العدد 3110 - السبت 12 مارس 2011م الموافق 07 ربيع الثاني 1432هـ

ورود ومسيلات دموع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

افتتحت الفضائيات أمس نشراتها بخبر الهجوم الذي شنته القوات اليمنية على مخيم يضم آلاف المعتصمين المطالبين برحيل الرئيس علي عبدالله صالح، بعد 32 عاماً من الحكم.

الهجوم البطولي الصاعق وقع فجراً، وأسفر عن مقتل طفلين وإصابة المئات، بينما قتلت رصاصةٌ طائشةٌ رجلاً كان يتابع الاحتجاجات من نافذة مكتبه في صنعاء. وتعرّض المئات لمضاعفات جراء استخدام نوع خاص من مسيل الدموع، يسبب تشنجات وانهياراً للجهاز العصبي (حسب وكالة «رويترز»).

الرئيس تقدّم قبل يومين بعرض سياسي، كان مؤمناً قبل أن يلقيه بأن المعارضة سترفضه، ربما لعدم اقتناعه هو شخصياً به! وبالفعل، لم تمضِ عشر دقائق حتى أعلنت المعارضة رفضها لهذا العرض المتأخر جداً، وطالبته بالرحيل. وبعد خمس دقائق ردّ متحدثٌ باسم الحزب الحاكم بأن الرئيس لم يقدّم العرض أصلاً للمعارضة وإنما للشعب اليمني العظيم! ورحّب البيت الأبيض بخطوات صالح الذي تعتبره أميركا حليفاً وشريكاً استراتيجياً، وحثّ المعارضة على الاستماع لنداء الرئيس.

أخبار اليمن هذه الأيام كلها مسيرات واعتصامات واشتباكات بين مؤيدي الرئيس من رماة الحجارة ومعارضيه. وفي الحدث الأخير اتهم المعارضون أنصار النظام بـ «البلطجية»، استلهاماً من القاموس المصري، لأنهم هاجموهم كالمغول بينما كانوا يستعدون لصلاة الفجر. ولكثرة أعداد الجرحى تم إيواؤهم في المساجد والشوارع المحيطة لعجز المستشفيات عن استيعابهم.

أكثر الأخبار سوءاً أمس، الزلزال العنيف الذي ضرب اليابان وما أعقبه من موجات مد عالي، أوقعت أكثر من 1800 قتيل ومفقود، وتجريف منازل ومنشآت وسيارات وقطارات. وهو ما أوحى للمعتصمين في دوار اللؤلؤة بالتوجه اليوم (الأحد) إلى السفارة اليابانية، في لفتة إنسانية جميلة، لتقديم الورود مواساةً للشعب الياباني العريق.

دوار اللؤلؤة شهد عصر الجمعة مسيرةً نظمتها الجمعيات السياسية المعارضة للمطالبة بإسقاط دستور 2002، وفي خطٍ موازٍ خرجت مسيرةٌ أخرى من دوّار الفخار بمنطقة عالي باتجاه دوار الساعة على مشارف الرفاع. وبعد الإعلان عن انتهاء المسيرة وبدء المشاركين بالتفرق، فوجئوا بمهاجمهتم على أيدي جماعاتٍ تحمل الأدوات الحادة والهراوات وتقذفهم بالحجارة من وراء صفوف قوات الأمن التي كانت تفصل بين الطرفين، وأخذت برميهم بالغازات المسيلة للدموع.

الاتصالات الأولى قبل الخامسة مساءً، كانت تشير إلى إصابة أعدادٍ كبيرةٍ، وخلال ساعة بدأت الأرقام تدور حول الـ 300. لكن عند السابعة تلقيت اتصالاً من طبيب يعمل بين مركز عالي والسلمانية، أكد أن من تم تسجيلهم في المركز حسب الأوراق الرسمية خمسمئة، وهناك عددٌ آخر يتراوح بين 100 و200، ونقل الكثير منهم إلى السلمانية عبر الاسعاف والسيارات الخاصة. وحين زرت الطوارئ عند الثامنة والنصف، تأكّدت من دقة الرقم من عدة أطباء، وكان البيان الذي صدر عن وزارة الصحة يؤكد وقوع 774 إصابة. وعند العاشرة غادر أغلبهم المستشفى، ولم تبقَ إلا حالات معدودة. كانت أكثر الإصابات جراء استنشاق الغاز، إلى جانب الإصابات بجروح ورضوض وكدمات جراء الضرب بالحجارة والأدوات الحادة.

من الأخبار التي وصلت مساء الجمعة، تعرّض ثلاثة من السعوديين لاعتداء على أيدي مجهولين، وعندما زرت المركز الإعلامي في اللؤلؤة عند الحادية عشرة، كلّمني أحدهم بوجود هؤلاء، وقادني إلى خيمةٍ لأجد أمامي شاباً له جسم رياضي، ملفوف الرأس بشاش طبي، وهو يتحدّث لمجموعةٍ من المراسلين. كان يشرح كيف صدمت سيارته سيارةٌ من الخلف يستقلها ملثمون، وحين نزل منها انهالوا عليه ضرباً بقطع خشبية وحديدية. وكشف عن ظهره الذي توزّعت عليه الجروح والكدمات. وكان يجلس إلى جانبه أخوه، وقد وضع حول رقبته طوقاً طبياً جراء إصابته أيضاً.

وزارة الداخلية حرصت على نفي صحة الإشاعات والأخبار التي تم تداولها حول استخدام الرصاص أو وقوع العديد من الإصابات أو الاختناقات بالغاز، وانحصار مهمتها في تشكيل حاجزٍ أمني يحول بين اشتباك طرفين من الاهالي، مذكّرةً بالتزام قواتها بالانضباط التام بدليل التصوير التلفزيوني. لكن بما أننا لم نعد نعيش في السبعينيات، فإنه لم تمضِ غير دقائق حتى بثت لقطات من جهات المعارضة تعرض صورةأخرى، بعضها على موقع «الفيسبوك» وبعضها على «اليوتيوب».

وزارة الصحة أصدرت بياناً عند الثامنة والنصف يفيد بتنفيذ خطة الطوارئ المتعمدة استعداداً لما قد يحدث من إصابات، وافتتحت عدة مراكز طوارئ (عالي، حمد كانو، مدينة عيسى) وتجهيزها بالكوادر والأجهزة الطبية اللازمة. وبعد شكر كوادرها الصحية وجميع من تعاون معها، أعربت الوزارة عن أملها بشفاء من تبقى من المصابين الـ 774 حتى كتابة البيان (عددهم حينها 106 قبل أن ينخفض لاحقاً الى عدد محدود جداً).

يوم أمس (السبت)، خرجت مسيرةٌ من المالكية إلى قصر الصافرية، شارك فيها الآلاف، ولم تحدث أية اشتباكات، ولم تطلق أي غازات، ومرّت على سلامٍ والحمد لله رب العالمين.

آخر الأخبار، أعلن المجلس الإسلامي العلمائي عن مسيرةٍ جماهيريةٍ كبرى تحمل شعار «الاخوة الاسلامية والوحدة الوطنية»، تنطلق من جامع رأس الرمان إلى مركز الفاتح الإسلامي، وإقامة صلاة موحدة، عصر الثلثاء، تأكيداً على الوحدة كمبدأ وخيار استراتيجي يجمع أبناء الوطن الواحد، في وجه دعاة الفرقة ونظرية «مساجدنا ومساجدكم»، وتشطير المجتمع وإعادته إلى مكوناته القديمة لعصر ما قبل الدولة الحديثة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3110 - السبت 12 مارس 2011م الموافق 07 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 8:52 ص

      ام علي

      بتوفيق الى الامام

    • زائر 17 | 8:50 ص

      عساك ع القوة

      شكرا لكم

    • زائر 15 | 6:38 ص

      دمستانيه

      تحيه لك من القلب على مقالاتك المميزه التي تنبع من غيره ومحبه لهذا البلد وأهله
      فأنت صوت الحق لكل مستضعف وبلسم لكل الجرحات وقك الله

    • زائر 13 | 4:51 ص

      شكرا لك

      شكرا لك ع كتابه المصداقه في المقال

    • زائر 10 | 4:06 ص

      العنوان

      مهما كان للباطل صولاته وجولاته، فان الحق ظاهر. فالحق لا يحتاج الى قوة تثبته.
      لأنه حق. فكما، للحق أعوان للباطل كذلك. فاستخدام القوة تضر بمن استخدمها وتثبت عكس ما يعدعي المستخدم لها.

    • زائر 7 | 1:49 ص

      اذهبو للدوار وليس الفاتح

      سيد قاسم ارجو الطلب من المجلس العلمائي الاتجاه الى الدوار الان لانقاذ شعبه الذي يتعرض لاباده : اتظنون ان تقاربكم هذا من الاخوه السنه سوف يهدا الوضع ؟ انتم مخطئون يا علماء / فالحكومة لا تفهم هذه اللغة ولا لغة للديها غير ما يحدث للشباب في الدوار الان
      انقذوا شبابكم واتركو عنكم التهاون وتمييع القضية

    • زائر 4 | 11:49 م

      الجبناء

      عادة الجبناء مفهومه . ضرب من وراء الظهر و هذه كانت فعلتهم يوم الجمعه فى الرفاع . المسرحيه لن تنتهى بعد و لم نبدئها و عندما يبدء المسرحيه الحقيقيه و لسوف يندمون .

    • زائر 3 | 11:00 م

      شكرا.....لك

      شكرا لك ياسيد على كتباتك الوطنيه الرائعه والمخلصه للوطن

اقرأ ايضاً