العدد 3120 - الثلثاء 22 مارس 2011م الموافق 17 ربيع الثاني 1432هـ

الحاجة إلى سماع صوت مَنْ صُودرت أصواتهم (2 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

5. الصوت الخامس الذي لا يزال مفقوداً، ونعتقد أنَّ هناك ضرورة إلى أن نصيخ له السمع، ونصغي إليه، نظراً لكونه مُصادَراً من قبل القوى الرئيسة في الشارع السياسي البحريني، هو صوت المهنيين، والتكنوقراط، وفي المقدمة منهم التجار، ومن هم في إدارات منظمات المجتمع المدني، ومن أصبحوا يعرفون في قاموس البحرين السياسي المعاصر بـ «الأغلبية الصامتة»، وهم الذين اختطِفت منظماتهم المهنية والاجتماعية، ومعها حقوقهم السياسية. فلو أمعنَّا النظر في ذلك الشارع بحثاً عن هوية سكانه، فقد نصدم بضمور الحضور السياسي المؤثر لتلك «الأغلبية الصامتة» التي نتحدَّث عنها، من جانب، وسعي ٍمنظم لتحجيم دورها الإيجابي الخلاق من جانب آخر. من هنا تبرز أهمية، بل وضرورة استعادة هذه القوى لحقوقها التي صُودرت، ومن ثم اسماع صوتها الذي كتم، كي نتمكن من إعادة التوازن لذلك الشارع، وتوزيع إشاراته الضوئية، بما يضمن انسياب حركته المرورية بشكل طبيعي، بعيداً عن أيِّ اختناقات سياسية، من شأنها خلط الأوراق بشكلٍّ يعيدنا إلى بداية الطريق؛ حيث السيادة للقوى السياسية ذات الصوت الأعلى، والتهميش للقوى التي صودرت حقوقها وحُظر عليها، بشكل أو بآخر، إسماع صوتها.

واضح ممَّا سبق الإشارة له، أن من بين هذه الأصوات الخمسة، هناك تغييبٌ متعمَّدٌ مدروس لصوت تلك الأغلبية الصامتة، وعلى وجه الخصوص منها، تلك التي تقيم في قمة إدارات منظمات المجتمع المدني، بعد أن صودر حقها في الإفصاح السلمي عن مواقفها، إثر تغييب حضورها الإجتماعي المسيَّس، وتهميش دورها السياسي المنظم. من هنا ولكي تستعيد تلك الأغلبية الصامتة حقها الطبيعي، وتمارس دورها الإيجابي البناء في العملية السياسية، نناشدها أن تبادر، وفي أقرب فرصة ممكنة، وليس هناك فرصة أفضل من تلك التي تتيحها ظروف اليوم، ومن بينها الاستجابة السريعة لدعوة سمو ولي العهد للحوار، إلى القيام بما يلي:

1. الاقتناع الذاتي الراسخ بحقها في ممارسة هذا الدور، وتقديرها للأهمية التي يحظى بها في عمليات الأداء والتحوُّل السياسيين. ففي غياب هذه القناعة من الطبيعي أن تواصل هذه الأغلبية، وبقرار ذاتي محظ منها، الاكتفاء بأداء دور تبعي مجرَّد من أيِّ شكل من أشكال الإبداع، وتتحوَّل، بفضل ذلك، وهذا ما هو حاصل اليوم، إلى مجرد رقم إضافي ساكن، غير ديناميكي، في معادلات الصراع السياسي، ممَّا يُبيح للقوى التي لها مصلحة مباشرة في تهميش دور تلك الأغلبية، مواصلة العمل على الابقاء على تبعيَّة تلك القوى السياسية لها.

2. تعزيز مثل هذه القناعة، كي لا تبقى تلك الأغلبية معلقة في الهواء، بمسارعة تلك الأغلبية إلى مدِّ جذورها عميقاً، في تربة الشارع السياسي، كي يترسخ وجودها بقوة في العلاقات السياسية، ويتثبَّت حضورُها المباشر في صفوف القوى النشطة فيه. وهذا يفترض أن تبحث قياداتها، مسنودة بالشخصيَّات، ذات الثقل الاجتماعي والمهني، عن القوى الاجتماعية، وامتداداتها السياسية، التي بوسعها أن تنسج معها التحالفات السياسية، المنطلقة من برامج منظمات المجتمع المدني المختلفة، والمعبِّرة، بشكل مباشر عن المنتسبين لها، والقادرة، بالتالي، على تكوين الكتلة الاجتماعية الحرجة، ذات الحضور السياسي المعترف به، المالكة لذلك الصوت الجهوري القوي الذي يحوِّلها إلى رقم صعب في المعادلة السياسية.

3. العمل المستمر الدؤوب، في خِضَمِّ هذا البحث عن الدور الصحيح المطلوب، لضمان احتفاظ منظمات المجتمع المدني، والتي تقع في القلب من تلك الكتلة الحرجة، والمسيَّجة بتحالفاتها مع تلك الشخصيات التي تم وصفها أعلاه، بالتوازن المهني المطلوب، القادر على تحاشي التسييس القسري غير الطبيعي لهياكل تلك المنظمات التي تمارسه بحقها القوى السياسية النشطة، من خلال ربطها بشكل ملتوٍ بالتنظيمات السياسية، التي لن تألو جهداً من أجل إحكام سيطرتها على قيادات تلك المنظمات، وتوجيهها لخدمة برامجها السياسية، وليِّ مِعصمها كي لا تفلت من قبضتها التنظيمية. هذا الدور المتوازن لا ينبغي أن يكون، بأيِّ شكل من الأشكال، وفي مطلق الأحوال، على حساب استمرار تلك الأغلبية في تأدية دورها السياسي على النحو السليم.

4. الانغماس المهني الراقي في ممارسة الدور السياسي، لابد له، كي يؤتي أوكله، أن يكون مترافقاً، وبشكل متواز مع أداء المهام المهنية، الداعية إلى تأسيس منظمات المجتمع المدني، التي ستشكل صمّام الأمان الوحيد القادر على إحداث التوازن المطلوب الذي نتحدث عنه، والذي بوسعه أن يوفر التربة الخِصبة لإنجاز الأهداف الاجتماعية، التي من أجلها جرى نسج التحالفات السياسية بين منظمات المجتمع المدني، وفي القلب منها تلك الأغلبية الصامتة. هذه الموازنات الدقيقة ذات الأبعاد الثلاثة: مهني، واجتماعي، وسياسي، تتطلب مهارات متطورة من قيادات تلك المنظمات، وخبرات غنيَّة من أفرادها، الأمر الذي يستدعي الابتعاد عن الاعتماد على منهح التجرية والخطأ، والأخذ بمدرسة التأهيل الفردي، والتدريب الجماعي المستندين إلى خلفية نظرية راسخة، تحول دون ارتكاب الأخطاء، وتمنع اللجوء إلى التجريبية العشوائية غير المحسوبة العواقب.

ومالم يستطع المجتمع البحريني أن يفرز، وبشكل طبيعي غير مفتعل، مثل هذه الكتلة السياسية الحرجة، فمن الصعب تحاشي الانزلاق نحو اللهث وراء تحقيق الأهداف الثانوية عوضاً عن التركيز على تلك الاستراتيجية، كما يصعب وصول الدعوات الصادقة الصحيحة إلى أسماع القوى الفاعلة في الشارع السياسي، التي ربَّما، ونظراً لمصادرتها لحق هذه الأصوات الناضجة سياسياً، تفقد قدرة الاسترشاد بموقع إبرة البوصلة المطلوبة لتحديد الأهداف الصحيحة، وفي أوقاتها المناسبة، ومن ثم خوض المعارك السياسية، على نحو سليم، دون الحاجة إلى تقديم ضحايا أثمانها باهضة، أو إضاعة الفرص التاريخية السانحة.

ولكي لا نقسو على هذه القوى ذات الأصوات المصادَرة، ولكي نشجعها على رفع أصواتها، لابد من تشييد طريق سريعة للعمل السياسي البحريني تكون حركة المرور فيها مزدوجة. فمن جانب نستنهض هذه الكتلة كي تبادر، هي بدورها، إلى اسماعنا صوتها، ومن جانب آخر، نحث القوى السياسية، وفي المقدمة منها الجمعيات السياسية المعارضة، كي تحتضن هذه الأصوات، وتشجعها على إثبات حضورها، السياسي المترافق بشكل خلاق مع تواجدها المبدع على الصعيدين الاجتماعي والمهني

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3120 - الثلثاء 22 مارس 2011م الموافق 17 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 12:21 ص

      الغيرة+الحسد نتيجه واضحة = الحقد الاعمي

      هذه نتيجه فطرية للانسان عندما يحب ذاته ويفضلها على الاخر فالفطرة اياها تتولد عن مرض نفسي وجهل بخصوصية الحياة التى يعيشها البشر عامة ليبزغ المدفون فى جب الانسان من مخلفات بيئية (اسرية+مجتمعية..تركيبية -تكوينية"تجمعات -احزاب-كنتونات..الخ" تطغي الانانية الذاتية على تصرف النفس البشعه لتولد صب جام الغضب على الاخر بنزعات التخوين وتلبيسه لبوس ما لا يحتمل لبسه ليجعله فارا شاردا غير عابيء لما يمكنه فعله

اقرأ ايضاً