العدد 2446 - الأحد 17 مايو 2009م الموافق 22 جمادى الأولى 1430هـ

الحوار المدني العربي الأميركي اللاتيني

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

عقد في الدوحة على هامش منتدى الدوحة الحوار المدني العربي الأميركي اللاتيني طوال يوم 5 مايو/ أيار 2009 والذي ضم ما يقارب خمسين شخصية من الجانبين ونظمته المؤسسة العربية للديمقراطية.

وقد أتى هذا المؤتمر بعد شهرين من عقد القمة العربية الأميركية اللاتينية في الدوحة، حيث أتيح للعرب الاستماع إلى قيادات أميركا الاتينية المنتخبة ديمقراطيا والتي تعبر فعلا عن شعوبها، وهي تقدم أطروحات جريئة نحن بأمس الحاجة إليها. وقد جاء الحوار المدني في وقته وضرورة لتعميق فهمنا لما يجري في أميركا اللاتينية من تحولات مهمة ولتعزيز العلاقات ما بين منظمات المجتمع المدني العربية والأميركية اللاتينية.

وقد حضر الحوار رئيسان سابقان هما خورخي كوريجا الرئيس السابق لبوليفيا وأول رئيس من السكان الأصليين والرئيس السابق للبيرو النيخادرو وتوليدوالر وشخصيات أخرى بعضها من أصل عربي، وبذي فقد ضم الحوار شخصيات من قيادات المجتمع المدني وبرلمانيين ودبلوماسيين ومسئولين سابقين مدنيين وعسكريين.


تجربة أميركا اللاتينية

قدمت وفود أميركا اللاتينية وفي مقدمتهم الرئيسان السابقان تجربة بلدان أميركا اللاتينية في الانتقال من أنظمة حكم استبدادية ودكتاتورية أو نظام الحزب الواحد أو الديمقراطية الليبرالية الشكلية إلى أنظمة متنوعة ولكنها في جوهرها ديمقراطية وتعددية أو بعضها يتسم بمحتوى العدالة الاجتماعية وقليل منها اشتراكي.

عرضت فيفانا جياكامان وهي تشيلية من أصل فلسطيني لآلية الانتقال بشكل عام كانت معظم أميركا اللاتينية حتى السبعينيات عسكرية كما في الارجنتين وتشيلي والبرازيل وبوليفيا وبيرو والاكوادور، لكن ذلك كان استثناء، فمعظم بلدان أميركا اللاتينية عرفت التجارب الديمقراطية وإن كانت متخلفة واستغلالية، وهو ما لم تعرفه إلا قلة من البلدان العربية (مصر وسورية ولبنان). كما أنه وحتى في ظل الحكم الاستبدادي فقد كان هناك نوع من الحياة السياسية للأحزاب والنقابات والجمعيات الأهلية وهو محرم تماما في ظل الأنظمة الاستبدادية العربية. أما الخاصية الثالثة فإنه باستثناء كوبا فلم يكن هناك نظام شيوعي، والنموذج الجاذب هو نظام ديمقراطي اجتماعي.

- إن عملية الانتقال ليست بتوقف النظام القديم الاستبدادي وقيام النظام الجديد الديمقراطي بل هي عملية معقدة تتم تدريجيا في أحشاء النظام القديم، وتستمر في ظل النظام الجديد.

- إن إشاعة الثقافة والتربية والممارسة الديمقراطية مهمة جدا حتى تترسخ الديمقراطية ولا تكون عرضة للانقلاب في مواجهة أول أزمة.

أما نماذج الانتقال للديمقراطية في أميركا اللاتينية فهي متعددة ومنها:

1 - الانتقال التدريجي كما في البرازيل والبيرو وبوليفيا وتشيلي.

2 - الانتقال بانهيار النظام العسكري كما في الارجنتين إثر هزيمة في حرب جزر فولكلاند (المالفينوس).

3 - الانتقال بموت من خلال ثورة كما في كوبا.

4 - الانتقال السلس من خلال الانتخابات كما في المكسيك.

أما الية الانتقال فتكمن في انتقال مراكز القوة والسيطرة والشرعية تدريجيا من النظام إلى المعارضة وذلك من خلال المفاوضات وقد تكون دون تعبئة الجماهير كما في المكسيك أو مفاوضات تحت ضغط الجماهير كما في تشيلي والارجنتين، وفي كلتا الحالتين فإنه يتوجب أن يكون للمتفاوضين صدقية خلال مسار الانتقال المتعرج، قد تحدث لحظة تاريخية فتشكل منعطفا للتحول مثلما حدث في تشيلي عندما تحدى ريكاردو زعيم المعارضة العسكر مباشرة من خلال التلفزيون وكسر حاجز الخوف وانطلقت الجماهير إلى الشوارع.

إن للانظمة العسكرية والاستبدادية منطقها وهواجسها ولذا يتوجب على المعارضة المدنية تفهمها واستيعابها وأهمها تأمين مستقبل لائق للعسكر وعدم ملاحقتهم.

إن تحالف المعارضة الوثيق واتفاقها على برنامج واضح وقابل للحياة من أهم عناصر النجاح، فيما تشتتها والطروحات المثالية أو المتشددة من عوامل الفشل.

وقد ألقى الرئيس البوليفي السابق خورخو كوريجا كلمة عن تجربته كأول رئيس بوليفي منتخب من السكان الاصليين، لقد تخرج خورخو من جامعة ستنافورد المشهورة في الولايات المتحدة بدرجة دكتوراه في الاقتصاد، وعمل مع المؤسسات المالية الدولية، ودخل السياسة في باب الاقتصاد. وفي كلمته أكد خورخو على المحتوى الاجتماعي للنظام الديمقراطي ولجميع النشاطات الاقتصادية الوطنية والعالمية، وهو ما نجح في تطبيقه خلال رئاسته. وعندما سئل خورخو عما إذا راودته رغبة التجديد للرئاسة فرد بحزم «لا» وكنت أريد أن أكون مثالا لمن يأتي بعدي. ومن المعروف أن اليخاندرو أتى الرئاسة في 2001 إثر معركة ضد الرئيس المستبد والفاسد السابق البرتوا فوجيموري والذي هرب من بوليفيا، ولجأ إلى اليابان. وذكر اليخاندرو أن محاكمة فوجيموري بتهمة الفساد وإساءة استغلال السلطة تشكل سابقة في أميركا اللاتينية وأنه إذا نجحت بوليفيا في استرداده لاستكمال محاكمته فسيكون ذلك درسا بليغا لسائر الطغاة الرئيس اليخاندرو ونشط في الحقل الأكاديمي، والعمل الاهلي حيث يرأس المركز العالمي للتنمية الديمقراطية.

أما الرئيس السابق لبوليفيا جورج كويريجا فهو نموذج لزعامات أميركا اللاتينية فقد تخرج بدرجة الماجستير من جامعة أوستز بتكساس وترأس عدة مؤسسات صناعية ومالية أميركية ودولية، وتدرج في المناصب الوزارية في بلاده، إلى أن أضحى أصغر نائب ورئيس جمهورية في تاريخ بوليفيا في عهد الرئيس هو جوبا نزر العام 1998.

ثم مكملا رئاسة بانزر للجمهورية العام 2001 حتى 2002. في كلمته للمنتدى حذر كوريجا من التدخل الخارجي في مسيرة الانتقال للديمقراطية والاصلاح، لأن الدول الكبرى تتدخل من أجل مصالحها وليس من أجل الحرية. كما طرح مشكلات الشباب في أميركا اللاتينية مما يدفعهم إلى ثلاثة خيارات مريرة، إما التطرق وإما العمل السري وإما الهجرة. وأضاف بأن التحول الرئيس في أميركا اللاتينية هو الانتقال من الحكم العسكري أو الدلكارشي (استبداد القلة) إلى الحكم المدني الديمقراطي. وأكد طرح زميله اليخاندرو، من أن إسقاط فيجيموري ومحاكمته سابقة مهمة في أميركا اللاتينية يمكن أن تساهم في ردع من يفكر بالوصول إلى السلطة والاستبداد بها والاحتفاظ بها بطرق ملتوية.


تجربة بنما

عرض السفير السابق والقانوني ورجل الأعمال البنمي أزيكي دمي اوباريو تجربة بنما في الانتقال من الحكم الدكتاتوري العسكري لاورييجا إلى الحكم الديمقراطي بعد تدخل واحتلال عسكري أميركي. وازيكي رئيس وعضو في الكثير من المؤسسات الشبكات المنظمات المهنية البنمية والاميركية ومنها منظمة القطاع الخاص للأميركيتين، وخلافا لغالبية رجال الأعمال العرب، فإن أزيكي يشدد كثيرا على العدالة الاجتماعية وعلى محورية دور منظمات المجتمع المدني بما في ذلك اتحادات العمال وعلى الشراكة ما بين المجتمع المدني والقطاع الخاص والحكومة كشرط للتحول الديمقراطي والإصلاح الشامل.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 2446 - الأحد 17 مايو 2009م الموافق 22 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً