العدد 3075 - السبت 05 فبراير 2011م الموافق 02 ربيع الاول 1432هـ

مصر تقود قاطرة التغيير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد أن شاهد الملايين هجوم أنصار النظام على المتظاهرين على ظهور الجِمال، في عرضٍ للقوة بميدان التحرير الأربعاء الماضي، كانوا على موعدٍ مع عرضٍ سلمي راقٍ ومتحضّر صباح الجمعة.

هجوم «البلطجية» ألّب الرأي العام المحلي والخارجي، ودفع الحلفاء الغربيين إلى إصدار إدانةٍ جماعيةٍ عاجلةٍ، وممارسة مزيدٍ من الضغط على النظام، وفي المقابل جذب ما قدّمه المتظاهرون مزيداً من التعاطف والمؤيدين.

المشهد الجديد كان بالغ التأثير، وكانت إحدى الفضائيات المتعاطفة جداً مع المتظاهرين، تسجّل بالصوت والصورة الشعارات العفوية التي أخذت تتدفق على ألسنة المشاركين. وكان أكثر الكلمات تكراراً هي «ارحل»، و»يسقط»، وهي في مجملها تعكس ما يتحلى به الشعب المصري من روح دعابةٍ وخفةِ ظلّ، لم تفارقاه حتى في ساعات العسرة.

الوكالات والفضائيات تحدّثت عن ثمانية ملايين متظاهر في مختلف المحافظات المصرية، اجتمعوا وأجمعوا على شعار «الرحيل». كل هذه الحشود الضخمة لم يسجل فيها اعتداءٌ على إنسان، ولا تحرّشٌ بفتاة، ولا حرق مسجدٍ أو تفجير كنيسة. فالشعوب العربية لم تترك للمطالبة بحقوقها سلمياً دون تشويهٍ إعلامي، أو إثارةٍ للمخاوف الدينية والخلافات المذهبية، وتشطيرٍ للمجتمعات على أسسٍ طائفيةٍ أو عرقيةٍ أو قبلية.

ربما تذكرون ما حدث ليلة رأس السنة الجديدة، حين نفذت عملية تفجير مشبوهة لكنيسة القديسين بالاسكندرية، وما تلاها من غضبٍ عارمٍ ومواجهاتٍ سقط فيها قتلى وجرحى من المسلمين والأقباط، واحتاج احتواؤها إلى أسبوع كامل، حتى هدأت النفوس. أما خلال الأيام العشرة الماضية، فقد كان الهمّ الوطني العام يوحّد الطرفين على إرادة الإصلاح والتغيير. وحينما حاول بعض «البلطجية» مهاجمة المصلين بالحجارة يوم الجمعة بساحة التحرير، وقف الأقباط ليحموا ظهورهم، ومن المتوقّع اليوم أن يقام «قداس الأحد» في الساحة نفسها تحت حماية المسلمين، فالوطن للجميع، والوطن الذي لا يتسع لأهله دون تمييز أو ظلم، لهو وطنٌ مريض.

كثيرٌ من الأمور في مصر تغيّرت، ولا يمكن أن تعود الساعة للوراء، فمسألة «التوريث» التي كانت تهدّد بتحويل أكبر بلدٍ عربي إلى عزبةٍ يورّثها الحاكم لابنه، قد انتهت إلى الأبد. وسيذكرها المصريون في المستقبل بكثيرٍ من السخرية وإطلاق النكات، بعدما كانت تقض مضاجعهم وتمس كراماتهم لسنوات.

مصر تغيّرت... وكذلك الجوار، فلم يعد أحدٌ بمأمن من رياح التغيير، باعتراف وزيرة الخارجية الأميركية التي كانت تتغنّى قبل عشرة أيامٍ فقط بثبات الأنظمة الصديقة، فإذا بها تخوّفهم أمس بأن الزلازل ستطالهم جميعاً دون استثناء! وهو ما لم تجرؤ على قوله أقوى حركات المعارضة والأحزاب السياسية، ولا حتى الجمعيات التي أريد لها الانشغال (وليس الاشتغال) بالسياسة، حسب تلك النظرية التي تحتقر عقل المواطن العربي وتستخف بذكائه.

يوم الجمعة كان مهرجاناً شعبياً في الهواء الطلق، يضج بالحماسة والمرح والعنفوان، رغم ما تعرّض له المتظاهرون من هجماتٍ بربريةٍ بالحجارة والسكاكين، أدت إلى مقتل العشرات وجرح أكثر من أربعة آلاف من زملائهم المعتصمين. كان أكثر الشعارات من النوع السهل الممتنع، بعضها يذكّرك بالثنائي فؤاد نجم والشيخ إمام: «هم حاجة واحنه حاجة» و»احنه مين... احنه كل المصريين»؛ وقسمٌ آخر يختزل تطلعات وأشواق الشعب المطحون: «عدالة اجتماعية، الأرض للفلاحين، المصانع للعمال، الجامعات للطلاب... والحرامية للسجون»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3075 - السبت 05 فبراير 2011م الموافق 02 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 3:06 م

      شعارات

      مش حنطاطي مش حنطاطي دحنا كرهنا الزمن الواطي

    • زائر 18 | 2:21 م

      والحرامية للسجون

      وليس من يطالب بحقوق الناس ويتهم بالإرهاب كفى كفى كفى استخفافا بعقول الناس وعلى جميع الحكومات التحاور مع شعوبها وعلى كل القيادات الإصغاء والإستماع لشعوبها وتحقيق مطالبها بالحوار فبل أن تهيج العاصفة ويومها لا ينفع الندم .

    • زائر 17 | 7:02 ص

      اجمل شعار

      من اكثر الشعارات وأجملها أيضاً:
      باطل
      باطل
      باطل
      الحزب الوطني باطل
      حسني مبارك باطل
      جمال مبارك باطل
      امن الدولة باطل

    • زائر 16 | 6:24 ص

      مش هنمشي هو يمشي

      تفجير الكنيسة صناعة حكومية

      من الهتافات الخفيفة مش هنمشي هو يمشي

      كل التوفيق للشعب العريق

    • زائر 13 | 2:39 ص

      إصحي يا بلدي إصحي وتزكري وانتي تمشي

      الله يرحمك يا شيخ يا سيد أمام ويا فؤاد نجم نعم انها ثورة الجوعى المصرين وهما مين واحنا مين احنا كلنا بلاد البحرينيين الف رحمة على زمن السبعينات لمن ننشد شيخ إمام وجعفر حسن ومرسيل خليفة اخ يازمن اخ

    • زائر 12 | 2:31 ص

      على طاري السوط والسيف

      يذكرني وزير الخارجيه لمن قال "بدملوماسيته الدمثاء" حكسر رجلين ورأس الا بيدخل من والى القطاع ايه هيا سايبه والا سايبه ايه داه الارف

    • زائر 10 | 1:44 ص

      التغيير الحقيقى

      نريد من هذه الانتفاضة بالتغيير الحقيقى حيث الغاء كل المعاهدات الاستعمارية والارتباطات الصهيونيةو الغربية المشبوهة. فمن غير ذلك ماهى الا الضياع بصورة أخرى. لأن الأعداء يخرجوا من باب الوحيد للبيت ولكنها ترجع وتدخل من على الأقل أربع نوافذ البيت.فيا أهل الانتفاضة لا تنسوا بأننا فى مرحلة الظهور الحجة فلا تضيعوا فرصة المحاولة لاقامة دولة الرسوللترضوا ال ... والرسول والأئمة الأطهار عليهم السلام.

    • زائر 9 | 1:43 ص

      حقيقة تقال

      سابقا كان الجميع يعيب - وانا منهم- على المصريين تسلقهم ونفاقهم وخوفهم واليوم انحني لهم احتراما على هذه الوحدة التي قل نظيرها بين فئات الشعب
      كم أتمنى أن تنتقل عدوى الوحدة لنا قبل عدوى الثورة فلن تنجح ثورتنا دون وحدة

    • زائر 8 | 1:42 ص

      البلطجية يكونون ملثمين ولابسين مدني ويقومون بالتغلغل بين المتظاهرين والقبض عليهم والتعرف لى شخصياتهم، وبعدين ياخذونهم من بيوتهم او ميخطفونهم من سياراتهم او بيوتهم، وفي الاخير يلفقون لهم قضايا امن دولة

    • زائر 7 | 1:31 ص

      لم تركوا للشعوب فرصة للتنفس

      كما قلت يا بوهاشم... لم يتركوا الشعوب العربية تطالب بحقوقها سلمياً دون تشويهٍ إعلامي، أو إثارةٍ للمخاوف الدينية والخلافات المذهبية، وتشطيرٍ للمجتمعات على أسسٍ طائفيةٍ أو عرقيةٍ أو قبلية.
      وهذه هي النتيجة. غضب عارم لا يقبلون بغير رحيل الرئيس. لم يترك لهم مجال إلا هذا الطريق.

    • زائر 6 | 1:25 ص

      خلي عندك دم

      ما نقول إلا ما قاله الاخوان المصريون
      باطل
      باطل
      باطل
      امشى بقى يا عم
      خلي عندك دم
      والله ينصركم ويثبت اقدامكم يا ابناء الكنانة.

    • زائر 4 | 1:16 ص

      شعارات جميلة

      العدالة الاجتماعية والارض للفلاحين والمصانع للعمل والجامعات للطلاب... والسجون للحرامية والبلطجية وسراق الاراضي. ما اجملها من شعارات.

    • زائر 2 | 11:30 م

      الزمن غير وعلى الحكام استيعاب الدرس

      في السابق كان بإمكان الحكام إخفاء قهرهم وظلمهم لشعوبهم بتكميم الأفواه والقمع ولكن الإنفتاح العلمي وتقنية نشر المعلومات جعلت من الصعب على ظالم إخفاء ظلمه والتستر. وأكثر ما يضير الظلمة هو كشف
      ظلمهم وسوء عملهم على الملأ لأن ذلك يعجّل بالسخط والبلبة واللذان بدورهم يؤديان إلى الحراك الشعبي اللاإرادي. فما يختزل في النفوس من قهر لا بدّ وأن يات اليوم الذي يتفجر فيه الغضب لأتفه الأسباب
      ولله إرادة هو بالغها فيسلب من هؤلاء الجبابرة الحكمة حتى تودي بهم أعمالهم الى هاويتهم

    • زائر 1 | 11:24 م

      رياح التغيير قادمة لا محالة

      على الرغم من بعض المنغصات التي بين المؤيد والمعارض الا أنه لابد من التغيير وتعديل الكثير الكثير من الأمرو وحلحلة الملفات العالقة وتصليح وترقيع ما يمكن ترقيعة ولا يمكن السكوت الى الأبد .

اقرأ ايضاً