العدد 3129 - الخميس 31 مارس 2011م الموافق 26 ربيع الثاني 1432هـ

الحاجة إلى لقاء السحاب البحريني (2 - 3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

توالت عليَّ الردود والتعليقات بشأن «لقاء السحاب البحريني»، وكانت متفاوتة في تقبلها لما جاء بشأن ذلك اللقاء، بين مقتنع وممتعض. استوقفني بينها جميعاً واحد أعادني، وأنا بدوري أعيد القارئ معي، عشر سنوات إلى الخلف، عندما عرفت البحرين حالة كانت مختلفة في شكلها عن تلك التي نعيشها اليوم، لكنها تلتقي معها في الجوهر من حيث حاجتها إلى شكل من أشكال الوحدة الوطنية بين الطائفتين، وهو ما تم في ذلك اللقاء التاريخي بين قيادات الإسلام السياسي في البلاد في العام 2001، إثر التصويت على ميثاق العمل الوطني، وعلى وجه التحديد تلك الزيارات المتبادلة بين الشيخ عبدالأمير الجمري رحمه لله، مع الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة من جمعية الإصلاح، وما تبادلاه من عبارات مؤثرة حينها عكست في جوهرها رغبة القائدين في الانتقال من الحلول الطائفية الناقضة، إلى برامج العمل الوطني المتكاملة. لذا وجدت - مضطراً - أن أضيف حلقة ثالثة لهذه المقالة، نظراً لما ورد في تلك الملاحظة من مادة غنية تدفع بالطائفتين نحو الوحدة الوطنية، وسابقة سياسية موثقة تثبت أن انتصارات شعب البحرين، رهن إلى حد بعيد، بوحدة طائفتيه، ووقوفهما صفاً واحداً في وجه مشاريع تشطيرهما، وبرامج زرع الشقاق في صفوفهما. يقول الشيخ الجمري، كما وردني من صاحبة الملاحظة، في سياق تأكيده على أهمية الوحدة الوطنية، واقنتاعه بضرورتها، أثناء زيارته إخوته في جمعية الإصلاح «رأيت فيهم وفي المقدمة الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة والإخوة العلماء والأساتذة كل حفاوة وتقدير ما يساعد الإنسان على الاستمرار في هذا الطريق، وجدتهم يحتضنون زائرهم ومن يحب لقاءهم بقلوبهم قبل صدورهم وقبل أيديهم، وأحمد الله عز وجل أنني في آخر الخطاب الذي وفقت في إلقائه اقترحت تشكيل هذه اللجنة للتنسيق بين الطائفتين... و يؤخذ الشيء الذي تلتقي عنده الأفكار ثم يفعّل وتتخذ عناصر لهذه اللجنة وتعتمد بين الجميع ثم تتم ممارسة عملها ومهمتها في القريب العاجل إن شاء الله.... وأولى ثمرات هذا التنسيق بعد أسبوعين ستكون هناك إن شاء الله ندوتان بمناسبة المولد النبوي الشريف».

يرد الشيخ عيسى آل خليفة حينها، وكما جاءني من تلك السيدة أيضاً، في نطاق اتفاقه مع الشيخ الجمري فيما ذهب إليه مستعيناً بآيات من القرآن الكريم، وبمواقف تاريخية من الأئمة الكبار من أمثال الإمام جعفر الصادق (ع)، «لقد أثبت ربي في قرآنه العزيز الصفة التي يرضاها لعباده الصالحين فذكر لنا إبراهيم أنه كان أمّة وبذلك وجد لنا المثل للعبد الصالح لنقترب منه كلما أخلصنا النية لله وخلصنا أنفسنا من العبودية لغير الله... وألوان العبودية لغير الله كثيرة للمال والجاه والسلطة ونعيم الدنيا الزائل. وحسبي أن أقول إن شيخي عبدالأمير الجمري كان أمّة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين .... وترك لنا الشيخ عبدالأمير الجمري رسالة يجب أن تؤدى وهي توثيق عرى الأخوة الوطنية بين السنة والشيعة بل السعي إلى إيجاد المرجعية الفقهية المشتركة بين الطائفتين وهي لعمري رسالة الحاضر والمستقبل من علماء هذه الدولة المخلصين لجعل هذا الحلم حقيقة تجمع المؤمنين في هذه المملكة المنصورة في رؤية اجتهادية واحدة وأسوتنا في ذلك أوائل علماء هذه الأمّة فقد تتلمذ مالك بن أنس رضي الله عنه على يد أستاذه الإمام جعفر الصادق (ع)».

وقبل تناول الخطوات العملية التي يتوخاها المواطن الصالح ممن سيشاركون في "قمة السحاب البحرينية" المقترحة، لابد لنا هنا من الإشارة إلى مسألة في غاية الأهمية، وهي أن اللجوء إلى التيار الإسلامي، وفي هذا المنعطف التاريخي الحاد في مسار الصراع السياسي البحريني، ليس استجابة طارئة لموقف آني، أو انحيازاً عاطفياً تحت تأثير موجة سياسية دينية، بقدر ما هو بمثابة الاعتراف الضمني غير المعلن بفشل التيار الوطني الديمقراطي، في ممارسة دوره المميز في معالجة الأزمة، وبالتالي عدم قدرته على التقاط اللحظة التاريخية المناسبة، التي كان في وسعه الاستنجاد بها لتمييز نفسه عن التيارات الأخرى، وخاصة الإسلامية منها، بما يؤمّن له الحرية المطلقة في الحركة، ويضع بين يديه القدرة على الاستقطاب، دون الوقوع ضحية التيارات الأخرى التي كان التنافر بين ما كانت تدعو له، وما كان يبشر به الخط الوطني الديمقراطي واضحاً عند أكثر من محطة خلال الأعوام الأربعة الماضية، دع عنك إبان أحداث «دوار اللؤلؤة». لذا فنحن لا نفشي هنا سراً عندما نؤكد حقيقة بات الجميع يعرفها، ويردده ربما في صمت، أو في الغرف الموصدة الأبواب، وهي أن ذلك التيار، قد ارتضى لنفسه، ولظروف ليس هنا مجال الخوض فيها، أن يسلك الطريق الذي اختاره الإسلام السياسي، ومن ثم أضاع من أمامه فرصة تاريخية يصعب تكرارها في المستقبل القريب.

ليس ما أشرنا إليه، بطبيعة الحال، تقويماً موضوعياً كاملاً ومتكاملاً لدور ذلك التيار، ولا هو أيضاً محاولة للتقليل من دوره في تلك الأحداث، الذي هناك اختلاف كبير حول هذا الدور عند تقويمه، بقدر ما أردنا التنويه للسبب الذي يقف وراء اندفاع المواطن العادي إلى الاستنجاد بزعامات مؤسسات الإسلام السياسي، بدلاً من مخاطبة قيادات التيار الوطني الديمقراطي، كما شاهدنا ذلك في محطات بارزة في تاريخ البحرين المعاصر، سواء في منتصف الخمسينيات إبان بروز «هيئة الاتحاد الوطني»، أو خلال انتفاضة مارس 1965، تجاه القوى القومية والماركسية. ولعل في هذه الحالة التي نتحدث عنها اليوم ما يشبه الدعوة المبطنة غير المباشرة، كي يقرأ التيار الوطني الديمقراطي دوره بشكل صحيح في المرحلة القادمة أيضاً، التي نتوقع لها أن تكون شائكة ومعقدة، لسببين: الأول، لما ستفرضه طبيعة موازين القوى التي ستفرزها إجراءات المرحلة الأمنية التي لن تقل عن ثلاثة أشهر، والثاني، ينطلق من متطلبات المرحلة والبرامج التي ستحتاجها طبيعة الصراعات السياسية المقبلة

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3129 - الخميس 31 مارس 2011م الموافق 26 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 5:30 م

      كاتب مميز

      يتبع لما سبق
      فإن الأمر يعزز الطائفية ولايرتق هذا الصدع الذي يتفاقم يومًا تلو الآخر، وللأسف فإن الكثير من الناس صار يتصرف بلا أدنى وعي بل بدافع الغضب والنقمة
      نسأل الله أن يخر بلادنا من هذه الظلمة وألا يطول هذا الكابوس المخيف

    • زائر 12 | 5:28 م

      كاتبٌ مميز

      في الوقت الذي ننتظر فيه انفراجة كل صباح عن أملٍ يخرجنا من هذه البوتقة الحارقة، فإننا نستيقظ كل يوم على أخبار جديدة ترجعنا إلى الوراء خطوات بل فراسخ، حملات الفصل من الأعمال ومن الدراسة، والنقل التعسفي، وغيرها، كلها أمورٌ ستفاقم من حدة الاختناق السياسي لهذه الأزمة، فهي من جهة سترفع من نسبة البطالة، ومن جهة أخرى ستدفع هؤلاء البسطاء الذين لاذنب لهم سوى انتمائهم المذهبي إلى البحث عن أرزاقهم بشكل آخر، إن مثل هذه الممارسات كفيلة بتعزيز فكرة الطائفية...

    • زائر 11 | 5:12 م

      نحتاج للشجاعة والحكمة

      استاذي العزيز..أين ذهب عقلاء الأمة؟ أنا معك في الطرح ويجب التحرك بسرعة . يجب التحرك من خلال لطرح الذي طرحته وذلك من أجل تمهيد الأرضية المناسبة للحوار الذي قد يأتي لاحقاً. الجرح عميق..الوحدة الوطنية وتنقية القلوب وتعزيز الثقة من أهم الأولويات وهي جزء أساسي للحل ويجب إحترام الرأي والرأي الآخر ومسك العصا من الوسط إذا أردنا أن نصل إلى بر الأمان

    • زائر 9 | 6:02 ص

      هل من أمل للعقلاء أن يخرجوا البلد من هذا الوضع

      بعض الإجراءات يبدو أنها سوف تفاقم الوضع سوءا
      إن لم يكن هناك من العقلاء من يحاول وقفها.
      بالذات مسألة الفصل التعسفي الذي حصل لكثير من العمال هذا أمر في غاية الخطورة وسوف يفاقم الأزمة لأنه يجرّ الناس إلى أمور لا يستطيع احد التنبوء بها فأي إنسان إذا حورب في رزقه الذي هو في الأصل بالكاد يغطي أساسياته فإذا به
      يقطع لأ أعرف أي شعور ينتاب هذا الشخص إذا اسودت الدنيا في وجهه ورأى أفقا أسود أينما يتجه
      لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيقوم به

    • زائر 8 | 5:06 ص

      شكرا عظيما

      لذا فنحن لا نفشي هنا سراً عندما نؤكد حقيقة بات الجميع يعرفها، ويردده ربما في صمت، أو في الغرف الموصدة الأبواب، وهي أن ذلك التيار، قد ارتضى لنفسه، ولظروف ليس هنا مجال الخوض فيها، أن يسلك الطريق الذي اختاره الإسلام السياسي، ومن ثم أضاع من أمامه فرصة تاريخية يصعب تكرارها في المستقبل القريب
      شكرا عظيما استاذ على المقال الرائع

    • زائر 7 | 4:35 ص

      الوحدة الوطنية

      مع انه يجب ان لا نخير بين القيام بالشيء الصحيح و استخدام الطرق الصحيحة، بل يجب استخدام الطرق والسبل الصحيحة (الانسانية العقلانية العادلة القانونية) للقيام بالاشياء الصحيحة. ولكني الان علي استعداد ان اسلك اي طريق للوصول لهذه الوحدة الوطنية التي يتحدث الكل عنها، ويبدو ان الغالبية يعتقد انها لن تكون الا باللغاء الآخر. فاذا كان الجمري كما تصف، فأخبرني لماذا هجموا عليه في مقبرته وأزالوا القبة عنه؟! أليس خوفا من الوحدة الوطنية التي يمثلها. ....

    • زائر 6 | 4:33 ص

      بالضبط

      هو بمثابة الاعتراف الضمني غير المعلن بفشل التيار الوطني الديمقراطي، في ممارسة دوره المميز في معالجة الأزمة، وبالتالي عدم قدرته على التقاط اللحظة التاريخية المناسبة، التي كان في وسعه الاستنجاد بها لتمييز نفسه عن التيارات الأخرى، وخاصة الإسلامية منها، بما يؤمّن له الحرية المطلقة في الحركة، ويضع بين يديه القدرة على الاستقطاب، دون الوقوع ضحية التيارات الأخرى التي كان التنافر بين ما كانت تدعو له، وما كان يبشر به الخط الوطني الديمقراطي واضحاً عند أكثر من محطة خلال الأعوام الأربعة الماضية

    • زائر 5 | 3:48 ص

      لأكمل الموضوع بالنسبة للمعارضة

      المعارضة في غالبيتها عقلانية وأقول للبعض منهم السياسة هي فن الممكن فيا إخواني كما أن هناك أمور مطلوب من السلطة إصلاحها حتى تسير السفينة علينا نحن أيضا إصلاح بعض الأخطاء
      وتهذيب بعض الخطابات والإرتقاء بها إلى المستوى الذي يليق بنا كشعب مثقف صحيح أن لنا حقّ
      فيجب أن لا يخرجنا هذا الحق في التلفظ بألفاظ
      وشعارات ربما لا تخدم بكثر ما تعقد الأمور ولنحترم بعضنا وكما قال الإمام علي ع أكره لكم أن تكونوا
      سبابين. وأبرزوا ظلامتكم حتى لا يتمكن أحد من التصيد علينا حتى في صغائر الأمور نحن أصحاب حق

    • زائر 4 | 3:18 ص

      التحلي بالشجاعة والقفز على الجراح هي الحكمة

      الحكمة تقتضي أن نأخذ مما حدث دفعة ليصحح كل منا خطأه وأن نتسامى على الجراح من أجل بحرين
      أفضل. ذكر سمو ولي العهد وبعض رموز السلطة أن الوضع يحتاج إلى إصلاحات. لذك من أجل استقرار البلد يجب أن لا نتأخر في تلك الإصلاحات حتى
      تتأزم الأمور أكثر وتتداخل الأحداث وتصبح هناك متطلبات جديدة. هذا إن كان هناك من يسمع أو يستمع ومن يهتم لآراء الناس فنحن نمثل نبض الشارع وتجاهلنا آرائنا هو الذي أدّى بالظروف إلى
      أن تصبح سيئة لهذه الدرجة.
      نتمنى أن لا يصبح كلامنا وما نكتبه عبثا لا يؤثر في المسؤلين

    • زائر 3 | 2:43 ص

      ما آخر اخبار مجموعة اتصال لرأب الصدع وتهدئة الأوضاع

      جموعة اتصال» لرأب الصدع وتهدئة الأوضاع الرجاء السرعة في العمل لان الاوضاع في البحرين لاتحتمل التأخير وتشكرون على هذا العمل الوطني المخلص وسيرى الله عملكم ورسوله وسوف يرعاه ويثمره الثمرة الحلوة الصالحة للإجيال ويذكره التاريخ بكل استحسان ، انه سميع مجيب ..

    • زائر 2 | 1:43 ص

      التحزب والاحزاب لا تقود الي النجاة

      فكثيرا هي الشعوب بالعالم التى نفرت من الحزبية والتشكيلات والتلونات كونها استعصت علىيها حل كثير من الامور بل كرست الضغائن باللمز والهمز وخربت علاقات اسرية واجتماعية كانت تسود بكل اريحية وسلاسة وعفوية طبيعية غير مصطنعة فلا مناص من ان الاسلام هو الحل كوننا بيئة اسلامية قحة لا تجد حواليك الضغائن وتذوب فيه المشاكل وتنجع فيها الحلول

اقرأ ايضاً