العدد 3098 - الإثنين 28 فبراير 2011م الموافق 25 ربيع الاول 1432هـ

شباب القاعدة وشباب الفيسبوك!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

يكثر الحديث هذه الأيام عن «شباب القاعدة» تماماً مثلما يكثر عن «شباب الفيسبوك» وأحياناً يأتي في الوسط الإشارة لـ «الإخوان المسلمون» باعتبارهم مؤثرين في الحراك السياسي الذي يجتاح بعض الدول العربية.

عندما بدأ حراك شباب «الفيسبوك» في تونس بدأت الحكومة تتحدث عن القاعدة وشبابها، وأن هؤلاء وراء كل ذلك الحراك، وأحياناً معظمه، وأن من مصلحة تونس - أولاً - والعالم كله - ثانياً - أن يقفوا إلى جانب الحكومة التونسية لكي لا تستولي القاعدة وأتباعها على الحكم!

وقد لعبت الحكومة المصرية الدور نفسه، ووقف إلى جانبها عدد من الكتاب المنافقين فادعوا أن الإخوان المسلمين هم وراء كل المظاهرات، وأن هدفهم الاستيلاء على الحكم، وهم إن فعلوا ذلك فسيشكلون إمارة ظلامية تضطهد المرأة والأقباط، وقد تنقلب على كل الاتفاقيات الدولية المبرمة بين مصر والدول الأخرى!

معمر القذافي كان الأكثر في الحديث عن أنشطة «القاعدة» في ليبيا، والتأكيد على أنهم أقاموا أكثر من إمارة إسلامية، ومن ثم فإن القضاء عليهم وعلى التمرد الذي قاده ضده هو الطريق الوحيد لإنقاذ ليبيا وإعادتها تحت حكمه الميمون!

ولكي لا أطيل في هذه النقطة فإن هدف من تحدث عن القاعدة أو الإخوان هو إخافة المجتمع الدولي من مآلات المظاهرات وجعلهم يصمتون عن كل الجرائم التي ارتكبها هؤلاء بحق شعوبهم بذريعة أنها أسهل من استيلاء القاعدة أو الإخوان على الحكم كما يزعمون، وقد أثبتت الوقائع زيف كلامهم، ولم ير أحد قاعدة في تونس أو مصر أو ليبيا.

الذي أحدث التغيير في الدول الثلاث هم من عرفوا بـ «شباب الفيسبوك» وليسوا «شباب القاعدة»، وهذا الحدث أوحى إليَّ بهذا السؤال: ما هي الأشياء التي تجمع بين هؤلاء الشباب؟! ثم أليس من الممكن أن نحوّل «شباب القاعدة» ليكونوا من «شباب الفيسبوك»؟!

شباب الفئتين يتطلعون إلى التغيير، لكن شباب «الفيسبوك» سلكوا أسلوباً حضارياً لا يمكن لأحد أن ينتقده، مسلماً أكان أم كافراً، لكن الفئة الأخرى سلكت طريقاً يغلب عليه العنف والقتل والتدمير، وهذا الأسلوب استنكره الغالبية العظمى من الناس على اختلاف مذاهبهم وأديانهم.

شباب الفئتين يستخدمون أفضل وسائل التقنية للدعوة لأفكارهم، لكن شتان بين أفكار هؤلاء وهؤلاء!

شباب «القاعدة» يريدون تغييراً سريعاً وبحسب فكرة واحدة لا ترضي إلا فئة محدودة في المجتمعات الإسلامية لكن شباب «الفيسبوك» يطرحون أفكارهم التي ترضي الغالبية العظمى من سكان البلاد الإسلامية ولهذا استطاعوا النجاح بعكس الطرف الآخر.

هناك روابط مشتركة بين هذين النوعين من الشباب، ولكن هذه الروابط جعلت فريقاَ منهم في أقصى اليمين والآخر في أقصى اليسار... وجعلت فريقاً محبوباً من غالبية مجتمعه والآخر مكروهاً منهم!

أطرح سؤالاً آخر: هل من الممكن العمل على تحويل «شباب القاعدة» ليكونوا مثل - أو قريباً - من شباب الفيسبوك؟!

شخصياً أعتقد أن العملية ليست مستحيلة، لكنها تريد عملاً جاداً ومخلصاً!

التغيير إلى الأفضل يجب أن يكون مطلباً لكل القادة ولكل الشعوب... والشباب - من كل الاتجاهات - يتطلعون إلى التغيير الأفضل، وهذا أول خطوة مهمة - إن فعلت.

ولكي يحدث التغيير الذي يتطلع إليه الشباب لابد أن يستمع إليهم القادة والمفكرون وأجهزة الإعلام وكل الوسائل الأخرى التي توصل أصواتهم كما هي.

النقاش مع كل الشباب هو الوسيلة الأفضل للوصول معهم إلى قناعات جيدة ومقبولة مع غالبية شباب الوطن العربي كله.

هنا سيحصل التغيير - بكل أنواعه - وبحسب ما ترتضيه الغالبية من شباب الأمة العربية... وهنا لن يجد شباب «القاعدة» ما يتكئون عليه لنشر قناعاتهم بين الشباب، غالباً. وهنا سنجد أن الغالبية من شباب العرب أصبحوا فاعلين في مجتمعاتهم وبصورة حضارية مقبولة.

وفي هذا السياق فإن الأوصاف التي أطلقها الرؤساء السابقون على الشباب لم تكن في صالحهم على الإطلاق، ويبدو أن هؤلاء يغرفون من معين واحد؛ فالشباب - كما قالوا - مدفوعين من الخارج، وهم لا قيمة لهم، بل وقال البعض: إنهم لا يستحقون من يتحاور معهم.

العقيد الذي أطلق على نفسه صفات لا حصر لها، حتى أنني خشيت أن يدعي الألوهية، وصف شباب ليبيا بصفات يعف اللسان عن ذكرها، ولست أدري كيف يستسيغ حكم شعب يطلق عليه تلك الصفات!

الشيء المشترك بين هؤلاء الحكام أنهم لا يدركون حجم أخطائهم إلا عند الغرق فيعدون شعوبهم بتحقيق كل المنجزات، ولكن هيهات أن يصلح الندم!

نصيحتي لكل الحكام العرب سواءً الذين بدأت المظاهرات في بلادهم أو التي لم تبدأ أن يبادروا بإصلاحات حقيقية تحقق طموحات شبابهم قبل أن يصيبهم ما أصاب غيرهم!

شخصياً لا أحب تدمير أوطان العرب، ولا حلول الفوضى، ولكن هذه المحبة لا تكفي ما لم يحصل إصلاح جذري يحقق المصلحة للجميع

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3098 - الإثنين 28 فبراير 2011م الموافق 25 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً