العدد 3075 - السبت 05 فبراير 2011م الموافق 02 ربيع الاول 1432هـ

استثناء العرب من الديمقراطية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

نجحت الأنظمة العربية في نشر فكرة تقول «إن الدول العربية مستثناة من الديمقراطية»، بل إن الديمقراطية لا تعني العرب في شيء، وإن الموجات الديمقراطية يمكن أن تؤثر في أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية ومناطق أخرى في العالم، ولكنها ليس لها محل من الإعراب في المعادلة السياسية العربية.

أما المبررات التي قدمها النظام العربي لهذه الفكرة فهي طويلة، من بينها، أن العادات والتقاليد تختلف، وأن العرب تحكمهم القبائل والطوائف ولا يفيد فيهم سوى استخدام القوة والسيف، وأن البديل عن الوضع الاستبدادي هو وصول الإسلاميين، أو أن إيران (عدوة أميركا) ستكون لها اليد الطولى، أو أن أي تغيير سيؤدي إلى وصول فئة مهمشة وأن هذه الفئة ستنتقم من الذين لم يكونوا مهمشين، أو أن إسرائيل ستتضرر، أو أن المصالح الغربية الاستراتيجية ستنتهي، أو أن الوعي لدى العرب دون المستوى المطلوب للديمقراطية، إلى آخره من الأعذار التي تعتبر أقبح من الذنب الذي يقترفه المستبدون.

هذه المدرسة التبريرية للاستبداد أنتجت لنا دولاً مخابراتية، بمعنى أن السيادة فيها للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وهذه الأجهزة خلقت فئات نفعية تنفذ ما تأتمر به، وهذه الفئات قد ترقص في حفلة لإمتاع صاحب النفوذ، وقد تمسك بأدوات التعذيب لتمارس ما يطلب منها ضد المعتقلين السياسيين الذين يملأون السجون التي تشهد توسعاً باستمرار (بدلاً من التوسع في تشييد بيوت إسكان للمواطنين)، وقد تمسك بأقلام لتكتب أي شيء يضمن لها علاوات إضافية فيما تحصل عليه من دائرة النفوذ الماسكة بزمام الأمور، إلى آخره من الوظائف التي تنتعش في البيئات المنكوبة سياسياً.

القائلون بالاستثناء العربي لم يجعلوا في حسبانهم أن سنن الله في خلقه لا تعرف فرقاً بين عربي أو أعجمي فيما يتعلق بكرامة الإنسان، ولم يلتفتوا إلا والزلزال يهز الأرض من تحت أرجلهم في مطلع العام 2011. ابتدأ الزلزال في تونس وامتد إلى مصر، وأثبتت الاحتجاجات التي انفجرت في الشارع العربي أن المسافات بعيدة جداً بين مجتمعاتنا التي عانت كثيراً من القمع، وبين الفئة النفعية التي ربطت مصيرها بنهج يقوم على الفساد وتعذيب المواطنين والرقابة على الآراء والتجسس على الهواتف والمراسلات وعلى حياة الناس العادية.

فجأة يتضح الأمر بأن «الاستثناء العربي» مجرد «خرافة»، ولربما أن الاستثناء الوحيد يكمن في النظام العربي الاستبدادي نفسه، الذي يعتمد على «البلطجية» لنشر الرعب والتخلف في أوساط الناس. نرى أن النفعيين، والمتطفلين، والبلطجية لهم صفات مشتركة في مصر وفي كل بلد منكوب سياسياً، وهم الفئة الوحيدة التي فقدت كرامتها، وهي المتضررة الوحيدة من الديمقراطية، ولذلك طالبت باستثنائها من سنن الله في خلقه، ورددت الأعذار التي لن يعد يصدقها أحد

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3075 - السبت 05 فبراير 2011م الموافق 02 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 33 | 4:29 م

      وتلك الأيام نداولها بين الناس

      بسمه تعالى : ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون صدق الله العلي العظيم

    • زائر 31 | 6:15 ص

      ثروة مبارك

      لذلك يا دكتور تقدر ثروة حسني مبارك من 40 - 70 مليار فقط لا غير وقس على ذلك!

    • زائر 29 | 6:02 ص

      الرحيل

      يأتي يوم لكل انسان يتوقف فيه ويرحل هذه سنن الله في الارض

    • زائر 26 | 5:02 ص

      سياسة فرق تسد

      سياسة ف -س بكل معني أجاد استعمالها الانظمة العربية بكل جدارة - وهي سياسة تقسيم الشعب الى ست طوائف أو فئات وهو التقسيم القراني الفرعوني للامم لكي يسهل حكومتها - هي 1-الفئة الحاكمة 2-فئة المتملقين 3-فئة المصالح والتجار 4-فئة ظالمي أنفسهم الذين يميزون الحق من الباطل ولكن صامتون 5-فئة العمال 6-فئة المستضعين الذين يمثلون الطبقة التي تشكل الاكثر خطر على الفئة الحاكمة - لذا تراها أكثر الفئات تضررا وقهرا وإذلال ومعاناة - الاكثر عملا ولكن الاقل أجرة ومنصبا سياسيا او أجتماعيا أو أقتصاديا والله المعين!

    • زائر 25 | 4:27 ص

      ماذا عن بلطجية الباسيج؟

      أنا أنصح مجلس تشخيص مصلحة النظام في ايران أن يكثر من شراء الموترسيكلات ذات اللون الأحمر ليستمتع سكان طهران بال "بس-طق".

    • زائر 23 | 3:03 ص

      ثلث العرب يتحررون

      بتحرر مصر 85 مليون وتونس 10 ملايين يتحرر ثلث العرب البالغ عددهم 300 مليون.

    • زائر 22 | 2:35 ص

      هذه عصابات لشفط الثروات

      هذه عصابات لشفط الثروات واللعب بالمقدرات وإمتهان كرامة الإنسان العربي وعلى الشعوب أن تعي شيئا مهما وهو " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

    • زائر 21 | 2:25 ص

      لن أعقب وكفي لساني ما وصفت (بفتح الواو )

      تسلم اخي بوعلي ياوردة- اخوك بوعلي الوردة

    • زائر 19 | 1:54 ص

      أخالفك يا دكتور منصور، ليست فقط الأنظمة العربية 2

      وهذا ما فلما فعلته أمريكا في العراق بعد تحريرها، تنفيذاً لقول بوش: لقد آمنت أنه لكل بلد ديمقراطية تناسبه. أي أن الشعوب العربية مستثناة من الديمقراطية الحقيقية، و ليس لها إلا ديمقراطية مزيفة أو طائفية أو عرقية .
      لنتذكر أن جميع مستبدي الطغاة العرب هم أصحاب و أحباب الغرب، و لا يتم التنازل عنهم إلا إن فقدوا لقدرة على الإمساك بالحكم.
      ألم يتبين لأوباما أن مبارك يستحق الرحيل إلا منذ أسبوع؟

    • زائر 18 | 1:53 ص

      أخالفك يا دكتور منصور، ليست فقط الأنظمة العربية 1

      أخالفك يا دكتور منصور، ليست فقط الأنظمة العربية هي التي تقول إن الدول العربية مستثناة من الديمقراطية. بل هذا هو رأي الغرب قاطبة.
      عندما تحرر لبنان من الدولة العثمانية استعمرتها فرنسا، فلما استقلت ماذا صنعت فرنسا؟ وضعت دستورا و نظاما طائفياً بغيضاً تعاني منه لبنان حتى الآن، ولن تخرج منه إلا بإلغائه.

    • زائر 17 | 1:52 ص

      الخير في الطريق

      لا اتمنى ان يحدث في منطقتنا ما حدث في مصر, ويجب الاسراع بالتمنية وتوزيع الثروات بشكل عادل عن طريق الاهتمام بالتعليم و خلق فرص عمل وقد بانت بوادر بعض الاهتمام بالمواطن بتوجه الحكومة بأستمرار علاوة الغلاء وعدم رفع اسعار المحروقات و الخير انشاء الله في الطريق.

    • زائر 14 | 12:52 ص

      تغيير الخطاب

      استثنوا العرب لأن جل خطاباته السياسية طائفية وإسلاموية تنادي بموقعة "خيبر" ولا تنادي بواقعها المزري.. وما نريده فعلاً هو خطاب عصري ينشد العدالة الاجتماعية الحقيقية، لا التخندق وراء الطائفية، وها قد ظهرت في تونس ومصر الآن وتعاطف العالم كله معها ونشروا لنا "بسمة وطنيّة، لا طائفيّة، ولا إسلاميّة، ولا أمريكيّة"... وهذا هو الصحيح.
      دكتورنا العزيز، لا أحد استثناء العرب من الديمقراطية، بل هم من استثنوا أنفسهم.

    • زائر 12 | 12:25 ص

      ثار الشعب المصري على البلطجي وكانت ثورة رائعة

      لكن السؤال
      ماذا بعد؟؟؟؟؟
      الثورة يلتف عليها من قبل امريكا واسرائيل
      الله يعين الشعب المصري
      البلطجي
      يجب
      محاكمته
      واعدامه
      بس في مصر عندهم اسلوب آخر يرفع الضغط
      الله يعين

    • زائر 10 | 11:59 م

      مقال أكثر من رائع

      تبريرات الأنظمة الواهية لم تعد تنطلي على احد من الشعوب لقد كشف الغطاء ولم يعد للأنظمة من حامي من شعوبها إلا المصالحة معها وإعطائها حقوقها
      حتى الدول الداعمة للأنظمة بدأت تتبرأ من هذه الأنظمة بسبب المجاهرة بالظلم لينكشف كل ما هو مخفي
      أصبح لزما على الأنظمة التي تريد لأنفسها البقاء المصالحة مع شعوبها وكسب ثقتها أفضل للجميع

    • زائر 9 | 11:51 م

      خطير خطير خطير يا دكتور

      مقالتك الأخيرة خطيرة جدا ونحن قراء أذكياء ونفهم ما تعني وان لم تقلها صراحة

    • زائر 8 | 11:35 م

      ما أعجبني في ذلك

      في خضم المتابعات هذه الأيام للمحليلين والساسة عبر شاشات التلفزة أعجبني مذيع يسأل محاوره الماوالي للسطة في مصر ، لماذا الدولة اليوم تريد التغيير آلا يعني ذلك أن الدولة كانت على علم بذلك الفساد طوال تلك السنين ولكن بعد خروج الناس للشوارع اعترفت الدولة لماذا لم تبادر ، أجابه الضيف بحنق نحن نسأل عن اليوم سأله وماذا عن السرقات اليوم الذين في الشوارع يتظاهرون يريدون أجوبة على ذلك لأن تلك السرقات أفقرتهم من سيعوضهم ، يعود الضيف للصراخ وهذا ديدن المطبلين للفساد دائما .

    • زائر 7 | 11:14 م

      ولا تنسى نظرة المئامرة

      كل حركة تحدث في البلاد العربية يقال عنها أيادي خارجية وآخرها تصاريح نائب الريس ورئيس وزراء الريس ووزيرخارجية الريس ....

    • زائر 6 | 11:05 م

      مقال اكثر من رائع

      تبريرات واهية لقمع الشعوب وقهرها والإستحواذ على خيراتها لمجرد أن يصل أحدهم إلى الحكم بدل أن يحسّ أن الحكم تكليف ومسؤلية يحاسب من الله ومن الناس على كل صغيرة وكبيرة ألا أنه يرى أن الكرسي ملكا له ولأبنائه ولأحفاده ويرى الحكم مغنما لا مغرما
      ومن الطبيعي أن يسوق لنفسه المبررات ويوجد من يفتي ويصفق ويبرر له كل ما يقوم به فلم نرى طول عمرنا عالم يقف إلى حاكم ليخطأ عملا من أعماله
      وكأنهم يسبغون عليهم مبدأ العصمة
      الحمد لله فقد ظهر الحق وسقطت الأقنعة وتكلم الناس من دون خوف والقادم اكثر

    • زائر 5 | 10:57 م

      البلطجية = المجنسين

      البلطجية فئة متضررة من الديمقراطية،واحنا عندنا المجنسين المتضررين من المطالبة بابسط حقوقنا
      ما نقول اللا الله ينتقم من كل ظالم

    • زائر 4 | 10:43 م

      سواد الليل

      صح وبعيدون بعد الشمس عن الارض,الزعماء يبطشون بشعوبهم والغرب يحرك الزعماء ك شطرنج

    • زائر 3 | 10:03 م

      نكتة حلووووووة

      السجون التي تشهد توسعاً باستمرار (بدلاً من التوسع في تشييد بيوت إسكان للمواطنين)، والله حلوووووة وفي الصميم. ورحمك الله يالبوعزيزي.

    • زائر 2 | 9:18 م

      بارك الله فيك من حر ابن حر

      عندما يصدق الحاكم انك انسان سيكون لكلامك صدى لكن يا دكتور انت وامثالك تدهسك السيارة كما تدهس علبة البيبسي فاي كرامة تنشد من هؤلاء؟
      اذا الشعب يوما اراد الحياة..... لا بد من العمل والتضحيات حتى يتم تفعيل ذلك القول الخالد وغير ذلك فالحيوان في المنطقة العربية اشرف و اعز و اكرم من شيء اسمه انسان.

    • زائر 1 | 9:11 م

      مافيا حقيقية

      إنّ مجرد تحالف أقطاب الحكم مع التجار يخلق الفجوة بين الحاكم والمحكوم ، فهؤلاء التجار يبتكرون طرقا مبتكرة في خلق الثروات الخيالية والتي هي أصلا ثروات الشعوب ، فما بالك بثروات تقدر بالمليارات ، وبالطبع للحفاظ على ذلك يجب تثبيت الوضع ليس في دولة بعينها ولكن في جميع الدول ، فلهذا لا أعتقد أن يفهم هؤلاء حقوق الطبقة المعدمة التي هم من خلقوها ، لأن هم أصلا لا يعلمون بوجودها

اقرأ ايضاً