العدد 3125 - الأحد 27 مارس 2011م الموافق 22 ربيع الثاني 1432هـ

صوتي له قيمته: رحلة آخر دقيقة إلى استفتاء مصر

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

انتابني شعور غامر بالتأثر والسعادة مع اقتراب الطائرة من مدرج المطار، وعلت وجهي ابتسامة واسعة. شعرت بثقة أكبر حول قرار اللحظة الأخيرة الذي اتخذته بالسفر من نيويورك إلى القاهرة للتصويت في استفتاء مصر الدستوري.

كنت متشوقة للخروج من الطائرة. كانت صناديق الاقتراع قد انفتحت منذ الصباح الباكر. بدأ المصريون أخيراً يتذوقون أول طعم للديمقراطية.

كانت المشاركة في الانتخابات إبان حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي استمر لمدة 30 سنة تجربة مقيتة. كانت يافطات «نعم لمبارك» تبرز في كافة المدن مع اقتراب يوم الاقتراع. كان التزوير واسع النطاق، وكانت العناوين في اليوم التالي دائماً «مبارك يحصل على 99 % نعم».

لم يرَ الكثيرون مبرراً بالطبع لأن يشاركوا في الانتخابات. إلا أن الأمور قد تغيرت. حققت ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الأول أكثر من مجرد إسقاط النظام، فقد مكّنت الشعب. قفز الاهتمام بالسياسة، كما ثبت من ازدياد مبيعات الصحف اليومية وارتفاع عدد مشاهدي البرامج التلفزيونية السياسية. كما تضاعف استخدام الإنترنت للحصول على المعلومات وبحث القضايا الملحّة على الشبكات والمواقع الاجتماعية، حسب تقرير عنوانه «ثورة 2.0» الذي أصدرته شركة التكنولوجيا المصرية «تكنو وايرلس».

يمسك المجلس العسكري الأعلى الآن بزمام الأمور، وقد اقترح ستة تعديلات دستورية، بما فيها تحديد فترة حكم الرئيس إلى فترتين طول كل منهما أربع سنوات. حكم مبارك مصر كرئيس مدة ثلاثين سنة، ولم تكن هناك حدود لعدد المرات التي يستطيع فيها المشاركة.

قضيت أنا وزوجي مدة 24 ساعة في القاهرة. كنا نتابع الحوار والجدل حول التعديلات بخليط من السعادة والألم لأننا لن نشارك في هذا اليوم التاريخي. وقبل يومين من الاستفتاء، صحونا فجأة على حقيقة مهمة: لا يمكن ببساطة أن يفوتنا ذلك. قمنا خلال ساعات قليلة بحجز تذاكر السفر وإجراء ترتيبات لإقامة طفلينا وحزم أمتعتنا والتوجه إلى المطار.

كان يوماً جميلاً مشمساً في القاهرة. تذكّرت ونحن في طريقنا من المطار أول مرة صوت فيها في الانتخابات الرئاسية الأميركية. اجتاحنا يومها شعور غامر كان جديداً علي بشكل كامل. ولكنه كان حلواً مراً، حيث شعرت يومها بما يفتقد إليه المصريون.

التصويت أمر يدمن المرء عليه. شاركت منذ أول تصويت لي في انتخابات كل مدينة وولاية. أحضر معي دائماً طفليّ وهما في الرابعة والسادسة من العمر حتى يقدّرا ويستمتعا بما لم أقدرْه وأستمتع به في حياتي.

بدت الديمقراطية دائماً في مصر حلماً لا يمكن تحقيقه. ولكن قبل ما يزيد قليلاً على السنتين بعد أول مرة صوّت فيها، ها أنا أتوجه إلى مركز انتخابي في القاهرة للإدلاء بأول صوت مصري لي. اجتاحتني المشاعر وأنا أرى الصفوف الطويلة، شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساء، أغنياء وفقراء يقفون بصفوف امتدت في بعض الحالات إلى مسافة تزيد على الميل ليفعلوا ما لم يفعلْه الكثيرون منهم من قبل. شارك ثمانية عشر مليوناً من الملايين الخمسة والأربعين المؤهلين للتصويت.

شعر الواقفون معنا في الصف بالنشوة. كان هناك رابط قوي بين الجميع، بغض النظر عن وجهات نظرهم.

صوّت أعضاء جماعة الأخوان المسلمين وأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي التابع للرئيس المبارك بنعم. صوت آخرون ومنهم الكثير من الليبراليين بلا، مشيرين إلى أن الانتخابات البرلمانية المبكرة تشكل وضعاً مفضّلاً لجماعة الاخوان المسلمين والحزب الوطني الديمقراطي، حيث إنه لن يكون هناك وقت كافٍ للجماعات الأخرى لتنظّم أمورها.

كنا قد قررنا أن نصوّت بلا. اقتربنا من الدرج الذي يؤدي إلى مركز التصويت على الطابق الأول، ورأينا هؤلاء الذين أدلوا بأصواتهم ينزلون عن الدرج وعلى وجوههم ابتسامات واسعة وهم يعرضون أصابعهم المغطاة بالحبر الأحمر، الأمر الذي يضمن عدم تصويتهم مرة أخرى.

حان دوري. وعندما نزلت الدرج بعد أن أدليت بصوتي رفعت أصبعي الأحمر عالياً وبدأت أصرخ: «أخيراً، صوتنا له قيمة». رد علي الناس صارخين «نعم، صوتنا له قيمة».

أصواتنا لها قيمة. ورغم أن النتائج صدرت وصوت المصريون بنسبة 77 % بنعم، قضى المصريون يوماً كاملاً دون معرفة النتائج. يا لجمال عدم معرفة النتيجة مسبقاً. إنه لأمر سحري

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3125 - الأحد 27 مارس 2011م الموافق 22 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً