العدد 2451 - الجمعة 22 مايو 2009م الموافق 27 جمادى الأولى 1430هـ

رومانيا أرض الجبال والغابات والبحيرات

قصورها تحكي قصص القرون الوسطى

إذا ما رغب أحدنا في رؤية سحر الطبيعة في أوروبا، والتمتع بطقس أكثر اعتدالا في الصيف من صيفنا الحار، وأن يعيش تجربة مليئة بالتراث والحضارة والطبيعة الخلابة والقصص والأساطير، وكل ذلك بموازنة معتدلة، فإن رومانيا ستكون خيارا موفقا لهذه الإجازة.

رومانيا أرض أسطورة «الكونت دراكولا» مصاص الدماء الشهير، تقبع في الجزء الشرقي من أوروبا، ضمن ما يعرف بدول البلقان، ويعني اسمها «أرض الرومان». وهي بلدٌ يزخر بكل ما يمكن أن يبهر ويسحر زائرها، فالطبيعة التي لا يمكن وصفها بكلمة جميلة فقط، تتنوع ما يبن جبال ووديان، أنهار، بحيرات، ومحمياتٍ طبيعية. وعلى رغم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي منذ مطلع العام 2007، فإنها مازالت تحتفظ بخلطة حضارتها الخاصة التي لا تبتعد كثيرا عن أوروبا، ولا تنفي أثر الشرق فيها والمتمثل بشكل أساسي في تركيا وروسيا، في تكوين جزء من تاريخها. كما أن التطور الصناعي الكبير الذي تعيشه باقي دول أوروبا غير ملموس بالحجم نفسه فيها، فالريف والطبيعة وبساطة العيش مكون أساسي لدى شعبها.

تمتلك رومانيا ما يقارب الـ 15 قمة جبلية يفوق ارتفاعها 2000 متر عن سطح البحر، من أهمها قمة «مولدوفينو» الأعلى ما بين هذه القمم، وتشتهر بالمنتجعات الجبلية الـ 40 المنتشرة على سفوحها، التي لا تكتفي بموسم الصيف لجذب السياح لطبيعتها الجبلية المغطاة بغابات خضراء كثيفة، فموسم الشتاء يجذب هواة التزلج على الثلج إليها. ولا تلعب هذه الغابات دورا طبيعيا جماليا فقط، فزائر رومانيا سيتعرف على ما يسمى بـ «حضارة الخشب»، فبعض قرى هذه الجبال، مصنوعة بالكامل من خشب الغابات، البيوت والكنائس، والمحلات التجارية، وحتى الأدوات المستعملة في المنازل من أوان ومختلف أنواع الأثاث، مصنوعة من الخشب المزخرف بالنقوش، وتشيع في هذه المناطق صناعات غزل الصوف وتطريز الملابس.

وتُكمل لوحة الطبيعة الساحرة في هذه البلد هضابٌ وسهولٌ، هي أساسا امتداد لسلسلة هذه الجبال، ويتخلل هذه الهضاب عدد كبير من روافد الأنهار، الذي يعتبر نهر «الدانوب» أهمها، الذي يتحول إلى دلتا مكسوة بنباتات القصب في شرقي البلاد، التي تعتبر واحدة من أهم محميات الطيور الرومانية، فيعيش في هذه الدلتا ما يزيد على 330 صنفا من الطيور، كما أنها تشتهر بعيش أنواع أسماك نادرة في مياهها التي تصب في البحر الأسود.

وليست محمية الطيور في دلتا الدانوب الوحيدة في رومانيا، فهناك مجموعة من المحميات التي تزخر بعدد كبير من الحيوانات البرية الشرسة كالدببة والذئاب، والقطط البرية، والمستأنسة كالأرنب والماعز الأسود الجبلي، وغالبية المحميات تشرف عليها منظمة «اليونسكو» ضمن برنامج «الإنسان والبيئة».

ولا تقتصر السياحة المائية في رومانيا على الأنهار، فهناك 3500 بحيرة، 200 منها على قمم الجبال متشكلة من ذوبان الثلوج. وبالإضافة إلى البحيرات تشتهر رومانيا بعدد كبير من ينابيع المياه المعدنية الساخنة، المستعملة في علاج الأمراض، من بينها حمامات «هيركولانيه» القديمة في الجنوب الغربي، و «مانغاليا» و «ساتورن» على ساحل البحر الأسود.

وعلى رغم أن الطبيعة تبهر السياح بشكل كبير، فإن الثقافات التي تجتمع هناك، تشد الكثيرين، فينتشر في رومانيا التي تمتلك إرثا تاريخيا عريقا، وخصوصا من مرحلة القرون الوسطى، القصور التاريخية الضخمة، التي تشبه قصص الخيال، والمحولة في غالبيتها إلى متاحف تاريخية وعلمية وفنية، التي يعتبر قصر «دراكولا» الواقع على قمة هضبة مجاورة لجبال «براشوف» في وسط رومانيا واحدا من أكثر المعالم جذبا للسياح المحبين للقصص الخيالية والأساطير. بالإضافة إلى هذه القصور، هناك عدد كبير من الكنائس المزينة بالرسومات والنقوش الكنسية من الداخل والخارج، التي تسرد جانبا من النموذج الروحاني والديني للشعب الروماني التي يزيد عمر بعضها على 400 سنة.

كما أن الحياة الريفية حاضرة بشكل كبير، فهناك مجموعة من البرامج السياحية التي توفر فترات إقامة للسياح مع عائلات رومانية في بيوتهم ومزارعهم، ليعيش الزائر تجربة الحياة في بيئتهم بشكل مباشر، وكل ذلك بأسعار زهيدة جدا، بالإضافة إلى توافر ما يسمى بـ «الفنادق العائلية الصغيرة» في القرى، التي توفر جوا من الدفء العائلي، الذي يقرب من الأجواء التقليدية الأصيلة، لعل من أبرزها الوجبات التقليدية المنزلية.

ومع أن المطبخ الروماني متأثر عموما بالمطبخ الفرنسي والألماني، فإن هذا لا ينفي أن روائح التوابل التركية تفوح من بعض الوجبات القديمة المعروفة لديهم.

العدد 2451 - الجمعة 22 مايو 2009م الموافق 27 جمادى الأولى 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً