العدد 3115 - الخميس 17 مارس 2011م الموافق 12 ربيع الثاني 1432هـ

كي تستقيم الأمور (2 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كي تنجح أجنحة القوى السياسية المعتدلة كافة، في السلطة والمعارضة على حد سواء، في انتشال البحرين مما هي فيه اليوم، من أوضاع تسيرها الأحكام شبه العرفية، وتسيطر على شارعها السياسي غمامة من الخوف من انتكاسة المشروع الإصلاحي، وعودته إلى ما قبل العام 2001، لا بد لها من أن تلتقي، كي تعيد النظر في سلوكها خلال الأسابيع الخمسة الماضية، آملين أن تكون مرئياتها تنطلق من الفرضيات التالية:

1 - ان هناك حاجة ماسة للإصلاح، فالبحرين من المجتمعات العربية المهيأة لرياح التغيير التي هبّت على منطقة الشرق الأوسط منذ مطلع العام 2011. لكنه، بالقدر ذاته، ينبغي الاتفاق على أن هذه الجاهزية للتغيير، لا تعني بأي شكل من الأشكال، تغييرات جذرية غير منطقية، مثل تلك التي حاول أن يروّج لها الجناح المتشدد في المعارضة، مثل "إسقاط النظام"، وأخرى مقاربة له. فالتغيير المطلوب في البحرين، والمقبول به محلياً وإقليميا، هو ذلك الوسطي المتعقل الذي تسمح به الظروف القائمة. هذه الوسطية لا يقصد أن يفهم منها موافقة المعارضة على ما يطرحه النظام، والعكس صحيح أيضاً، لا يفترض أن يقبل النظام بكل مطالبات المعارضة. الفرضية هنا هي نضج الطرفين، وقدرتهما على فهم آلية التغيير، وحدوده، وآفاقه، بما يضمن تعزيز سلطة المشاركة الشعبية في صنع القرار، ويضع الأسس الصحيحة للتقدم على طريق المملكة الدستورية، بمفهومها المتعارف عليه دولياً، دون أي تحريف.

2 - اقتناع الأطراف المعتدلة، في السلطة والمعارضة، بأنه على الرغم مما آلت إليه الأمور، ورغم تردي العلاقات فيما بينها، لكن الأبواب بينها لا تزال غير موصدة، بل هناك حرص شديد من قبلها جميعاً على إبقائها مفتوحة، والتصدي بشكل مشترك لكل الأيدي العابثة التي تحاول أن تقفلها، بل وكف حتى تلك الأيدي التي لم تتوقف عن تضييق سعة الفتحة المنفرجة بين تلك الأطراف المعتدلة في السلطة والمعارضة. هذه القناعة المشتركة، من الطبيعي أن تقودها جميعاً نحو نتيجة واحدة وهي أن الفرصة لا تزال سانحة، ولم تفت بعد، ومن حق الجميع أن يستفيد منها، وأن يجيرها لصالح ما نتحدث عنه من إصلاحات معتدلة تدريجية، وقابلة للحياة، وتملك صمامات الأمان التي تحتاجها للحيلولة دون أية انتكاسة، قد تتعرض لها على أيدي القوى المتطرفة في الجانبين.

3 - اقتناع تلك الأطراف أيضاً، بأن قوانين التغيير، وعوامل التحولات، ليست مقتصرة على من هم في الحكم، بل لابد لها أن تمس، وبشكل جوهري وعميق قوى المعارضة أيضاً، فبقدر ما تحتاج البحرين إلى تحولات تطويرية في هياكل الحكم ومؤسسات الدولة، فهي بحاجة أيضاً إلى أن تنال مثل هذه التغييرات الجوهرية قوى المعارضة ورموزها القيادية غير القادرة على القبول بالتغيير المطلوب في جسدها وسلوكها كي تكون مؤهلة للتعامل الصحيح مع رياح التحولات التي تهب على البحرين. ربما آن الأوان كي نتخلص من النظرة القائمة على إضفاء "الطهرانية " الكاملة على المعارضة، وإلصاق تهم "الفساد" أو "عدم الشفافية"، على أهل الحكم فقط. هناك حاجة ماسة إلى نظرة موضوعية تضع النقاط على الحروف، من أجل ضمان "استقامة الأمور".

4 - في ضوء تلك الحاجة، وتأسيساً على تلك القناعة، وكي تستقيم الأمور أيضاً، بات على الأطراف المعتدلة التي نتحدث عنها، الجلوس إلى طاولة الحوار، وعدم إضاعة الوقت في التشبث ببعض القضايا الشكلية التي ستكون عقبات كأداء أمام أية محاولات للخروج من المأزق الذي نتحدث عنه. هذا يعني في الجوهر، سعي تلك الأطراف، بشكل جدي من أجل الإصلاح التدريجي الذي لم يعد للبحرين مفر منه. وعندما نشير إلى الإصلاح التدريجي، فليس القصد منه دحض الإصلاحات التي طالبت بها المعارضة كافة، بقدر ما نسعى إلى الوصول إلى الحالة الوسطية التي نتحدث عنها، والتي هي وحدها القادرة على إرساء دعامات مساعي استقامة الأمور.

5 - تصدي القوى المعتدلة، بشكل سافر علني للقوى المتطرفة، والأجنحة المتشددة، لدى الجانبين، فلم يعد هناك ما يبرر السكوت على الأخطاء، أو التستر على المزايدات، أو تغطية القوى التي ليس من مصلحتها سيادة القانون، وسير المجتمع، بخطى ثابتة على طريق الإصلاح التدريجي الذي نتحدث عنه. قد يتطلب هذا العض على الجراح، لكن العض على الجراح اليوم، خير ألف مرة من عض أيدي الندم في المستقبل. لقد بات من واجب القوى المعتدلة أن ترفع صوتها بين صفوفها داخلياً، وإلى الأطراف الأخرى خارجياً، كي تنزع ورقة التوت التي تستر عورة التطرف.

6 - تشابك أيدي القوى المعتدلة، في السلطة والمعارضة، وسيرها بشكل متناسق من أجل وضع حد لحالة "السلم الوطني" الاستثنائية، كي لا تطول فترتها، فلا تمتد إلى ما هو بعد الأشهر الثلاثة، كي تستقيم الأمور، وتعود الأوضاع إلى سابق عهدها، قبل انفجار الأزمة، كخطوة أولى على طريق الانطلاق نحو الإصلاحات التي نتحدث عنها، والتي باتت تفرضها، قبل أي شيء آخر، رياح التغيير التي لم يعد بوسع، كائناً من يمسك بمقاليد الحكم في البحرين، أن يقف ضدها أو يوقف عناصرها.

تلك بعض المقترحات، التي نأمل أن تساهم مع جهود أخرى وتعمل سوية، من أجل استقامة الأمور، وإعادة صورة بلدنا الحبيبة إلى مكانها الصحيح وموقعها الذي يليق بها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3115 - الخميس 17 مارس 2011م الموافق 12 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً