العدد 3117 - السبت 19 مارس 2011م الموافق 14 ربيع الثاني 1432هـ

المظاهر العسكرية غير الشرعية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كثيرة هي الظواهر غير الصحية التي تولدها الانفجارات الجماهيرية التي تصل حدتها، كما شاهدنا ذلك مؤخراً في البحرين، إلى صدامات عنيفة بين المواطنين وأجهزة النظام. ففي حالات معينة، كما حصل في تونس ومصر، لم يكن في الوسع منع بعض مظاهر النهب التي تعرض لها العديد من المرافق العامة والخاصة، بما فيها بعض المحال التجارية والمؤسسات الحكومية. ومهما حاولت قيادات طرفي الصراع أن تحافظ على النظام، وتحول دون الخروج على ما رسم له، لكن المد الجماهيري من طرف المعارضة، وذهنية السيطرة لدى أجهزة الدولة، تساعد على تولد تلك المظاهر غير المقبولة، والتي غالبا ما تقود إلى نهايات سلبية مضرة، يدفع ثمنها المواطن، وتتحمل نتائجها الدولة.

هذه إشارة، كان لابد من التنويه لها، ونحن نعالج ظاهرة خطيرة ولدتها الصدامات العنيفة التي اندلعت خلال الأيام القليلة الماضية التي أعقبت إخلاء «دوار اللؤلؤ» من قاطنيه من محتجي انتفاضة 14 فبراير/ شباط 2011. فمؤخراً، انتشرت، وهو أمر يؤسف له، في العديد من قرى البحرين ومداخلها الرئيسة، وجود مجموعات من الشباب "المسلح"، يتقدم عدداً محدوداً من سيارات الأمن، يطالب كل من يريد الدخول إلى إحدى القرى أو الخروج منها أن يبرز هويته الشخصية، كي يتأكد من كونه أحد سكان هذه القرية أولاً، كي يقرر، أحد هؤلاء الملثمين - غير معروفي الهوية - إعطاء إشارة حق الدخول أو المنع والعودة أدراج الرياح، بحق وبدون حق، إلى صاحب الهوية.

هذه الظاهرة بغض النظر، عن المسببات التي تسوقها الدولة، تحمل معها، وفي طياتها مجموعة من الأخطار التي ينبغي التحذير منها، ويمكن رصد أهمها في النقاط التالية:

1. تنمية ذهنية «المليشيات المتسلطة»، التي تبني هيبتها على إهانة المواطن، وتجريده من أبسط حقوقه المدنية، التي هي عودته إلى منزله، أو زيارة أحد أقاربه، وهو مطمئن البال، من جانب، وتحدي هيبة الدولة، ونزع احترام مؤسساتها من جانب آخر. ربما تنجح مثل هذه المليشيات في فرض نوع من استتباب الأمن الظاهري والمؤقت، لكنها بدون شك، غير قادرة، وضد مصلحتها أن تؤسس لأي شكل من أشكال استتباب الأمن، من خلال أجهزة الدولة الرسمية، وللفترة الطويلة التي يحتاجها المجتمع البحريني، الذي بات في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من السلامة الفردية، دع عنك الأمن الاجتماعي، بمعناه الشامل الذي يبحث عنه الجميع، بمن فيهم المسئولون في الدولة، ومن بينهم من زرع هذه الظاهرة غير الشرعية.

2. تعميق طأفنة «من كلمة الطائفية» المجتمع، فمثل هذه المليشيات المسلحة بحكم كونها منبثقة من منطلقات طائفية، لا يمكن لسلوكها إلا أن يكون طائفياً. إذ ستتشكل، شاء من يقف وراء هذه الظاهرة المسلحة غير الشرعية، ولا يكف عن تشجيعها، ام أبى، فهي لابد وأن تكون طائفية في الجوهر والتكوين، ومن هنا فالنهايات الطبيعية لها، تشكل مؤسسة قمعية طائفية تقوم على جهازين مسلحين، يقف الأول منهما قبالة الآخر، ويقفان بشكل مشترك ضد المواطن، الذي سيجد نفسه حينها مضطهداً بشكل مزدوج، بفضل سعي كل جناح من تلك المليشيات المسلحة إلى إثبات قوته ضد من يقمعهم بشكل مضاعف.

3.تقليص هيبة الدولة، فرويداً رويداً، سينمو هذا التمظهر العسكري غير الشرعي، ويتمدد، كي يكتشف الجميع بمن فيهم من روج لهذه الظاهرة، وشارك في تأسيسها، أنه، وفي غمضة عين، تحول إلى مؤسسة "طاغية" تكرس وجودها، تفرض قوانينها، من الأعراف التي بذرتها بشكل، ربما مبرمج، وقد يكون بشكل اعتباطي. خطورة هذه المؤسسة غير الشرعية، انها، وجراء النفوذ الذي استمدته من سيطرتها على حركة الشارع، ولفترة، مهما كانت قصيرة، أنها أصبحت قادرة على أن تكون فوق الجميع، وأن تشعر الجميع بحاجتهم لها، وأنهم غير قادرين على الاستغناء عنها.

4. عدم قدرتها على التكامل مع مؤسسات الدولة الأخرى، بما فيها تلك التي يقع على عاتقها حفظ النظام، ومن ثم، فهي لا تملك إلا أن تكون نتوءاً شاذاً، غير طبيعي في جسم الدولة ومؤسساتها الأخرى، الأمر الذي سيحولها إلى إدارة فوق الإدارات، بما يحمل ذلك من نفوذ سياسي، وقدرة تسلطية غير محدودة.

5. إنهاك موازنة الدولة، وبعثرة أموالها، بشكل "أهوج"، فمثل هذه المؤسسات القمعية الجشعة، بطبيعتها، و"الفيروسية" في تمددها الإداري والبشري، من الطبيعي ان يتطلب إدارتها رفع سقف أكلافها المادية التي سوف تستنزف أموال الدولة، في الصرف على قوة غير منتجة اولا، وجشعة جراء طبيعتها الطفيلية ثانيا.

في ضوء كل ذلك، بات من الضرورة بمكان ان تسارع الدولة إلى وقف هذه الظاهرة غير الطبيعية والمضرة، أمنياً واجتماعياً على حد سواء، كي لا نكتشف، وفي وقت متأخر جدا أننا زرعنا وبأيدنا، نبتة ضارة يصعب التخلص منها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3117 - السبت 19 مارس 2011م الموافق 14 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 27 | 9:41 ص

      شكرا على المقال الرائع

      اني ارى فيك الرجل الغيور على هذا الوطن

    • زائر 26 | 7:59 ص

      خوش كلام

      عساها عاد تهدا ونرجع مثل قبل واحسن عاد منظر البحرين غريب جدا عاد ليش هالجنود

    • زائر 18 | 5:16 ص

      على الجمعيات السياسية التحرك

      أولاً صح الله لسانك وقلمك. ثانياً أعتقد أنه آن الأوان بل إن الوقت متأخراً للجمعيات السياسية أن تقف وقفة شجاعة وتقيم مواقفها منذ 14 فبراير. وعليها أن تنظر بعين العقل لا العاطفة والتهور. أعتقد أن الجمعيات بها نساء ورجال عقلاء عليهم أن يتحلوا بالشجاعة ويرفعوا صوتهم.

    • زائر 15 | 4:24 ص

      لا اتفق معك في نقطتين

      النقطة 3: غير صحيح ان الدولة ستفقد سيطرتها الامنية تدريجيا بسبب هؤلاء المليشيات، لان هذه الميليشيات هي حقيقة اجهزة امنية تلبس اللباس المدني، وليست ميليشيات من خارج الاجهزة الامنية كما في بعض الدول، فهم ينفذون وينصاعون لاجندة الدولة.
      النقطة 5: لااعتقد الميزانية ستنهك، لانهم يتسلمون رواتب شهرية من الدولة على اعتبار ان ما يقومون به جزء من اعمالهم المنوطة بهم، وربما يعطون مكافءات على غرار متطوعين التربية، ولكنها لا تشكل عبئا على موازنة العسكرة الضخمه.
      و لا اعتقد ان ذلك غائبا عنك يا استاذ.

    • زائر 13 | 3:35 ص

      الحواجز

      اخي الفاضل علمت بان نقاط التفتيش في بعض القرى يتعرض لها اشقائنا الشيعة للركل و الامتهان ؟ وا اسفي عليك يا وطني !!!!

    • زائر 11 | 3:12 ص

      بدأت من دوار الساعة

      هذه الظاهرة سيدى بدأت من دوار الساعة عندما تجمع البعض يحملون السيوف والعصى والادوات الحادة ...والامن والجيش يحميهم ....هذا هو صنع السلطة ... ولا شى غير هذا ....

    • زائر 10 | 3:01 ص

      لماذا؟

      ما الهدف اصلاً من هذه الحواجز؟ اذا كان هناك سبب حقيقي فما المانع في استخدام شرطة المجتمع وفي جميع القرى بلا تمييز. على الاقل هذه قوات منضبطة وتخضع للمحاسبة ام الامر كله لغرض التحشيد الطائفي على طريقة تلفزيون وراديو العائلة؟

    • زائر 9 | 2:52 ص

      زائر 7

      اخي و ابي و ابني يا زائر 7 اتمنى يا اخي ان تعلم ويعلموا كل اخوني الشيعة باننا نتألم لألمهم و نحزن لحزنهم واننا نعلم تماما بان الوطن يسع للجميع و ان اهل البحرين الحقيقيين هم من ينبذ الطائفية و الظلم . فلا تحزنوا يا اهلنا فأنتم جناحنا و لن تحلق البحرين بجناح واحد ابداً

    • زائر 8 | 2:42 ص

      كيمو08

      في تاريخ 17 مارس في تمام الساعه التاسعه صباحا توجهت للرفاع الشرقي لشراء بعض الحاجيات وكنت قادما من ستره وبعد عبوري دوار البا وامام رامز استوقفني ثله من البلطجيه وطلبوا مني بطاقتي السكانيه واستجبت بكل ادب واحترام ولكنهم انهالوا علي بكلمات بذيئه وسباب مؤلم وقذفوا في وجهي بطاقتي السكانيه وطلبوا مني العوده الى ستره وهددوني بالضرب اذا انا لم افعل!! اين الامن؟ اين المواطنه؟ عجبا هل نحن في فلسطين؟ هل نحن امام مشهد المليشيات؟ ان الى الله وانا اليه راجعون

    • زائر 7 | 2:31 ص

      يسلم قلمك

      شكرا لك اخي العزيز وبارك الله فيك وشكرا لليد الي ربتك ياولد الاصول
      اخوان سنة وشيعة وهذا الوطن مانبيعه

    • زائر 4 | 1:38 ص

      تحشيد طائفي

      كلنا نعلم خطورة التحشيد الطائفي علينا في هذه المرحلة، ونحن نعي اهمية الاعلام لانجاح اي حركة سواء كانت معارضة او موالاة لذلك نقدر ان بعض الفضائيات كان لها دور كبير في نقل الكثير من الحقائق و ال لاحقائق ولكني اعجب من تلفزيون الدولة عندما ينجر لمثل هذه الممارسات ! ترى كيف سيتمكن المسئولين فيه لاحقا بمخاطبة شعب البحرين بعبارات شعبنا او ابنائنا او غيرها من العبارات التي تتضمن معاني الاسرة الواحدة ؟؟؟

    • زائر 3 | 1:26 ص

      ظاهرة مزعجة

      اوافقك الرأي أخي العزيز فقد اصبحت هذه الظاهرة الغريبة و المزعجة تنال من السلم الاهلي بين قرى و مدن البحرين و ما يزيد الطين بله ان هذه النقاط المفتعلة يقوم بتكوينها اطفال لا تتجاوز اعمارهم ال15 و 17 عام . و الله و نحن سنة من سكنة المحرق نقول ان وجود هذه المجموعات هي مصدر ازعاج و قلق لنا ونود ان نعرف نتوجه لمن للشكوى ! هل يا ترى لو اتصلنا بالامن سيقومون بفضهم و ابعادهم عن وجوهنا ام !!!!!

    • زائر 2 | 12:49 ص

      ويطالبون

      مع كل هذا العوده للاعمال

اقرأ ايضاً