العدد 3115 - الخميس 17 مارس 2011م الموافق 12 ربيع الثاني 1432هـ

المسلمون والانفتاح: تعبيرات مشتركة وأخرى متقاطعة (2)

رياج ططري comments [at] alwasatnews.com

رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا

رأى المشرعون من أهل البلاد بأن علمانية الدولة ـ أي ألا تتبنى الحكومة ديناً أو معتقداً معيناً ـ يضمن المساواة والحرية والعدل لكافة أبناء البلد الواحد.

ونحن نرى ـ وخاصة كون المسلمين في هذه البلاد أقليات موزعة ـ أن هذا النمط من الحكم الذي لا يدين بدين معين أو توجه أيديولوجي محدد كالوطنية الاقليمية أو سواها، يناسب وجودنا ويحميه، ولا أطلق هذا الأمر إطلاقاً، وإنما أقول من حيث المبدأ ربما يكون الأنسب لنا في هذه البلاد. وهذا فيما يتعلق بالدولة لا بالفرد المسلم.

وأمر آخر هو قبول دستور وقوانين البلاد على ما فيها مما يخالف بعض الفرعيات من الدين، والقبول لا يعني بحال الرضا والموافقة على كل ما جاء فيها.

ونحن نعتبر الدار بالنسبة للمسلم هي التي يستطيع أن يمارس فيها أحكام دينه، فهي دار إسلام ولو كانت على المستوى الفردي.

(إن دار الكفر تصبح دار إسلام مادام يأمن فيها المسلم على نفسه وعرضه وماله، ويتمكن من إقامة فرائضه من صلاة وصيام ونحوها... وكره للمسلم تركها إذا طمع في إسلام أحد على يديه) الماوردي.

ولا يظنن أحد أن الدساتير الموجودة والقوانين المطبقة النافذة حالياً في البلاد الغربية قاطبة، هي موضع رضا وقبول كاملين من كل الناس. بل هي موضع تعديل وتطوير دائمين.

ومن الأمورالايجابية التي تدفع بعجلة اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية، تنمية القيادات التي تعبر ذاتياً عن الجماعات الاسلامية المنتشرة في المجتمعات الغربية وخاصة القيادات الوسطى منها، تلك التي تلتحم بالقواعد الاسلامية والقادرة على ايصال طموحاتها وآمالها للقادة فيها.

ومنها أيضاً إقامة العمل التنظيمي على أسس جماعية بتكوين المؤسسات وإعداد الأطر التي تحافظ بل وتنمي الأعمال وتعمل على استمرارها وخاصة بتكوين الأطر التحتية المعدّة والمناسبة للحفاظ على هوية الجماعة المسلمة الدينية أصلاً والثقافية بانتمائها العرقي المختلف.

خطوات يجب أن تتبع: وإذا أردنا أن نبدأ بخطوات في هذا الصدد علينا تكوين فرق عمل تنطق باسم الجماعات الاسلامية في كل مستوى وعلى كل صعيد في البلديات والمقاطعات وعلى مستوى البلد الواحد أو في الاتحاد الأوروبي حالياً، تكون قادرة على الحوار والإدلاء بالتصريح المناسب في الوقت المناسب.

والمشاركة في المنظمات الأهلية للدفاع عن، بل ولتبني قضايا تهم الجميع كالحفاظ على البيئة أو لدعم حقوق الانسان أو قضايا الأخلاق الحيوية أو تأييد السلام العالمي. كل هذا يفتح للمسلمين مجالات شتى ويدرب الأفراد ويسهل لهم السبل للوصول لمبتغاهم.

وعلينا إدراك دور وسائل الإعلام ، في توجيه الرأي العام والتحكم بعواطف وآراء المجموعات البشرية في التأثير على الأفكار والمعتقدات. إذ تقوم هذه الوسائل المستخدمة من مجموعات الضغط (اللوبي) باستغلال كافة الأخطاء وتوظيفها ضد آخرين، أو تهول الأعمال الصغيرة لشخص ما أو مجموعة ما لرفعها لأعلى عليين ضمن خطة مرسومة المعالم. فعلى الجماعة المسلمة في كل مكان عدم إغفال هذه الوسيلة التي أصبح لها دور أساسي في حياتنا.

وأما الموضوع الملح الذي لم يلق العناية الكافية منا ـ نحن المسلمين ـ هو مشاركة المرأة في المشروع الحياتي للمسلمين في الغرب... فكلنا يعرف أهمية هذا الموضوع وكيف تركز عليه كافة الدوائر الرسمية والأهلية، وتتخذه المقياس الوحيد عندما ترغب في التعامل مع المسلمين، فعلينا المبادرة في رسم الإطار الذي يجنبنا الزلل ويكفل للمرأة دورها الرائد في المساهمة برفع سوية الجماعة المسلمة بما حباها الله من قلب حان صبور، ودأب وغيرة على الدين والأمة، وعفة وثبات في التصرف والأداء.

إن الهجرات إلى أوروبا يختلف وقعها على الناس عنها في دول أخرى كأميركا وأستراليا... فالأولى تعتمد على صفاء العرق وتجانس المجتمع، بينما الثانية فقد قامت أصلاً على الهجرات المتتابعة من الجنسيات المختلفة، والناس فيها كلهم يهجّون أسماءهم وألقابهم دونما حرج.

والمسلمون الآن في المجتمعات الغربية المتواجدون حالياً في أوروبا وأميركا وأستراليا هم أقليات تزيد أو تكثر حسب قدمها وحداثة عهدها في البلاد، وهي تجربة جديدة بإجمالها لم يمض على أقدمها رسوخاً نصف قرن من الزمان وهذا الوقت غير كاف لدراستها وتقويمها وتسجيل مواطن نجاحها وفشلها... ولكن الواجب يدفعنا لرصد كل ما يتعلق بالجماعات المسلمة بهدف الشروع بهذه الدراسة المتأنية التي تعين على تفادي الأخطاء وتصويبها وتبني مواطن النجاح ودعمها.

نحن أخيراً أمام موقف لابد من اتخاذه بجرأة وقوة أننا أصبحنا نشكل جزءاً لا يتجزأ من هذه المجتمعات، ورغبتنا جامحة بالاقتراب منها بناء وأمناً لا الابتعاد عنها عزلة وكرهاً... كل ذلك ينبع من إسلامنا الذي علمنا الوفاء والحب والبذل والعطاء للناس كل الناس.

ومن خلال خطاب إسلامي شامل يعبر عن مشروع حياتي متكامل يطرح الحلول المناسبة لكافة المشكلات القائمة حتى يضمن لنا المساهمة في حياة الإنسان كل الإنسان، ولكي نتجنب التهميش والإبعاد، لابد من المشاركة في تكوين الحضارة ببعدها الإسلامي المشرق الجميل... فهيّا بنا نحو البناء والعطاء من منطلق الحب والصفاء لكي نرضي رب السماء

العدد 3115 - الخميس 17 مارس 2011م الموافق 12 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً