قام المجلس الأعلى للقوّات المسلّحة بجمهورية مصر، باعتقال أحد المدوِّنين، وذلك نتيجة انتقاده القوّات المسلّحة المصرية، وتعد هذه سابقة خطيرة على المجتمع المصري بعد الثورة، وفقاً لما ذكرته منظّمة مراقبة حقوق الإنسان.

الاعتقال قد يؤخّر العمل بالفكر ولكنّه لا يلغي ما يؤمن به الإنسان، وعليه فإنّ القوّات المسلّحة تحتاج إلى مراجعة مواقفها من المدوِّنين في جمهورية مصر، إذ إنّ شباب مصر استطاعوا الإطاحة بنظام حسني مبارك عن طريق الفكر المنتشر عبر المدوّنات والشبكات الاجتماعية والتويتر، ولا نعتقد بأنّ مصلحة مصر الاعتقال، بقدر ما يجب عليها احتواء انتقادات المدوّنين الإيجابية والسلبية، حتى تخرج مما هي عليه اليوم.

لا نستطيع مع هذه الثورة التكنولوجية وسرعة وصول المعلومة، التعامل مع الفكر بالطريقة التقليدية ذاتها، فلقد تغيّر الزمان، وتغيّرت الأفكار، وأصبح الجميع في بوتقة العولمة ذات السلاح الأخطر في العالم!

جمهورية مصر تحاول الخروج من معالم الدمّار، لتبني مصر جديدة منفتحة، ولا يمكن الانفتاح إلا عن طريق معرفة أوجه القصور والنماء فيها، وقد تتجلّى من قبل بعض الشباب، الذين يظن بعض القادة بأنّهم تافهون وأصحاب فكر هدّام.

وقد تحتاج القوّات المسلّحة المصرية إلى العديد من الدراسات والبحوث للتعامل مع الأزمة الحديثة على المجتمع المصري، وأمّا قمع المدوّنين لن ينتج إلا زيادة الارتباط بما يحملونه من أفكار، سواء بنّاءة للمجتمع أو سلبية هدّامة له.

قالها سيدنا علي (رض): «لا تعوّدوا أبناءكم على عاداتكم، فإنّهم مخلوقون لزمن غير زمانكم»، والغرض من هذه العبارة، أنّ زمانكم وطريقتكم في احتواء الأزمة لا تناسب اليوم هذ الجيل الجديد، بل يجب التعامل معهم بشكل مغاير عمّا تعوّدتم عليه، فالقوّات المسلّحة عسكرية تتّبع نظاماً عسكرياً صارماً ممنهجاً منذ سنين عديدة، ولكنّها تحتاج إلى التعامل مع الناس الآن، في ظل الظروف التي تعيشها مصر، بطريقة أخرى قد تكون صعبة عليها، ولكنها بالتالي ستجلب الخير لأهل مصر، وهذا هو الهدف الأساسي.

الدولة - أي دولة - وجب عليها الاستفادة من الدول المتقدّمة في إدارة الأزمات، ووجب عليها الانفتاح على الرأي الآخر، فقد يكون هذا الرأي مخرّباً في شكله العام، ولكن في طيّاته يحمل أمراً مفيداً للمجتمع ومن يعيشون داخله