العدد 3125 - الأحد 27 مارس 2011م الموافق 22 ربيع الثاني 1432هـ

الشرق الأوسط... ابحث عن النفط

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أكثر الأخبار تناقضاً تأتينا هذه الأيام من اليمن، وخصوصاً فيما يتعلق بتصريحات الرئيس علي عبدالله صالح.

فبعد عدة تنازلات أعلن عنها الأسابيع الماضية، أكد صالح السبت في مقابلة مع «العربية» استعداده للتنحي، وأن يتم تسليم السلطة باحترام وهيبة إلى الشعب، ولن يسلمها أبداً إلى المعارضة، فهي عنده مسبقاً عميلة وفاسدة ومتآمرة! وأعلن أنه أمضى 32 سنة في الحكم، لكن مغادرته ستؤدي باليمن إلى المجهول، ولوّح بتقسيم اليمن إلى «أربعة أشطار». وعاد الأحد للتراجع عما أعلنه، فهو لا يقبل أبداً لَيّ الذراع، داعياً أنصاره إلى تكوين ميليشيات للدفاع عن أنفسهم.

في جعار الجنوبية، أعلن عن استيلاء مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة على القصر الرئاسي ومبنى الإذاعة والتلفزيون، وهو ما علّق عليه قائد المنطقة الشمالية بالجيش (والمرشح لخلافة صالح)، بأن الرئيس قد يستغل مسمار «القاعدة» للتمسك أكثر بالسلطة واستخدام القوة ضد الشعب، وهو لا يُصدّق ما يقوله الرئيس.

موضوع «القاعدة» لوّح به أيضاً العقيد القذافي في بداية تفجر الأوضاع في ليبيا، لكن الأحداث كانت قد تجاوزته فلم يكترث لتهديداته أحد. وفي الوقت الذي أعلنت المعارضة استعادتها السيطرة على المرافئ النفطية الرئيسية شرق البلاد، أعلنت المعارضة عن اتفاقها مع قطر على تسويق النفط المستخرج خلال أيام! كل هذه الحمية الغربية لنصرة الشعب الليبي «المظلوم» تشمّ من ورائها رائحة البترول.

المفاجأة الكبرى فجّرها وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني، حيث قدّم عرضاً لحل «الأزمة الليبية»، يقوم على نفي القذافي للخارج، قائلاً: «الآن وقد قالت أوروبا كلها إن القذافي ليس محاوراً مقبولاً، لا يمكننا التفكير بحل يتضمن بقاءه في السلطة، وحتى داخل النظام هناك أشخاص يرحّبون بذلك»! يبدو أن العقيد أصبح من الماضي، حتى عند أقرب الدول الأوروبية منه وأكثرها صداقةًُ له، حيث كان رئيسها (برلسكوني) ينحني ليقبّل يده ذات يوم!

في سورية التي تتصاعد فيها سخونة الأحداث، أعلنت مستشارة الرئيس أن السلطات اتخذت قرار رفع قانون الطوارئ، الذي فرض عام 1963، وبقي سارياً طوال فترة الرئيس السابق حافظ الأسد، وابنه بشار، دون أن يفكّر النظام بمراجعته أو إلغائه، إلا بعد أن داهمته الأحداث الأسبوع الماضي. وهو ما يؤكد القول إن أكثر الأنظمة العربية لم تستوعب أبعاد الموجة الجديدة التي تكتسح المنطقة، وتطالب الإصلاح والتغيير الشامل تحت شعار الحرية واستعادة الكرامة الوطنية. هذه الحركة لم تكن نتاج شهر أو شهرين، بل تراكم عقود من العجز العربي، أكبر تجلياته حين وقف العالم العربي يتفرّج على المذابح والمجازر وسفك الدماء في لبنان وغزة، دون أن يطرف له رمش.

ورغم التناقضات الكثيرة في تصريحات وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، إلا أن تقييمه لأحداث المنطقة كان صحيحاً إلى حدٍّ بعيد، حين قال إن «الثورات التي تهز الدول العربية منذ مطلع السنة الجارية تشكّل أكبر موجة تحولات منذ سنوات الاستقلال، وربما حتى منذ سقوط الدولة العثمانية»، وهو رأي تسنده الوقائع التاريخية.

الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب أصدر بياناً من القاهرة، تحدّث فيه عن حركة الشعب الليبي المطالبة بالحرية والديمقراطية. وبسبب إشكالية تدخل القوات الأجنبية، عمل الاتحاد على استمزاج آراء الاتحادات والروابط وأسر الكتّاب المنضوية تحت لوائه، وخرج بالتأكيد على أن الأدباء والكتّاب هم طليعة الشعوب العربية التي تنادي بإرساء قواعد الحرية والديمقراطية والتداول الحر للسلطة. وعليه يؤيد الاتحاد انتفاضة الشعب العربي التي اندلعت في مختلف الدول العربية، وحقّ هذه الشعوب في المطالبة بالحرية والكرامة الإنسانية وحكم نفسها بنفسها.

وثمّن المواقف المبدئية لاتحادات وأسر الأدباء والكتّاب، «المساندة للمطالب الشعبية المشروعة، في كل من البحرين واليمن ومصر» بحسب تعبيره. وأدان الممارسات القمعية وأساليب القهر والاعتداء الجسدي والنفسي الذي تمارسه بعض الأنظمة العربية، ضد المتظاهرين السلميين العُزّل باستخدام أسلحة قمعية، واعتبر ذلك خروجاً على كل الأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تحفظ للشعوب حقها في التظاهر السلمي. وأهاب بالحكام الاستجابة لمطالب الشعوب، وحمّلهم المسئولية عن إزهاق أرواح أيّ مواطنين يتطلعون إلى مستقبل أفضل لبلادهم.

محلّيّاً، أصدرت القوى السياسية المعارضة بياناً مساء السبت الماضي، أكدت فيه أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة التي تعصف بالبلاد، وأن الإجراءات الأمنية والاعتقالات وسوء المعاملة على الحواجز الأمنية لن تحل الأزمة التي تتفاقم مع تزايد أعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين.

ورحّبت الجمعيات السياسية بالمساعي الخيّرة التي أعلن أكثر من طرف من الأشقاء رغبته بالمساهمة فيها، وعلى رأسها المساعي الكويتية. وتوقفت عند بعض العقوبات التي تتعرض لها عدة فئات، بسبب مواقفها السياسية، من بينها الطلبة المبتعثون في الخارج، الذين قررت وزارة التربية والتعليم توقيف بعثاتهم وإعادتهم، بما يهدّد مستقبلهم... إلى جانب ما يتعرض له العمال والموظفون من مضايقات تصل إلى حدِّ الفصل التعسفي.

شرق أوسط جديد تتحرك فيه الرمال فوق بحيرات عائمة من النفط والدم

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3125 - الأحد 27 مارس 2011م الموافق 22 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 3:45 ص

      يا عرب

      هذه آخرتنا نحن العرب، الدول الاجنبية تتحكم في بلداننا في تنصيب وعزل الحكام بعد كل هذه الاعمال المخلصة التي ادوها لهم.

    • زائر 5 | 3:05 ص

      145

      كلامه ما فيه شئ يا سيد .. فاصلاً هو مولود بعد الاستقلال وهذه التحركات لم نلحظها الا بعد الاستغلال فعلاً ..

    • زائر 4 | 2:04 ص

      ها قاسم ..

      شيتوري ؟؟ وحشتنا كتاباتك المتميزة

    • زائر 3 | 1:55 ص

      بحر من الآلام

      الله يساعدنا يا سيد على هذا الشرق الأوسط الجديد .......

    • زائر 1 | 12:15 ص

      كلام صحيح 100 %

      فعلا هذه اول تصريحات من روبرت غيتس يصدق فيها، حيث قال «الثورات التي تهز الدول العربية منذ مطلع السنة الجارية تشكّل أكبر موجة تحولات منذ سنوات الاستقلال، وربما حتى منذ سقوط الدولة العثمانية»،

اقرأ ايضاً