، و لكن هل يتعظ الآخرين ؟! بالطبع لا وألف لا ، كل يغني على ليلاه ويسرق من خير الشعب ويستعبدهم ، و لقد سمعت باذني أحد الشيوخ يقول بأننا ان لم نرد الوضع في وطننا فأرض الله واسعة ، ما هذا الكلام و هذه الاستهانة بالناس و بعقولهم ؟!!!! شكرا و أين صديقي حسن .. ستراوي

    • زائر 11 | 12:25 ص

      يا حكّام العرب استيقظوا

      يا حكام العرب استيقظوا قبل أن يأتيكم طوفان تسونامي تونس آخر لشروقي شكرا على الطرح يا بنت الحد الأصيلة ، أرجو عدم شراء قلمك كما شروا الاقلام الاخرى ...

    • زائر 10 | 12:22 ص

      الى الزائر رقم 5 شكرا من مريم الشروقي

      أخي الزائر رقم 5 شكرا لك على تصحيح الخطأ ولكنه كان مطبعيا، أنا آسفة جدا وسأتطرق اليه في مقالي الثاني، وكنت قد وددت أن أذكر بأنّ سعيد بن جبير تابعي من أصل حبشي تتلمذ على يد ابن عبّاس رضي الله عنه وابن عمر رضي الله عنهما والسيدة عائشة رضي الله عنها، وقد كنت أريد كتابة سطر آخر وهو أن الامام أحمد بن حنبل أخذ الكثير من علم سعيد بن جبير ولكن تم كتابة السطر خطأ، أتمنى أن تكون قد وضحت الصورة ووصلت الرسالة بجانب الخطأ، أكرر أسفي الشديد مرّة أخرى. مريم الشروقي،

    • زائر 9 | 12:15 ص

      لا نعلم مصيره يا رقم 6

      لا نعلم مصير البوعزيزي في النار او في الجنة يا رقم 6 ، فلقد يكون قد جن الرجل بعدما حدث له ، ليتنا نتعظ من القصّة و ليس من دخوله في النار أو الجنة .. و نحن نساند الشروقي في طرحها حول الضغاة والتاريخ ، شكرا لك وشكرا و شكرا ..

    • زائر 8 | 12:06 ص

      المقارنة بين الاثنين

      صحيح ان الاثنان كانا سببا لسقوط طاغيان ولكن العالم لجأ الى الله ليسقط الطاغي بينما العاطل لجأ الى الشيطان بأن حرق نفسه وتعلمين ان من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا. اذا الاول مات وهو ذاهب الى الجنة بينما الثاني مات والى النار.

    • زائر 7 | 11:33 م

      خطأ تأريخي يا أخت مريم

      في مقالك أختك الكريمة خطأ تأريخي أرجو استدراكه ، وهو أن التابعي الكبير سعيد بن جبير رضوان الله تعالى عليه لم يتتلمذ على يد أحمد بن حنبل ، لأن سعيد بن جبير استشهد في عام 95 هجرية ، بينما ولد أحمد بن حنبل عام 164 ، وهذا يعني أن الثاني ولد بعد استشهاد الأول بحوالي 69 سنة . و أشكرك على مقالك الرائع كما هي مقالاتك دائماً ، وأعتذر إليك . أبو زينب

    • زائر 6 | 11:32 م

      تناضل

      صدقتي لا لا تطالب ......تناضل

    • زائر 5 | 11:31 م

      صدقتِ يا مريم

      أين شاه إيران وملكه؟
      أين صدام و جلاوزته؟
      أين زين العابدين بن علي وكلابه البوليسية؟
      أين تشي تشسكوف وأعونه؟
      أين فرعون و هامان؟
      أين بنو أميه و بنو العباس؟

    • زائر 4 | 10:56 م

      المهتم

      مريم مقاله من نسج الأبداع بها عبره لمن لايعتبرون طوال التاريخ لجلنه كبير ويكبر بوجود الشعب ويصغر من عدم وجوده

    • زائر 1 | 8:24 م

      المهتم

      لم نكن نعلم من قبل بوجود مبدعات امثالك ايتها الشروقي فسننتظر جديدها الجميل كم هي كبيره ياشروقي

اقرأ ايضاً